المعادن الثقيلة فى الأحياء المائية وخطورتها على صحة الإنسان
المعادن الثقيلة
هى عناصر موجودة بالطبيعة ويتم تعريفها على انها تلك المعادن التى تمتلك وزنًا ذريًّا كبيرًا وكثافتها أكبر من كثافة الماء بخمس مرات وتتصف بانها ثابتة بمعنى انها لا تستهلك فى جسم الانسان خلال سلسلة الغذاء.
تنقسم المعادن الثقيلة الى قسمين :
⦁ قسم المعادن الضرورية (اساسية ) (essential): يجب ان تكون موجودة بالجسم بنسب محددة وتشمل الحديد ,النحاس,الزنك والمنجنيز.
⦁ قسم المعادن الغير ضرورية (non essential): وجودها بنسب قليلة جدا سامة للجسم.
وهذا ينطبق على الانسان والاسماك
تستخدم المعادن الثقيلة في مجالات الزراعة والطب والصناعة، ويحتوي جسم الإنسان بشكلٍ طبيعيٍّ على بعض هذه المعادن كالزنك والنحاس مثلًا لكن بمعدلاتٍ لا تسبب السّمية، بل تكفي لتساعد الجسم للقيام بوظائفه فى كميات محددة، ويحدث التسمم بها عند امتصاص أنسجة الجسم الملساء كمياتٍ كبيرة من معدنٍ ثقيل ما .
كل معدن لديه القدرة على التأثير على الجسم بطريقة معينة، وبينما تفيد بعض المعادن الجسم بطريقة معينة، قد ينتهي بعضها بإلحاق الضرر به، ويمكن أن تؤدي المستويات غير الصحية من المعادن الثقيلة في الجسم إلى التسمم بالمعادن الثقيلة، إذا تركت دون علاج، يمكن أن يؤدي التسمم بالمعادن الثقيلة إلى الوفاة أو التلف الدائم للجسم.
أشهر تلك المعادن هي الزئبق(Hg ) والرصاص (Pb) والكادميوم (Cd) والزرنيخ (As)، حيث يمكن أن يتعرض لها الإنسان بسبب تلوثٍ في الطعام أو الماء أو الهواء أو الأدوية أو مستوعبات الأطعمة المطلية بشكلٍ غير موافٍ للشروط الصحية، أو بسبب التعرض الصناعي لها، أو حتى بسبب أنواع الطلاء التي يشكل الرصاص أساسًا له.
تلوث المياه والأحياء المائية بالمعادن الثقيلة
تعتبر الأسماك ثروة إقتصادية وذات مصدر غذائي واسع الإنتـشار فـي مختلـف أنحـاء العـالم حيث انها رخيصة الثمن ذات قيمة غذائية عالية يحتاجهـا الجسم البشري فهي سهلة الهضم وتحتوي على سعرات حرارية وأحماض دهنيـة مشبعة منخفضة على عكس اللحوم الحمراء.
توجد المعادن الثقيلة بصورة طبيعية في النظام البيئي، ويرجع ارتفاع معدلات نسبها مؤخراً إلى المصادر الصناعية والنفايات الصناعية السائلة فى البحيرات والأنهار والأمطار الحمضية، والتلوث الحادث من النفايات الصادرة من الوقود بشكل خاص.
وقد أدى التلوث البيئ على المستوى العالمي إلى تلوث الأسماك بالمواد الضارة بالصحة (مثل المبيدات ومياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي) حيث أن مدى تلوث الأسماك في مكان ما يعطي دلالة قاطعة على مدى تلوث البيئة.
ومن أخطر أنواع التلوث بالمعادن الثقيلة هى الزئبق, الرصاص, الكادميوم, الزنك والنحاس نتيجة تراكمها داخل أعضاء الأسماك حيث تمتص هذه العناصر وتجّمُعها داخل أنسجتها.
ترجع خطورة المعادن الثقيلة إلى عدم قابليتها للتحلل وتسبب أضرار حادة ومزمنة لمختلف الأحياء المائية ويعتبر اسوداد الغشاء البريتوني في الأسماك أحد العلامات القوية على تلوث هذه الأسماك بالمعادن الثقيلة ويمكن ملاحظة ذلك عند تنظيف أمعاء الأسماك, وكلما كانت الأسماك كبيرة كانت لحومها أكثر خطورة لأنها تأكل الأسماك الصغيرة وبالتالي يزداد تراكم السموم بها.
وتعتبر الخياشيم أكثر أعضاء الأسماك تأثراً بملوثات البيئة المائية بسبب تماسها المباشر مع البيئة الخارجية فهى من المناطق النافذة للجسم وتشكل مواقع للتنفس وتنظيم الإسموزية, كما يعكس تراكم العناصر الثقيلة في أعضاء وعضلات الأسماك مقدار التلوث الحاصل في البيئة المائيـة وبالتالي يجب معرفة أسبابه ومصادره ومـن ثـم مراقبتـه ومنعه.
وتستخدم الاسماك كمؤشر حيوى لتلوث المياه حيث تستخدم الأسماك البحريــة وأســماك الميــاه العذبــة كمؤشــراً أو دلــيلاً حيويــاً في برامج المراقبة البيئية لمعرفـة مـدى تلـوث البيئـة المائيـة بالعناصر الثقيلة التـي تعيش فيها، وذلك بـسبب إنتقـال العناصـر الثقيلـة عبر سلسلة الغذاء، حيث تدخل العناصر الثقيلة إلى السلاسل الغذائية المائية وخاصة الأسماك إما بصورة مباشرة عن طريـق الغذاء أو غير مباشرة عن طريق الخياشيم وينتقل التأثير السام للمعادن الثقيلة من كائن إلى آخر عن طريق التغذية عبر السلسلة الغذائية ومن ثم تصل هذه العناصر إلى الإنسان المستهلك الذي يقع في قمة الهرم الغذائي, كما أن للأسماك القابلية على تركيز الملوثات بدرجة أعلى من المياه والرواسب بسبب تغذية الأسماك على الكائنات الصغيرة والمواد العضوية الموجودة فـي البيئـة المائيـة.
تنجم خطورة المعادن الثقيلة من قدرتها على التراكم في أجسام الكائنات البحرية مثل: الأسماك والقشريات، كما أن استهلاك كميات كبيرة منها تحتوي على تركيزات عالية من المعادن الثقيلة يؤدي إلى تسمم الإنسان وهو المستهلك النهائي لتلك الكائنات وهو ما يعرف (بتسمم المعادن الثقيلة), حيث تتراكم داخل الجسم بشكل أسرع من انحلالها من خلال عملية التمثيل الغذائي (الأيض) أو إخراجها.
فى عام 1932 , تم تصريف مياه الصرف الصحى فى اليابان والتى كانت تحتوى على نسب عالية من الزئبق فى ميناء مينيماتا والذى نجم عنه التراكم الحيوى للزئبق فى الكائنات البحرية وبالتالى ظهور حالات من التسمم عام 1952 والتى عرفت باسم عرض مينيماتا Minimata syndrome))
مـن المعـادن الثقيلـة شـديدة السـمية، يحدث التسمم بالكادميوم نتيجة تناول أغذية أو مشروبات ملوثة بتركيزات كبيرة من المعدن مثل 16 مليجرام/لتر أو /كجم وتظهـر أمـراض التسـمم بـه بعـد عدة سنوات وبعد تراكم كميات كبيرة فى الجسم.
وتحــــدد منظمــــة الصــــحة العالميــــة الحــــد الأعلــــى المســــموح تناولــــه مــــن الكــــادميوم )٤٥٠ ميكرو جرام/للفرد), ويجب ألا تتعدى نسبة الكادميوم فى الأسماك ومنتجاتها عن ١٠٠ جزء فى البليون.
الكادميوم يذوب في الماء ويتراكم في النباتات والأسماك والحيوانات، ويوجد بنسبة عالية في الأسماك فى الكبد ,الكلى والخياشيم، لذلك فإن التعرض لهذا المعدن ولو بنسب قليلة ومستمرة لفتره طويلة يؤدي إلى مشكلات في الكلى وأمراض الرئتين وهشاشة العظام، وحدوث ضغط دم مرتفع مع مشكلات في وظائف الكبد، وتحطيم خلايا المخ، وبالإضافة إلى ذلك، الكادميوم هو مادة مسرطنة محتملة.
يؤدى التسمم فى الاسماك الى تغير الوظائف الفسيولوجية وتغير الخصائص الحيوية والكيميائية للانسجة وكذلك تثبيط الانزيمات المضادة للاكسدة.
2 – الرصاص (Pb)
الرصاص أكثر المعادن الثقيلة من حيث حالات التسمم سنويًا في العالم، سواء للإنسان أو الحيوانات البرية والبحرية، حيث إن 50 % من المتناول يحصل له امتصاص لدى الرضع والأطفال الصغار، بينما الكبار من 5-10%.
في الوقت الحالي، يجب ألا يتجاوز الرصاص في مياه الشرب 5 أجزاء في البليون.
ارتفاع تركيز الرصاص في البيئة المائية وبالتالي الأحياء المائية ولاسيما الأسماك يـأتي من الأنشطة الصناعية والبشرية، ومن أهم مصادر التلوث بالرصاص هى مـصانع البطاريـات والأنابيـب المستخدمة في نقل مياه الشرب وإلقاء بعض المخلفات الصناعية.
والتأثيرات السامة التي يُحدثها الرصاص بجسم الإنسان تشمل العديد من الأجهزة مثل الجهاز العصبي والإخراجي الكلوي والجهاز الدوري (الدم) ويمتد التأثير ليشمل الأنشطة الكيميائية الحيوية بالكائنات الحية المتأثرة بالرصاص.
يتركز التسمم بالرصاص في العظام والدم والكلى والدماغ والغدة الدرقية، ويسبب قصورًا في عملها، كما يؤدي إلى التخلف العقلي عند الأطفال، وإذا كانت الجرعات التي تم التعرض لها كبيرة، فإنه يؤدي إلى تشنجات عصبية قد تنتهي بالموت، كما يعد الرصاص أيضًا مادة مسرطنة محتملة.
من أهم أعراض التسمم : الأنيميا, الهزال, فقدان الشهية وتلون اللثة باللون الأزرق عندما تصل نسبة الرصاص فى الدم إلـى ٦,٠ – ٨,٠ جـزء فـى المليون بينما في الحالات المتقدمة يؤدى إلى الفشل الكلوى, وقـد تصـل نسـبه التلـوث فـى الأسـماك إلـى ٢٠٠٠ جـزء فـى المليـون.
وتقتـرح منظمـة الصحة العالمية الحد الأقصى المسموح به أن يكـون ٥٠٠ جـزء فـى البليـون فـى الأسـماك غيـر المعلبـة. بينمـا فـى الأسـماك المعلبـة فـى علـب صـفيح فقـد تصـل النسـبة إلـى ١٠٠٠ جـزء فـى البليون، وهذه الزيادة تنتقل من العلبة إلى أنسجة الأسماك.
3- الزئبق (Hg)
يعتبر الزئبق واحدًا من أكثر المعادن السامة التي تسبب مشكلات صحية عديدة، فمعظم الناس معرَّضون للتلوث بالزئبق من مصادر مختلفة، منها حشو الأسنان، والتغذية على الأسماك البحرية الكبيرة مثل التونا وغيرها. وتعتبر مياه الشرب ومياه الصرف الزراعي المختلطة بمخلفات المصانع هي أكثر مصادر التلوث بالزئبق في دول العالم الثالث.
يؤدى الزئبق إلى ضَعف الإبصار وفقد السمع، وحدوث مشكلات في الجهاز الهضمي والعصبي لتأثيره السام على الأعصاب، كما يؤثر على القدرة العقلية، ويؤدى تراكمه إلى حدوث فشل في وظائف الكبد والكلى وضَعف في حاسة السمع.
وتقتـرح منظمــة الصــحة العالميــة بــأن الحــد الأعلـى المســموح بتواجــده مــن الزئبــق فــى الأسماك هو ٥٠٠ جزء فى البليون, والقوانين الغذائية فى معظم الدول حددت نفس النسبة في الأسماك ويعنـى ذلـك عـدم تنـاول أكثـر مـن ٥٠٠ جرام سمك في الأسبوع لو احتوى هذا السمك على الحد الأعلى المسموح به مـن الزئبـق, وقـد وصـلت نسـبة الزئبـق فـى الأسـماك فـى اليابـان مـن ٥٠٠ إلـى ٢٠٠٠٠ جـزء فـي البليـون، لـذلك نوصي بالكشف عن العناصر الثقيلة عند إستيراد الأسماك من الأماكن الصناعية كاليابان وغرب أوروبا وخاصة أسماك الماكريل والتونة.
وكما ذكرنا سالفاً أن تواجد المعادن الثقيلة في الأسماك يعتبر تراكمي وبناء عليه فإن نسبة وجودها في الأسماك كبيرة الحجم والعمر (المصادة) والأسماك اللاحمة أكبر من الأسماك الصغيرة والعشبية والتي يتم تربيتها لفترة قصيرة قبل بيعها.
كيفية تقليل تناول المعادن الثقيلة في الغذاء والماء
⦁ تناوَل نظامًا غذائيًا متوازنًا مع مجموعة متنوعة من الأطعمة من كل مجموعة غذائية (الفواكه والخضراوات والبروتين والحبوب ومنتجات الألبان). لن يؤدي التنوع الغذائي إلى زيادة الفيتامينات والمعادن المتنوعة التي تتناولها فحسب؛ كما أنه سيخفف من مخاطر استهلاك المعادن الضارة التي قد تنشأ عن الإفراط في استهلاك طعام معيّن أو مجموعة غذائية معيّنة مع مرور الوقت.
⦁ إن معرفة بعض الأطعمة التي من المحتمل أن تحتوي على مستويات عالية من المعادن الثقيلة والابتعاد أو الإقلال من تناولها يمكن أن يساعد في تقليل مخاطر التعرض لذلك.
⦁ استخدِم أواني الطهي المخصصة للطعام، والتي يمكن أن تقلل من إدخال المعادن السامة إلى الأطعمة المحضرة في المنزل.
⦁ الكشف على المعادن الثقيلة فى الاسماك.
⦁ اضافة مادة السيلينيوم لاعلاف الاسماك لان له دور هام فى الحد من تاكسد الانسجةالذى تسببه المعادن الثقيلة .
