بقلم: الدكتور/ رضوى رمضان سيد رفاعي.
باحث – صحة الأغذية – مركز البحوث الزراعية – معهد بحوث الصحة الحيوانية – معمل فرعى أسيوط
يعتبر تناول الأسماك المملحة في مصروالعديد من المجتمعات العربية والشرقية من العادات الأساسية في الأعياد والمناسبات، التي يحرص عليها كثير من الناس وذلك في أعياد شم النسيم أو عيد الفطر المبارك وغير ذلك من المناسبات، وعلي الرغم من الفوائد الكثيرة لأنواع الأسماك المختلفة إلا أن طريقة إعداد الأسماك المملحه قد يكون عمله ذو وجهيين حيث انها قد تمتلك الكثير من المواد الغذائيه المفيده والفوائد الصحية الكثيرة أو على العكس من ذلك فقد تكون سببا في إصابتنا بالعديد من مسببات الامراض المنقوله بالغذاء.
الأنواع المختلفه للأسماك المملحه وطرق تحضيرها ونضجها وحفظها:
يعد نضج الأسماك المملحة عملية بيوكيميائية ينتج عنها تغيرات كيموطبيعية لأنسجة الأسماك وتحدث بواسطة الانزيمات التى تؤدى الى تحلل البروتينات والدهون معا. عملية تمليح الأسماك تتم ليس من أجل إضفاء الطعم والمذاق الجيد للأسماك فحسب ولكنها تهدف إلى حفظ الأسماك وقتل البكتريا الضارة حيث تعتمد فكرة الحفظ على سحب المحتوى المائى من الأسماك فوفرة الماء فى أنسجة الاسماك مسؤل بنسبة 80% عن فسادها فى وجود البكتيريا والإنزيمات المحللة ولكن عند وصول الرطوبة الى 25% يتوقف النمو البكتيرى ويقل النشاط الإنزيمي بدرجة كبيرة وبالتالي تقل مظاهر الفساد والتلف المتمثل فى القوام الرخو والمتفسخ او اللزج والرائحة الكريهة.
عند تركيز 6% ملح تتوقف معظم أنواع البكتيريا عن النمو إلا الأنواع المحبة للملوحة فلها القدرة على النمو فى التركيزات العاليه منه وقد أشارت نتائج البحوث العلمية الى وجود العديد من البكتيريا الملوثة للأسماك المملحه مثل Bacillus cereus الممرضة والتي لها القدرة على النمو فى تركيزات 12% ملح و بكتيريا Staphylococcus aureus الممرضة التي يمكنها النمو حتى 22 % ملح. كما تم عزل أنواع من البكتيريا الممرضة التي تحملت تركيزات عالية من الملح مثل Salmonella و Clostridium botulinum و Vibrio parahaemolyticus وهناك انواع من بكتيريا القولون التي ثبت وجودها مثل Escherichia coli و Shigella و كما ثبت وجود بكتيريا Micrococcus في الفسيخ.
هناك الكثير من أنواع الأسماك المملحة التي يحرص المستهلكين على شرائها في المناسبات المختلفه وتتنوع طبقا لطريقة تصنيعها أو إعدادها ومن أهمها: الفسيخ والسردين (يتم تمليحه وإضافة بعض المواد إليه التي تساعد على نضجه وحفظه)، والرنجة ( يتم تمليحه وتدخينه بطريقة ما حتى ينضج ببطء) والشهلية والملوحة ( تملح وتتعرض للنار أو الشوي بعد ذلك) والتونة المملحة وغيرها ويتم التمليح من خلال عدة طرق منها التمليح الجاف والتمليح الرطب والتمليح المختلط وقد يقوم بعض الناس بتصنيع تلك الأسماك في المنزل بدون خبرة كافية: فتكون غير مكتملة النضج أو التمليح وبالتالي تكون عرضة لنمو العديد من أنواع البكتريا الضارة التي قد تؤدي إلى العديد من الأمراض والمشاكل الصحيه. لذلك يجب أن تتم عملية التمليح في أماكن مخصصة لذلك من خلال عماله مدربة والتي يشرف عليها متخصصون في مجال الأغذية والصحة.
القيمة الغذائية للأسماك المملحة:
تتمثل فوائد الأسماك المملحة فيما يأتي:
-
ارتفاع نسبة البروتين و الحديد وفيتامين ب 12 والتي تساعد على تحفيز الجهاز المناعي للجسم و تكوين الهيموجلوبين بالإضافة إلى الوقاية من الأنيميا و تحفيز التئام الجروح.
-
الاحماض الأمينية تحفز تكوين العضلات في الجسم بسبب ارتفاع نسبة البروتين الذي يمد الجسم بالطاقة حيث 100 جرام من الأسماك المملحة تمد الجسم بحوالي 193 سعر حراري.
-
وتُعد الأسماك من أرخص المصادر البروتينىة عالية القيمة مقارنةً باللحوم الحمراء.
-
مواد مضادة للأكسدة تحمي الجسم من الأمراض.
-
الأحماض الدهنية غير المشبعة الغنية بالاومجا 3 واومجا 6 المفيدة لمرضى القلب وسلامة الشرايين والكوليسترول (Cholesterol) عالي الكثافة الدهنية (الكوليسترول الجيد) التى لها دورا اساسيا في الوقاية من اعتلالات القلب وسلامة الشرايين والوقاية من مرض الزهايمر.
-
الفيتمينات و المعادن المفيدة، مثل: والسيلينيوم وفيتامين هـ. لها دور في الحفاظ على حيوية و صحة البشرة و للوقاية من الأمراض السرطانية.
-
الكالسيوم الفسفور والماغنسيوم للحفاظ على صحة الأسنان وللحماية من هشاشة العظام وزيادة الطول أثناء النمو.
-
كما يساعد تناول الأسماك المملحة على علاج الإمساك وتنظيم عمل الجهاز الهضمي و يقلل من تأثير نزلات البرد والانفلونزا كما تعتبر الأسماك المملحة من الأغذية الفاتحة للشهية.
المشاكل الصحية التى تنتج عن تناول الاسماك المملحة.
لا ينفى كون الأسماك المملحه مصدر غذائي جيد أنها ربما تكون مصدر لبعض الأمراض أو التسمم الغذائى وهذا يتوقف على طريقة إنتاجها أو تصنيعها وتداولها فيما بعد حتى تصل ليد المستهلك، وصحة مستهلكيها تعتم في المقام الأول علي مدي سلامتها وجودتها .
و عموما هناك بعض الأشخاص يجب عليهم عدم أستهلاك الاسماك المملحة وعلي رأسهم مرضى الضغط المرتفع ومرضى الكبد و الكلى حيث يعمل الفسيخ والرنجة على تراكم الأملاح في الجسم، مما يؤثر سلبيًا على نشاط الكليتين.
الأطفال أقل من سنتين يجب عدم تناولهم للاسماك المملحة حيث أن الفسيخ قد يحتوي على بكتيريا ضارة مثل السالمونيلا والتي تؤدي إلى إصابة الأطفال بالتسم.
كيف تتجنب مخاطرتناول الأسماك المملحة ؟
يقدم الأطباء والمتخصصون في مجال التصنيع الغذائي العلاجية العديد من النصائح الواجب اتباعها من أجل تجنب المخاطر المحتملة جراء تناول الأسماك المملحة وفيما يلي أهم تلك النصائح:
1 – الحصول عليها من أماكن بيع موثوقه حتى تضمن سلامة تصنيعها أو إعدادها وطريقة حظها.
2- أن تكون أنسجتها متماسكة ورائحتها معتدلة غير نفاذه وخاليه من البقع والألوان غير المألوفة، وان تكون الزعانف متماسكه مع أنسجة الأسماك .
3 – تجميد الأسماك المملحة في الفريزر حوالي 48 ساعة أو قليها في الزيت لمدة لا تقل عن عشر دقائق لقتل الطفيليات
4 – إضافة الخل والليمون لقتل البكتيريا الضاره بصحة المستهلك، حيث أن هذا الوسط الحامضي لا يناسب وجود البكتيريا.
5 – يُفضل تناول بعض أنواع الأغذيه الغنية بالبوتاسيوم لتساعد على تخليص الجسم من الأملاح الزائدة البصل والخس والجرجير والبقدونس والموز والبرتقال والتفاح لثرائها بفيتامين “سي” ومضادات الأكسدة التي تعطي مناعة للجسم ضد الميكروبات.
6- يفضل تناول وجبة الأسماك المملحة دون أن يصاحبها أنواع أخرى من البروتينات حتى يمكن هضمها بسهولة دون التأثير على الكلى.
مما سبق يتضح أن للأسماك المملحه فوائد عديده اذا ماتم اتباع الممارسات الصحية الجيده أثناء التصنيع والحفظ والتداول وحتى أثناء الاستهلاك تجنبا لحدوث أي مخاطرعلي صحة المستهلك.