تحسين جودة اللحم المفروم باستخدام مساحيق قشر الحمضيات أثناء الحفظ بالتبريد

بقلم: الدكتور/ محمد نبيل السيد عبدالقادر

باحث صحة أغذية – معمل بنها 

تعتبر اللحوم و منتجاتها من أهم مصادر البروتين عالي الجودة والتي تمد الإنسان أيضاً ببعض العناصر الغذائية الضرورية مثل المعادن و منها الحديد و الماغنسيوم و البوتاسيوم و السلينيوم و الصوديوم بالإضافة إلى إحتوائها علي مجموعة من الفيتامينات مثل فيتامين أ, فيتامين ب المركب وغيرها.

ونظراً لما تحتويه اللحوم من مواد غذائية أساسية مثل الأحماض الأمينية و الأحماض الدهنية التي تمد جسم الإنسان بالطاقة والقيمة الغذائية العالية، إلا أنها تساعد أيضاً في النمو السريع للجراثيم والملوثات الأخرى لإحتوائها على نسبة سوائل عالية، وذلك أثناء عمليات تصنيع اللحوم وحفظها بدون اتباع الممارسات الجيدة للحفظ؛ و لهذا، تم إضافة المواد الحافظة المختلفة والتي تعمل كمضادات اكسدة و/أو مثبطات لنمو البكتريا للحد من عمليات فساد اللحوم و تلوثها و ذلك لزيادة فترة الحفظ للحوم و منتجاتها.

و لكن، مع تقدم وتطور البحث العلمي، فقد اثبتت الدراسات أن للمواد الحافظة الصناعية تأثيرات ضارة على الصحة العامة وصحة المستهلك حيث أنها تحتوي علي مواد كيميائية ضارة تعرض الإنسان إلي الإصابة بكثير من الإمراض مثل الأمراض المناعية، والحساسية الغذائية وغيرها .

لذلك، كان الإتجاه نحو الحد من إستخدام هذه المواد في الآونة الأخيرة، و من هذا المنطلق فقد قام العلماء و الباحثين بمحاولة إيجاد بدائل للإضافات الصناعية و إستبدالها بمواد طبيعية و التي لها نفس الخصائص.

تعد الحمضيات هي أكثر المحاصيل وفرة في العالم، حيث تمثل قشور تلك الفاكهة حوالي 50 ٪ من الكتلة الأصلية للفاكهة، والتي يمكن استخدامها في الصناعات الغذائية من خلال إستخلاص مركبات الفلافونويد والزيوت العطرية إذ يمكن إستخدام هذه المواد كإضافات للاغذية لما تحتويه من مضادات أكسدة ومضادات الميكروبات والملونات والمنكهات.

و لذلك حظيت الحمضيات في الآونة الأخيرة بدراسات دقيقة ومتقدمة لما لها من أهمية كبيرة لخصائصها العلاجية حيث تستخدم في علاج إرتفاع ضغط الدم وإرتفاع الكوليستيرول، كما اثبتت الدراسات قدرة قشور البرتقال على منع إفراز مادة الهستامين التي تسبب الحساسية وبالتالي التقليل من اعراض نزلات البرد والانفلونزا، كما تعمل على تعزيز جهاز المناعة في الجسم لأنها تحتوي على فيتامين ج وفيتامين أ اللذان يدعمان الجهاز المناعي، والوقاية من الأمراض المرتبطة بالسعال والبرد والإنفلونزا و ذلك عن طريق تناولها في صورة فاكهه طازجه أو عصير أو مربي أو مكملات غذائيه.

كما يمكن استخدام مساحيق قشور الحمضيات لإضافة نكهة مميزة للغذاء والحلويات، كما يتم إضافته اثناء تتبيل اللحوم لما لها من قدرة على تحسين مذاق وتسوية اللحوم وزيادة مدة حفظ اللحوم المطهية لما لها من تأثير مضاد للاكسدة ومثبط لنمو الميكروبات المسببة لفساد الاغذية لاحتوائها على مركبات الفلافينويد وفيتامين ج وغيرها من المواد التي ثبت قدرتها على تحسين جودة اللحوم وزيادة فترة حفظها.

وقد استخدم القدماء الفاكهة الحمضية لعلاج بعض حالات التسمم الغذائي والتهابات المسالك البولية وقد وجِدَ له اثاراً فعالة مثبطة لنمو العديد من بكتريا التسمم الغذائي مثل الاستافيليوكوكس اوريوس والايشيريشيا كولاي.

كما أثبتت الدراسات زيادة التأثير المضاد للأكسدة والمثبط للنمو الميكروبي كلما زاد تركيز المادة الفعالة المضافة وكميتها حيث يزيد تركيز المركبات الفينولية مثل فلافينويد – فينولك اسيد و التانيك اسيد. وبذلك وجدت العديد من الدراسات أن قشر الليمون والبرتقال يعتبر مصدر هام للمواد المضادة لنمو الجراثيم مما يترتب علي ذلك من الحفاظ علي المواد الغذائية من نمو الميكروبات التي تسبب تلف الغذاء و أيضاً تساعد في الحد من حدوث الأمراض المنقولة عن طريق المواد الغذائية الملوثة بالجراثيم.

كما أوضحت الدراسات قدرة المواد المضادة للأكسدة المستخلصة من قشور الحمضيات على المساعدة في علاج حالات هشاشة العظام من خلال تحفيز بناء العظام لإحتوائه علي الكالسيوم والفوسفور.

كما سجلت حنان وداليا (2013)، فإن استخدام مسحوق قشر البرتقال أدى إلى تقليل العد البكتيري الكلي، وبكتيريا حمض اللاكتيك والعفن الكلي وتعداد الخميرة وإطالة العمر الافتراضي للحم المفروم مقارنةً بالمجموعة الضابطة؛ كما أدت إضافة قشور البرتقال والليمون إلى لحم الدجاج إلى انخفاض نسبة حمض الثيوباربتيوريك والمواد النيتروجينية الطيارة في العينات المعالجة، في حين أدت إضافة مسحوق قشور البرتقال والليمون بتركيز 2٪ إلى زيادة مدة حفظ العينات المعالجة إلى 15 يومًا اثناء التبريد.

كما سجل حقي و اخرون (2020) أن قشر البرتقال يحسن الخصائص الحسية والجودة الكيميائية للحم البقري عند التجميد من خلال خفض درجة الحموضة و تقليل الفاقد اثناء الطهي وخفض قيمة البيروكسيد وقيمة الأحماض الدهنية الحرة وبالتالي قيمة حمض الثيوباربتيورك.

نظرًا لنشاطه المضاد للبكتيريا ومضادات الأكسدة. كما يمكن استخدام مستخلص قشر البرتقال كمادة حافظة طبيعية وبديل للمركبات الكيميائية لزيادة مدة صلاحية اللحوم ومنع الفساد الميكروبي والتأثير على بعض ميكروبات التسمم الغذائي من خلال زيادة نفاذية الخلية البكتيرية وفقدان السيطرة على النفاذية الاختيارية لتعمل على تثبيط نموها وتقليل العدد الكلي للبكتريا وملوثات اللحوم.

و فيما يلي الطريقة الصحيحة لتجفيف قشر البرتقال والليمون للحفاظ على أعلى مستوى لمضادات الأكسدة والتي يسهل تنفيذها في المنزل حيث يتم إضافة مساحيقها إلى عدد كبير من الوجبات الغذائية مما يحسن مذاقها وجودتها:

1. يجب اختيار أنواع الثمار التي تتميز قشورها بالسماكة و أن تكون قد أتمت فترة نضجها.

2. تقشير القشرة الخارجية الرقيقة لثمار البرتقال والليمون، بعد غسلها جيداً، مع التأكد من عدم تقشير الطبقة الإسفنجية مع القشور لصعوبة تجفيفها بشكل صحيح بالإضافة إلى مذاقها المر.

3. يتم تقطيع شرائح القشور وتجفيفها في فرن كهربائي عند درجة (50-60 درجة مئوية لمدة 25-30 دقيقة) وتركها حتى تصبح القشور جافة.

4. يتم طحن القشور الجافة وتصفيتها بإستخدام مصفاة ذات ثقوب دقيقة للحصول على المسحوق الناعم والتخلص من الجزيئات الكبيرة.

وبذلك يصبح المسحوق جاهزاً لإستخدامه كإضافات ذات جودة عالية للحوم ومنتجاتها.

بالرغم من الفوائد العديدة لتلك المساحيق إلا أن لها بعض الاثار الجانبية واتي نلخصها في النقاط التالية:

• قد يكون من الصعب هضم تلك القشور والتي قد يسبب قوامها الصلب ومحتواها العالي من الالياف، خاصة قشور البرتقال، انتفاخات وامساك شديد.

• قشور البرتقال شديدة المرارة وغير فاتحة للشهية مما يجعلها تؤثر بالسلب على الخصائص الحسية للمنتج ولا تلبي رغبات المستهلك.

• طبقا لتقدير منظمة الصحة العالمية فإن معظم المبيدات تتركز في القشور حيث اثبتت الدراسات أن 95% من قشور الحمضيات تحتوي على بقايا مبيدات حشرية.

• إضافة إلى ذلك، قد يؤدي التلامس مع قشر الليمون او عصيره إلى التهاب الجلد الضوئي والذي يسببه تعرض تلك الثمار للاشعة فوق البنفسجية.

و فيما يلي نذكر بعض طرق تقليل متبقيات المبيدات من الفواكه والخضروات:

• الفرك: تُفرك ثمار الفاكهة الصلبة باستخدام فرشاة ناعمة لمدة 10 إلى 15 ثانية تحت الماء الدافئ قليلا.

• الغسيل: يمكن تقليل بقايا المبيدات الحشرية من الفواكه والخضروات عن طريق غسلها تحت تيار ماء جاري نظيف لمدة 10-15 دقيقة. كما يمكن غسلها بمحلول ماء مالح (تركيز 2%) وتكرارها 2-3 غسلات، والذي يزيل معظم بقايا المبيدات الحشرية التي تظهر عادة على سطح الفواكه والخضراوات.

• النقع: يمكن نقع الفواكه في محلول من الخل بنسبة 10% لمدة 15 دقيقة يتبعها الغسيل الجيد بالماء الجاري.

• التقشير: يمكن إزالة بقايا المبيدات الحشرية التي تظهر على سطح الفواكه والخضروات عن طريق تقشير القشرة الخارجية لتلك الثمار والتخلص من القشور.

جدير بالذكر ان استهلاك مجموعة متنوعة من الفواكه والخضروات يساعد في الحفاظ على نظام غذائي متوازن، كما يوصى بتجنب الاستهلاك المفرط للمبيدات الحشرية لمقاومة الافات الزراعية. من ناحية أخرى، يؤدي طهي الخضار على البخار إلى التخلص من معظم البقايا التي لا تتم إزالتها بالغسل أو التقشير.

كما ينصح بعدم استخدام أي صابون أو منظفات أو مواد كيميائية في تنظيف الفواكه والتي يمكن أن تترك بقاياها الضارة.

مراجع

2. حقي و اخرون (2020). تأثير مستويات مختلفة من مستخلص قشر البرتقال على جودة ومدة صلاحية عضلات لحم البقر أثناء التخزين المجمد. IOSR-JAVS ، 13: 43-56.