قدرة الفيروسات علي التحور و التكيف لمواجهة الجهاز المناعي و اللقاحات

بقلم: الدكتور / وسام حسن محمد ماضي

باحث أول بالمعمل المرجعي للرقابة البيطرية علي الإنتاج الداجني – معهد بحوث الصحة الحيوانية

الفيروسات

الفيروسات عندما تتكاثر و تنسخ نفسها و تنتشر يزداد احتمال تحورها و حدوث تغييرات فيها (طفرات) و الفيروس الذي يحدث فيه طفرة أو اكثر يسمي (متحور).

هذه الطفرات قد تؤثر علي خصائص الفيروس حسب مكان حدوث التغييرات في المادة الوراثية للفيروس فمن حيث الانتشارقد تجعل الفيروس أكثر او اقل انتشارا و قد تجعله ممرضا اكثر او اقل و قد لا تؤثر التغيرات الطفيفة علي عمل الفيروس.

ولمواجهة الفيروسات فإن جسم العائل يطور المناعة الطبيعية من خلال جهاز المناعة و التي تتمثل في انتاج الاجسام المضادة للفيروس او من خلال اللقاحات التي تحتوي علي اجزاء مضعفة او معطلة عديمة الخطورة من الفيروس آمنة و فعالة مما ينتج عنه استجابة مناعية ضد هذا الفيروس و العدوي الناتجة منه.

وتنتج مناعة القطيع او المناعة المجتمعية عندما يزداد تفشي و انتشار الفيروس او من خلال تطعيم عدد كبير من الافراد فتزداد نسبة المقاومة في المجتمع و التي تحد من انتشار المرض او تؤدي إلي توقفه نهائيا.

لماذا تتحور الفيروسات ؟

تتحور الفيروسات لتتكيف مع البيئة المحيطة بها وتنتقل بشكل أكثر فعالية من عائل أو مضيف إلى آخرو يمكن أن تتسبب الطفرات في تهرب الفيروسات بشكل أفضل من الجهاز المناعي واللقاحات و العلاجات كما أن الطفرة يمكن أن تساعد الفيروس في اكتساب سمات تساعده بشكل أفضل على التكاثر بسرعة أو الالتصاق بشكل أفضل بسطح الخلايا البشرية و علي أي حال فإن الطفرات الفيروسية يمكن أن تكون خطيرة ، خاصة إذا أصبحت أفضل بكثير في التهرب من دفاعات الاجهزة المناعية ، أو إذا تمكنت من التغلب على اللقاحات او العلاجات المتاحة و لكن في بعض الأحيان ايضا، يمكن للفيروسات أن تتطور أو تتحور بسرعة كبيرة بحيث لا تساعدها في تطوير سمات مفيدة للانتقال و الانتشار لذلك أحيانًا تحدث طفرة فيروسية تبدو وكأنها تظهر ثم تموت.

بعض الفيروسات يحدث فيها ما يسمي بالتنوع الجيني خاصة في الجينات التي تشفر البروتينات الموجودة علي سطح الفيروس مثل بروتين ال (S) في الكورونا و بروتين ال (HA) في الأنفلونزا و هذه الفيروسات يمكن أن تتكيف مع العائل الجديد و الظروف البيئية و تكون قادرة علي التهرب من الحماية المناعية المكتسبة سواء عن طريق العدوي السابقة او التطعيم.

الفيروسات تختلف في نوع الجينوم الخاص بها فمنها فيروسات الحمض النووي الريبوزي RNA)) و هي الفيروسات التي مادتها الوراثية عبارة عن الحمض النووي الريبوزي) حمض النووي الريبي( (RNA) مثل فيروس الأنفلونزا و الكورونا و فيروسات الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين (DNA) و هي الفيروسات التي تكون المادة الوراثية الموجودة فيها حمضًا نوويًا ريبيًا منقوص الأكسجين (DNA) مثل الجدري و تتمتع فيروسات ال RNA بمعدل طفرات أعلي من فيروسات ال DNA حيث تقوم فيروسات ال RNA بعمل آليات مختلفة للتنوع الجيني لبقائها علي قيد الحياة.

هناك ثلاث نتائج محتملة عند تحور الفيروس: عدم حدوث تأثير، أو ضعف الفيروس، او زيادة قوة الفيروس و يتم اكتشاف المتغيرات الجديدة للفيروسات عن طريق عمل التسلسل الجيني (gene sequencing)

لذلك يجب تطوير اللقاحات لتتكيف مع الفيروسات المتحورة و ذلك بطرق مختلفة منها علي سبيل المثال إدراج أكثر من سلالة للفيروس في اللقاح، أو تعديل في اللقاح أو إعطاء جرعات معززة من اللقاح تعطي بفترة زمنية فاصلة، كما أنه يجب أيضا عمل التجارب لتقييم أي تغيرات في فاعلية اللقاحات.