بقلم : الدكتورة / هدى محمد محمد قراعه
باحث أول طفيليات معهد بحوث الصحة الحيوانية بأسيوط
التعريف بالمرض: يعد مرض التوكسوبلازما (داء المقوسات أو داء القطط) من أهم الأمراض الطفيلية المشتركة بين الإنسان والحيوان و الذى يسببه طفيل أولى يسمى (توكسوبلازما جوندياى أو المقوسات الغوندية – Toxoplasma gondii) و تكمن خطورته فيما يسببه من اثار خطيره على السيدات الحوامل و الأطفال حديثى الولادة.
كما أنه تكمن خطورة هذا المرض في أن العديد من الأفراد أو الحيوانات المصابة قد تحمل الطفيل داخلها ولكن لا تظهر عليها أعراض مرضية إلا عند حدوث انخفاض فى مستوى مناعة الجسم فيحدث ما يسمى بالانتكاسة فتظهر الصورة الحادة للمرض بإلاضافة إلى أهمية المرض من ناحية الصحة العامة فإن له أهميه من الناحية الاقتصادية و قد يؤدى إلى خسائر كبيرة إذا ما ظهر في صورة وبائية فى الماشيه خاصة في البلدان التي تشكل فيها الأغنام ركناً اقتصادياً هاماً.
التعرف على الطفيل: يعد طفيل التوكسوبلازما جوندياى من الطفيليات الأكثر انتشاراً التى تصيب الماشيه و كذلك الإنسان كعائل وسيط بينما تكون القطط هى العائل النهائى أو الأصلى لهذا الطفيل.
تحدث العدوى عندما يبتلع العائل الوسيط (الإنسان أو الحيوان) الماء أو الطعام الملوث بالأكياس البيضية الناضجه المعديه للتوكسوبلازما ((sporulated oocysts التى تخرج مع براز القطط المصابه فى صوره أكياس بيضية غير ناضجه (unsporulated oocysts). تتميز الأكياس البيضيه للطفيل بأنها شديدة المقاومة للظروف البيئيه المحيطه بها حتى للجفاف كما يمكن أن تعيش على الأسطح الجافة لأسابيع أو حتى شهور.
طرق انتقال العدوى: ينتقل المرض إلى الإنسان عن طريق تناول الأغذيه أو المياه الملوثه بفضلات القطط المصابه أو الماء أًو اللحوم النيئة أو غير المطهيه جيدًا المحتويه على الطور المعدي للطفيل أو التعرض لفضلات القطط المصابة حيث أن بعض الناس تهوى تربية القطط. أوملامسة التربة الملوثه بالطفيل أو تناول الفواكه أو الخضروات الملوثه الغير مغسولة جيداً. كما يمكن ان تنتقل العدوى للسيدات عند تقطيع اللحوم النيئه و اعدادها للطهى فى حاله وجود جروح فى اليد.
دورة حياة الطفيل: تعتبر التوكسوبلازما من الأمراض الطفيلية التي لديها دورة حياة معقدة. تتميز دورة حياة هذا الطفيل بأنها ثنائية العائل و تمثل القطط العائل النهائى أو الأصلى حيث يحدث فيها التكاثر الجنسى واللاجنسى بينما يعتبر الإنسان و الحيوانات و الطيور و الفئران هى العائل الوسيط والتى يتكاثر فيها الطفيل تكاثر لا جنسي فقط.
1- تخرج القطط المصابة الأكياس البيضية الغير ناضجه فى البراز ثم تتحول إلى أكياس بيضيه ناضجه خلال 24-48 ساعة لتصبح معدية. تقاوم هذه الأكياس البيضيه الظروف البيئيه المختلفه و بذلك يمكن أن تصيب الحيوانات أو الإنسان بالعدوى عندما يتم تناولها عن طريق الماء أو الطعام أو التربة الملوثه.
2- تحتوى تلك الأكياس البيضيه الناضجه (sporulated oocysts) على اثنين من الأكياس البوغية (السبوروسيست sporocyst)، كل منها يحتوي على أربعة أبواغ (الاسبورزويتات sporozoites). فعند حدوث العدوى تتحرر كل من الاسبورزويتات من الأكياس البيضية و بمجرد خروجها تقوم باختراق الخلايا المعوية والعقد الليمفاوية ، لتصبح الطور النشط (تاكيزويت Tachyzoite).
3- تتكاثر التاكيزويت بسرعة كبيرة وتنتشر في جميع أنحاء جسم العائل الوسيط عن طريق الدم أو السائل الليمفاوى كما يمكن للطفيل عبور المشيمة لإصابة أنسجة الجنين أو يمكن أن تتحوصل في الدماغ أوالكبد أوالهيكل العظمي أوعضلات القلب. تحتوي هذه الأكياس على الطور البطيء البراديزويتBradyzoite” ” التى تتكاثر ببطء. قد تكون الأكياس قابلة للحياة طوال مدة حياة العائل. وعند حدوث انخفاض فى مناعة جسم العائل يحدث ما يسمى بالانتكاسة فتتحول الأطوار البطيئة إلى أطوار نشطة وتعاود مهاجمة خلايا الجسم المختلفة. تتواجد التاكيزويت بشكل متكرر خلال المرحلة الحادة و البراديزويت في المرحلة المزمنة من العدوى.
4- تصاب القطط بالعدوى نتيجة تناول تلك الأكياس المحتوية على البراديزويتات حيث يتم هضم جدار الكيس بواسطة الإنزيمات المحللة للبروتين. ثم يتم إطلاق البراديزويتات لإصابة الخلايا المعوية. فإن التاكيزويت تتحرر و تصيب الخلايا المعوية وتبدأ في التكاثر اللاجنسي والتكاثر الجنسي. ثم يتم إخصاب الخلايا الكبيرة الحجم بواسطة أمشاج ذكورية (خلية متناهية الصغر) ، مكونة البويضة الملقحة التي تتحول الى تكوين الأكياس البيضية التى تخرج إلى الخارج عن طريق براز القطط لمدة قد تصل إلى أسبوعين وعند وجود الظروف المناخية المناسبة من الرطوبة ودرجات الحرارة يكتمل نموها فى البيئة الخارجية فتتحول إلى الطور المعدى (الأكياس البيضيه الناضجه) خلال ٧٢ ساعة وتبقى في التربة لها القدره على العدوى خلال فترة زمنية قد تقارب السنة وعند تناولها من قبل الإنسان أوالحيوانات أوالطيور تؤدي الى الاصابة.
المرض فى الحيوان: يمكن أن يصيب داء المقوسات مجموعة كبيرة ومتنوعة من الحيوانات ولكن القطط فقط هي العائل النهائي أو الأصلى. يقوم هذا الطفيل بعدوي الماشية و بخاصه الاغنام مسبباً حالات التهاب المشيمة و إلاجهاض.
المرض فى الإنسان: قد ثبت أن هذا المرض له آثار خطيرة على الإنسان خاصة السيدات الحوامل والأطفال حديثي الولادة و مرضى ضعف المناعة. قد يحدث هذا المرض بدون ظهور أعراض لدى الأشخاص الذين لديهم مناعة طبيعية و قد تعانى بعض تلك الحالات من التهاب الشبكية وتضخم الغدد الليمفاوية. يمكن أن يسبب المرض الإجهاض للسيدات الحوامل إذا كانت العدوى حادة أثناء الحمل حيث ينتقل الطفيل من الأم إلى الجنين عن طريق المشيمة وتكون خطورته في الشهور الأولى من الحمل مما قد تؤدي إلى وفاة الجنين أو حدوث تشوهات خلقية فى المواليد (استسقاء الدماغ) كما قد تحدث الاصابه بالعمى أو التخلف العقلي أوالصرع. بالاضافه الى أن مرضى نقص المناعة (مرضى الإيدز) و المرضى الذين أجريت لهم زراعة الأعضاء و مرضى السرطان هم الاكثر عرضة للاصابه بهذا المرض. و قد يكون هذا المرض قاتلاً للأفراد الذين يعانون من نقص المناعة.
أعراض الإصابة فى الإنسان: ارتفاع في درجة الحرارة و إصابة الغدد اللمفاوية يصحبه صداع و ضيق و شعور بالتعب و رعشة و الذي قد يوحي بالإحساس بأعراض الأنفلونزا .الأعراض المصاحبه للعدوى الحادة فى العادة تنتهي خلال عدة أسابيع بالرغم من أن اعتلال الغدد الليمفاوية يستمر لبعض شهور. يمكن أن تكون الإصابة بهذا المرض مزمنة حيث أن البراديزويت تظل كامنة في الخلايا لعدة سنوات.
تشخيص المرض: يتم تشخيص مرض التكسوبلازما باستخدام العديد من الطرق المعمليه المختلفه و تشمل الفحص المجهري و حقن حيوانات التجارب) الفئران( و الكشف عن الأجسام المضادة للتوكسوبلازما في مصل الدم باستخدام الاختبارت السيرولوجية “ELISA و latex ” و الفحص الجزيئي بواسطة تفاعل البلمرة المتسلسل ” PCR”.
الوقايه:
– الطهو الجيد للحوم وغسل الأدوات المستخدمه في تقطيع اللحم و غسل اليدين جيداً بالماء والصابون بعد التعامل مع اللحوم النيئة. كذلك ينصح بغسل الفواكه والخضراوات جيداً قبل الاستهلاك و توعيه النساء الحوامل بعدم التعامل مع القطط أثناء فترة الحمل. كذلك التخلص الآمن والصحي للحيوانات و الأجنة النافقة و ذلك باتباع شروط الآمان الحيوي.
– التنظيف الجيد لأماكن تربيه القطط المنزليه و التخلص الصحى و الأمن من مخلفاتها بالغلى أو الحرق أو المطهرات القويه. و الفحص الدورى لبراز القطط و علاج المصاب منها.
– مكافحه القطط الضالة و الفئران و بخاصة فى المزارع و أماكن رعى الماشيه حيث أنها مصدر هام للعدوى.
– إرتداء القفازات الواقيه عند القيام بأى أعمال فى الحدائق المنزليه و كذلك عند تنظيف الأماكن التى تتبرز فيها القطط.
– إرتداء القفازات الطبيه الواقيه عند تقطيع اللحوم النيئه تحسباً لوجود اصابه بالتوكسوبلازما فى هذه اللحوم و انتقالها عن طريق أى جروح باليد.
– إرتداء القفازات الطبيه الواقيه عند الكشف على اللحوم أو التعامل معها فى المجازر و التخلص الأمن و الصحى من الاعدامات الكليه و الجزئيه.
العلاج:
⦁ العلاج فى الإنسان : بالبيريميثامين و مركبات السلفا. و الذي يتم بمعرفه و إشراف الطبيب البشرى المختص لتحديد الجرعات المناسبه و فى التوقيت المناسب لكل حاله على حده حسب ظروفها الصحية و العمرية
⦁ العلاج فى الحيوانات: فى الحالات الحاده لداء المقوسات يعطى السلفاديازين والبيريميثامين. على الرغم من أن هذه الأدوية مفيدة إذا تم إعطاؤها في المرحلة الحادة من المرض عندما يكون هناك تكاثر نشط للطفيل إلا أنها لا تقضي عادةً على العدوى.
⦁ العلاج فى القطط : عادة ما يتضمن العلاج دورة من المضادات الحيوية (الكليندامايسين – Clindamycin) بمفردها أو بالاشتراك مع (الكورتيكوستيرويدات) إذا كان هناك التهاب شديد في العين أو الجهاز العصبي المركزي. كما يمكن إعطاء تولترازوريل ، وبونازوريل ، وديكلازوريل لعلاج داء المقوسات الحاد، وكذلك لتقليل إفراز القطط من الأكياس البيضيه. و لكن للاسف لا توجد أدوية فعالة بشكل خاص في مرحلة البراديزويت..
المراجع:
(1) Jackson, M.H.; Huthinson, W.M. (1989): “The prevalence and source of Toxoplasma infection in the environment”. Advances Parasitol, 28, 55-105.
(2)Lopez A , Dietz, V J., Wilson, M., Navin, T R . Jones J L 2000 Preventing congenital toxoplasmosis. MMWR Recomm Rep. ;49(RR-2):59-68.
(3)Ortega Y.R. (2006): CHAPTER 5 Toxoplasmosis Food borne parasites book .109-133 (4)Dubey J P. 1991 Toxoplasmosis–an overview. Southeast Asian J Trop Med Public Health, 22:88-92.
(5)https://www.cdc.gov/dpdx/toxoplasmosis/
(6)Dubey, J.P. (2004): Toxoplasmosis—a waterborne zoonosis. Vet. Parasitol. 126, 57–72.
(7)Hiramoto, R.M.; Mayrbaurl-Borges, M.; Galisteo Jr A.J., Meireles, L.R.; Macre, M.S. and Andrade Jr, H.F. (2001): Infectivity of cysts of the ME-49 Toxoplasma gondii strain in bovine milk and homemade cheese (Infecciosidade de cistos de Toxoplasma gondii ME-49 em leite bovino e queijo caseiro). Rev Saúde Pública;35(2):113-118 113.www.fsp.usp.br/rsp.
(8)https://www.cdc.gov/parasites/toxoplasmosis/biology.html.
(9)https://en.wikipedia.org/wiki/Toxoplasmosis.
(10)http://www.irshadvetsu.com/blog/2014/12/toxo.
(11)http://www.sehha.com/diseases/id/Toxoplasmosis.htm.
(12)Montoya, J.G. (2002): “Laboratory diagnosis of Toxoplasma gondii infection and toxoplasmosis”. The Journal of Infectious Diseases. 185 Suppl 1: S73–82.
(13)Colville, J.L. and Berryhill, D.L. (2007): “HANDBOOK OF ZOONOSES: IDENTIFICATION AND PREVENTION.” by Mosby,Inc.,an affiliate of Elsevier Inc.
(14)Heymann, D.L. (2004): “Control of Communicable Diseases Manual”, 18th Ed. by the American Public Health Association.
)15) https://www.cdc.gov/parasites/toxoplasmosis/treatment.html
(16) https://www.msdvetmanual.com/generalized conditions/toxoplasmosis/toxoplasmosis-in-animals.
(17) http://www.aghnam.com.sa/vb/archive/index.php/t-3782.html.
(18)https://www.vet.cornell.edu/departments-centers-and-institutes/cornell-feline-health-center/health-information/feline-health-topics/toxoplasmosis-cats
