الذكاء الاصطناعي ودوره في تحقيق الاستدامة السمكية في مصر”التطبيقات والتحديات”

بقلم : الدكتورة / غادة عبدالعال ابراهيم

باحث اول معهد بحوث الصحة الحيوانيه

يُسهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تقييم استدامة صناعة الأسماك من خلال تحليل البيانات المتعلقة بتجمعات الأسماك وممارسات الصيد والعوامل البيئية، يُستخدم التعلم الآلي وتقنيات الذكاء الاصطناعي لتطوير نماذج تنبؤية تقديرية تساهم في تقدير مستويات المخزون السمكي في المستقبل وتحديد تأثير ممارسات الصيد المختلفة، وباستخدام هذه الأدوات والتقنيات، يمكن الحفاظ على استدامة مصايد الأسماك وتحقيق توازن بين احتياجات الصناعة والحفاظ على موارد الأسماك بطرق مستدامة.

الاستدامة البيئية والتحديات المستقبلية

تقوم تقنيات الذكاء الاصطناعي بدمج البيانات من مصادر مختلفة، مثل سجلات الصيد وأنظمة مراقبة السفن ومعلومات السوق، بهدف تحديد أنشطة الصيد غير المنظمة وتحليل استدامة سلسلة التوريد بشكل شامل، ويساهم الذكاء الاصطناعي في تحديد الأنواع المهددة والمعرضة للخطر، وذلك من خلال تحليل البيانات وتوفير رؤى قيمة تساعد في اتخاذ القرارات المستدامة، ولذلك بفضل هذه التقنيات، يمكن تعزيز استدامة صناعة الصيد والحفاظ على التوازن بين احتياجات الصناعة وحماية الموارد السمكية في المستقبل.

الجهود المستقبلية وتحسين إدارة الصيد

تشمل الجهود المبذولة لاستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في صناعة الصيد من اجل تعزيز استدامة الثروة السمكية: دمج الأبحاث العلمية وتقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث يتم تحديد الأنواع المهددة واتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على التوازن البيئي في المحيطات ، وتعتبر هذه الجهود خطوة مهمة نحو تعزيز الممارسات الصيد المستدامة والحفاظ على الثروة السمكية للأجيال القادمة حيث انها تعكس التزام الدولة بتنمية صناعة الصيد والمحافظة على البيئة البحرية الغنية في المنطقة.

تفتح تقنية الذكاء الاصطناعي (AI) حدودًا جديدة مع التجارب في مجال الثروة السمكية في مجال الحفاظ على البيئة، وكذلك تطرح حلولًا مبتكرة لبعض التحديات الأكثر إلحاحًا في هذا القطاع. ويُظهر هذا المجال الناشئ في مجال البحث والتطبيق كيف يمكن استغلال التكنولوجيا لحماية النظم البيئية البحرية وضمان ممارسات الصيد المستدامة وحماية سبل العيش لأولئك الذين يعتمدون على صناعة الصيد.

وتُستخدم تقنية الذكاء الاصطناعيايضا لتحليل كميات ضخمة من البيانات المجمعة من البيئات البحرية، بما في ذلك البيانات المتعلقة بأعداد الأسماك ونمط الهجرة والظروف البيئية. من خلال تفسير هذه البيانات، كما يمكن أن توفر تلك التقنية رؤى حاسمة لاتخاذ القرارات المستنيرة بشأن إدارة المصايد السمكية والحفاظ على البيئة.

ومن أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي في المجال السمكي:

1-مراقبة وتنفيذ القوانين ضد الصيد غير القانوني وغير المبلغ عنه وغير المنظم والذي يشكل تهديدًا كبيرًا للتنوع البيولوجي البحري واستدامة الثروة السمكية وخاصة ان الأساليب التقليدية لمراقبة وتنفيذ القوانين في مثل هذه الحالات تكون غير فعالة وتمثلاستهلاكًا كبيرًا للموارد بينما بالمقابل، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يحدث ثورة في هذا المجال من خلال تمكين تتبع وتحليل الوقت الحقيقي لأنشطة الصيد. فمن خلال خوارزميات التعلم الآلي، يمكن للذكاء الاصطناعي تحليل البيانات من مصادر مختلفة مثل صور الأقمار الصناعية وأنظمة تتبع السفن لاكتشاف الأنشطة المحتملة للصيد غير القانوني مما يعزز بشكل كبير قدرة السلطات على تحديد والتعامل مع الصيد غير القانوني وبالتالي حماية النظم البيئية البحرية وضمان استدامة المصايد السمكية.

2- هناك تطبيق آخر واعد للذكاء الاصطناعي في المجال السمكي يتمثل في مجالات التقييم: حيث يعد التقييم الدقيق للمخزون أمرًا مهما لتحديد حدود الصيد المستدام ومنع الصيد المفرط حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يبسط هذه العملية من خلال الانظمة  الالية لتحليل البيانات المتعلقة بأعداد الأسماك وبيئاتهاا مما يؤدي إلى تقييمات مخزون أكثر دقة وفائدة في الوقت المناسب، مما يساهم في استدامة المصايد السمكية.

3- استخدام الذكاء الاصطناعي لتوقع تأثيرات تغير المناخ على الثروة السمكيةفمن المعروف ان للتغير المناخي آثار عميقة على النظم البيئية البحرية، بما في ذلك التغيرات في توزيع الأسماك وإنتاجيتها. لذلك فمن خلال تحليل البيانات المتعلقة بدرجات حرارة المحيطات ومستويات الملوحة وعوامل بيئية أخرى، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصور التغيرات المحتملة في أعداد الأسماك ويوفر تحذيرات مبكرة بشأن التحولات في توزيع الأسماك مما يساعد إدارة المصايد علي التعامل الامن مع التغير المناخي والحد من تأثيراته على الثروة السمكية.

وفي هذ المجال فقد نجح بالفعل مجموعة من طلاب كلية الحاسبات والمعلومات بجامعة مصرالدولية، في تنفيذ فكرة جديدة وتقديمها مشروعا لتخرجهم لعام (2020) عن استخدام الذكاء الاصطناعى في التحليل والمتابعة الآلية لبيئة مزارع الأسماك في مصر. وقد تم مناقشة هذا المشروع في المؤتمرالدولى الرابع عشر لهندسة عين شمس لعام 2019 كبحث ضمن الأبحاث المشاركة في المؤتمر. وتم نشرالورقة البحثية للمشروع في الموقع الخاص (مهنية تقنية في العالم لتطوير التكنولوجيا لخدمة البشرية) ويهدف هذا المشروع لتخرج الطلاب إلى حماية المزارع السمكية من النفوق المفاجئ الذى يعتبر من المشاكل الأساسية التي تواجه المربين والمشرفين لعدم قدرتهم على اكتشاف أمراض الأسماك قبل حدوث الكارثة، ولهذا عمل الطلاب على متابعة حركة الأسماك بالأحواض على ثلاث مراحل.

في المرحلة الأولى، يحتوي البرنامج على جهاز (راسبيري باي) موصل بكاميرا، وأجهزة استشعار لقياس درجة الحرارة ومعدل الأكسجين والهيدروجين بالمياه حيث يستطيع هذا الجهازان يحصل على قياسات المستشعرات وصورالأسماك المتقطة بالكاميرات تحت المياه ومن ثم يتم تمريرالبيانات وتخزينها في جهاز الحاسب الآلى الذى يقوم بالمعالجة.

وفي المرحلة الثانية، تضمن المعالجة جزئين الأول متعلق بتبع الأسماك للكشف عن أي سلوك غير طبيعي في بيئة المزرعة والجزء الثانى يقوم بالكشف عن الأمراض من خلال الصورالدورية للأسماك ويبدأ الكشف عن  الأمراض عن طريق المعالجة المسبقة وتجزئة المناطق المصابة وأخيرًا التصنيف بينما يبدأ التتبع عن طريق الكشف عن الأسماك ويعرض إحداثيات الأسماك وتحليل حركتها باستخدام الذكاء الصناعي.  وأخيرًا يرسل النظام إشعارًا من خلال تطبيق جوال أو تطبيق ويب لإخطارمن يهمه الأمر بالتغيرات وظروف المزرعة البيئية  التي قد تهدد سلامة المزرعة.كذلك فان هذا البرنامج يمكنه متابعة كافة أعراض الأمراض التي تظهر من حركة الأسماك مثل سباحة الأسماك ببطء والحركة السريعة والمتقطعة والدائرية للأسماكفيما يسمي بظاهرة البرق، ومعناها إن السمكة تقوم بسباحة مفاجئة وبسرعة عالية جدًا وبشكل هيستيري من مكان لآخر قبل النفوق مما ينتج عنه بعدها حدوث خسائر فادحة في الإنتاج في المزارع السمكية.

التحديات التي تواجه الذكاء الاصطناعي في مجال الثروة السمكية

من جانب اخر فعلى الرغم من الإمكانات الهائلة للذكاء الاصطناعي في مجال الثروة السمكية الا ان هناك تحديات يجب معالجتهاوتشمل المسائل الخاصة بالخصوصية والأمان المتعلقين بالبيانات، فضلاً عن الحاجة إلى الخبرة التقنية لتنفيذ وإدارة أنظمة الذكاء الاصطناعي وكذلك فان هناك حاجة لإطارات تنظيمية يمكن أن توجه استخدام الذكاء الاصطناعي في الثروة السمكية وتضمن أن يتم استخدامه بشكل مسؤول وأخلاقي.

اخيرا فان استغلال قوة الذكاء الاصطناعي، يمكن ان تساهم في تحويل طريقتنا في إدارة وحفظ مصايدنا، وحماية التنوع البيولوجي البحري، وضمان استدامة صناعة الصيد. ولكن مع ذلك، سيتطلب ذلك بذلجهودا مشتركة للتغلب على التحديات وضمان أن يتم توجيه استخدام الذكاء الاصطناعي في الثروة السمكية بمبادئ الاستدامة والعدالة واحترام حقوق جميع الأطراف المعنية