بقلم : دكتورة / دينا محمد وحيد شيبة الحمد
باحث أول بمعهد بحوث الصحة الحيوانية بقنا
تعدّ الكوكسيديا الدواجن مشكلة صحية عالمية في إنتاج الدواجن لما تتسبب به من خسائر مدمرة نتيجة تربية أعدد كبيرة من الطيور في القطيع الواحد و بكثافة،
وتتلخّص الآثار الاقتصادية للكوكسيديا في: انخفاض الربح الناجم عن سوء تحويل العلف،
و انخفاض النمو، و زيادة معدل الوفيات و تكاليف الوقاية أو العلاج. حيث قُدّرت التكاليف السنوية العالمية التي تسببها الكوكسيديا للدواجن بنحو 2 مليار يورو.
تعتمد الطريقة التقليدية للسيطرة على الكوكسيديا – و بشكل أساسي – على الوقاية الكيميائية التي بدت فعالة خلال العقود الماضية.
إلّا أنّ زيادة حدوث المقاومة ضد جميع الأدوية المضادة للكوكسيديا و الحظر المحتمل القادم الذي يقيد استخدامها قد ترك صناعة الدواجن مع تحدّ جديد للوقاية من الكوكسيديا والسيطرة عليها من خلال استراتيجيات بديلة.
أسبابها
طفيليات الكوكسيديا هي طفيليات تنتمي إلى Phylum Apicomplexa. وهناك سبعة أنواع من طفيليات كوكسيديا الدجاج و كلها من
نوع إيميريا:
1. إيميريا أسيرفيولينا،
2. إيميريا برونيتي،
3. إيميريا ماكسيما،
4. إيميريا ميتيس،
5. إيميريا نيكاتريكس،
6. إيميريا بريكوكس،
7. إيميريا تينيلّا.
المناعة
الطيور من جميع الأعمار معرضة لخطر الإصابة بالكوكسيديا. يستطيع الدجاج أن يبني مناعة بعد الإصابة باالكوكسيديا ولكن هذه المناعة تكون مخصصة لنوع معين من
أنواع الإيميريا؛ مما يعني أنّ هذا الطير معرّض لخطر الإصابة بأنواع إيميريا الأخرى.
كما و يتم اكتساب المناعة ضد أنواع الإيميريا تدريجيًا ولا تكتمل حتى يبلغ عمر الطير 7 أسابيع حيث تعدّ الـ 42 يومًا الأولى هي فترة الخطر الأكثر حرجاً.
تتداخل الأمراض المثبطة للمناعة – كمرض ماريك ومرض غومبورو وغيرها – مع تطور المناعة، كما و يمكن أن تكون الطيور المصابة بهذه الأمراض أكثر عرضة للإصابة بالكوكسيديا.
دورة حياتها:
تعدّ دورة حياة هذه الطفيليات مباشرة، حيث تبدأ عملها عندما يبتلع الدجاج حويصلات الطفيل المخصّبة من الفرش الملوّث، فتنتقل هذه البويضات إلى القناة المعوية، حينها تغزو الطفيليات خلايا جدار الأمعاء. ثم تحدث عدة دورات من التكاثر والتي تؤدي إلى تكوين حويصلات جديدة يتم التخلص منها في براز الطيور. و تتكيس هذه الحويصلات خارج جسم الطائر و تصبح معدية اعتمادًا على الظروف البيئية كدرجة الحرارة والرطوبة، كما و تستغرق الدورة بأكملها من 4 إلى 6 أيام. إنّ دورة الحياة القصيرة والمباشرة هذه و إمكانية التكاثر الهائل خلال المرحلة التي تحدث داخل الخلايا يجعلان هذه المجموعة من الطفيليات مشكلة خطيرة في ظل ظروف تربية الدواجن المكثفة.
الأعراض والصفة التشريحية
وقد تتأثر شدة إصابة الطير بالأمراض و تختلف من طير لآخر بفعل عدة عوامل:
1. نوع الإيميريا،
2. عدد الحويصلات التي ابتلعها الطائر،
3. الحالة المناعية للطائر. حيث يتناسب كلّاً من انخفاض معدل زيادة الوزن مع جرعة المرض تناسباً طرديّاً. يمكن رؤية الإسهالات المائية والمخاطية في وقت مبكر؛ أي بعد 4 أيام من التعرض للإصابة. غالبًا ما تتسبب العدوى الشديدة في حدوث أضرار و قد تؤدي إلى الوفاة في بعض الأحيان.
وتعد الايميريا تينيلّا السبب المعروف للكوكسيديا الأعورية أو “الدموية” والتي تصيب كلّاً من الأعورين. و في الحالات الشديدة قد تتطفل أيضًا على الأمعاء فوق وأسفل تقاطع الأعورين. حيث تخترق إيميريا تينيلّا النسيج المعوي و تؤدي بدورها إلى تلف الغشاء المخاطي و الطبقة العضلية. حينها يمتلئ التجويف الأعوري بالدم المتخثر و بقايا الخلايا الميتة.
الوقاية من المرض و مكافحته
لدى حويصلات الكوكسيديا قدرة كبيرة على مقاومة الظروف البيئية و المواد المطهرة، و بالتالي فإن القضاء على الكوكسيديا من بيوت الدجاج عن طريق إزالة الفرشة و التطهير و التعقيم غير كافٍ؛ لذلك يتم استخدام العديد من المضادات الحيوية أو مضادات الطفيليات.
الطرق المحتملة للوقاية من الكوكسيديا أو علاجها:
الأدوية المضادة للكوكسيديا، لقاحات حية ، بكتيريا نافعة ، تعزيز الجهاز المناعي و مزيج من الاستراتيجيات معاً
الأدوية المضادة للكوكسيديا
تُعطى مضادات الكوكسيديا في العلف للوقاية من المرض والخسارة الاقتصادية المصاحبة غالبًا للعدوى تحت الحادة. حيث يُفضل الاستخدام الوقائي فمعظم الضرر يحدث قبل ظهور علامات المرض، و ليس بإمكان الأدوية إيقاف تفشيه تمامًا.
يتم استخدام برامج مختلفة في محاولات لإبطاء المقاومة أو إيقافها، حيث هناك مقاومة واسعة النطاق لمعظم الأدوية. يمكن أيضاً اختبار الكوكسيديا في المختبر لتحديد المنتجات الأكثر فعالية.
فقد تكون تأثيرات الأدوية المضادة للكوكسيديا ذات تأثير تثبيطي بحيث يتم إيقاف نمو الكوكسيديا داخل الخلايا و لكن قد يستمر تطورها بعد ايقاف العقار.
أو قد تكون الأدوية المضادة للكوكسيديا ذات تأثير قاتل عليها حيث يتم قتل الكوكسيديا تماماً أثناء مراحل تطورها.
مقاومة مضادات الحيوية
لم يتم إدخال أي مضادات كوكسيديا كيميائية جديدة منذ عقود، كما تم توثيق مقاومة جميع الأدوية المعتمدة للاستخدام في الدواجن. لقد انتشرت مقاومة الكوكسيديا لمضادات الكوكسيديا الكيميائية و الأيونوفورية المتاحة على الرغم من أنه يمكن إبطاء هذه المقاومة باللجوء إلى برامج التبادل أو التناوب التي تستخدم مضادات كوكسيديا كيميائية و أيونية مختلفة. ستكون مضادات الكوكسيديا الغير مألوفة و ذات آليات عمل جديدة أهدافًا ضرورية إذا كان من الممكن تحقيق السيطرة على الكوكسيديا عن طريق العلاج الكيميائي في المستقبل.
لقاحات حية
تتطور المناعة المختصة بنوع معين من الكوكسيديا بعد الإصابة الطبيعية و التي تعتمد إلى حدٍ كبير على حجم و عدد حالات الإصابات، كما و تعتمد كذلك على حالة الجهاز المناعي. كما و تعتبر المناعة الوقائية بشكل أساسي هي المناعة الخلوية المسؤولة عنها الخلايا التائية.
تتكون اللقاحات التجارية من حويصلات حية متحوصلة لمختلف أنواع الكوكسيديا و التي تعطى بجرعات قليلة. حيث يجب إعطاء اللقاحات الحديثة المضادة للكوكسيديا للصيصان التي عمرها يوم واحد سواء في الفقاسة أو المزرعة، فيتم إصابة الدجاج بعترة اللقاح في المزرعة، حيث يعمل اللقاح على إصابة الطائر بالعدوى. تحتوي معظم اللقاحات التجارية على حويصلات حية من الكوكسيديا غير المضعّفة. كما و يتم إضعاف عترة لقاح الكوكسيديا عن طريق استخدام طبيعة المرض نفسه بدلاً من التضعيف البيولوجي. فبعض اللقاحات المباعة في أوروبا وأمريكا الجنوبية تشمل سلالات مخففة من الكوكسيديا.
مزيج من الاستراتيجيات معاً
لا يوجد حل سحري لمعالجة الكوكسيديا واستبدال استخدام العقاقير المضادة لها. لذلك يلزم استخدام مزيج من الاستراتيجيات التي لا تتطلّب مدة سحب.
يعد التطعيم استراتيجية جيدة لاستبدال مضادات الكوكسيديا لكنّه لا يوفر حماية ضد التهاب الأمعاء التنكرزي. لذلك من المهم أيضاً استخدام بكتيريا نافعة مع المطعوم لمنع التهاب الأمعاء، كما و يجب عدم إهمال استخدام منتجات لدعم اللقاحات كالبيتا جلوكان لتعزيز المناعة ضدها حيث تسرّع استجابة الجهاز المناعي للقاح.
يمكن استبدال مضادات الكوكسيديا من خلال استخدام بعض الحلول الغذائية بالإضافة إلى استخدام استراتيجية مشتركة تستهدف عدة جوانب من الكوكسيديا. حيث لوخظ أنّ أفضل حماية كانت عند استخدام بعض الحلول الغذائية التي تعزز المناعة وتمنع التهاب الأمعاء التنكرزي كما و تقضي على الكوكسيديا جزئيًا مع استمرار السماح لبعض حويصلاتها بالبقاء لبناء المناعة. توفر العديد من المكونات المشتقة من النباتات تأثيرًا مضادًا للطفيليات ويمكن استخدامها بالعلف بالاشتراك مع البكتيريا النافعة .ومن أهم هذه المشتقات النباتية ( نبات الزنجبيل ).
حيث أن الزنجبيل هو أحد هذه النباتات الطبية (Zingiber officinale) هو عشب ودواء منذ فترة طويلة معروفة للجمهور، ومن المعروف أن جذور الزنجبيل تحتوي على زيت الأوليوريسين والزيوت الأساسية بنسبة 1-3٪. و تشير الأبحاث الأولية إلى أن تسعة مركبات موجودة في الزنجبيل قد ترتبط المركبات الموجودة في الزنجبيل بالسيروتونين المستقبلات التي قد تؤثر على وظيفة الجهاز الهضمي. وقد أجريت الأبحاث في الاختبارات المعملية تبين أن مستخلص الزنجبيل قد يتحكم في الكمية الحرة للجذور وبيروكسيد الدهون . رائحة ونكهة مميزة من الزنجبيل ناتج عن مزيج من الزنجرون والشاجول والزنجرول . ان الزنجرول يزيد من حركية الجهاز الهضمي ولها مسكن ، مهدئ ، خصائص خافضة للحرارة ومضادة للبكتيريا ، مضاد للفطريات ، مضاد للطفيليات ، مضاد للفيروسات ، مضاد للأكسدة .وقد وجد ان استخدام الزنجبيل على شكل مسحوق 10 مجم / كجم من وزن الدجاج يمكن أن يقلل من مرض الكوكسيديا.
فوائد الاستراتيجيات البديلة:
- التقليل من استخدام المنتجات الأيونوفورية
- عدم تطبيق مدة السحب
- تقليل حدوث التهاب الأمعاء التنكرزي
- دعم لقاح الكوكسيديا
- تقليل استخدام العلاجات و الأدوية
- حل طبيعي للوقاية من مرض الكوكسيديا