بقلم : الدكتور / سيد البدوي
دكتوراه في إدارة الإعمال ومدير عام شركة الأسد للأعلاف والتفريخ السابق
حققت قمة مجموعة بريكس للاقتصادات النامية، السادسة عشر، التي عقدت في الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر في قازان بروسيا بمشاركة 36 دولة،
تقدمًا لعمالقة اقتصاديين جدد مع 13 دولة شريكة، حيث ذكر البيان الختامي عددا من المشاريع التي
تهدف إلى تسهيل التجارة بين دول بريكس – بما في ذلك نظام دفع بديل للدولار.
بريكس
انطلقت القمة بمشاركة الدول الخمس الرائدة – البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا – وإضافة مصر وإيران والإمارات العربية المتحدة وإثيوبيا.
وكانت هناك العديد من الأجندات على الطاولة وخارجها، بما في ذلك منصة الدفع الجديدة، وإصلاح العلاقات بين الصين والهند، وكذلك الترحيب بدول شريكة جديدة.
خلال القمة، اعتمد زعماء مجموعة بريكس “إعلان قازان”، الذي لخص نتائج الاجتماع،
بما في ذلك موقفهم بشأن تنمية المجموعة والقضايا العالمية والأزمات الإقليمية، بما في ذلك تلك في أوكرانيا والشرق الأوسط.
وجاء في الإعلان أن دول بريكس ستواصل تطوير التعاون في مجالات السياسة والأمن والاقتصاد والمالية والثقافية والإنسانية،
وتعزيز الشراكة الإستراتيجية لجعل النظام الدولي أكثر عدالة.
وأكد الإعلان أن العقوبات الاقتصادية أحادية الجانب والثانوية تتعارض مع القانون الدولي، داعيا إلى إزالة تلك القيود التي لها آثار سلبية على المجتمعات.
إن استراتيجية بريكس في الساحة العالمية تتوافق مع مساعي الجزء الرئيسي من المجتمع العالمي، أو ما يسمى بالأغلبية العالمية.
وهذا النهج ذو أهمية خاصة في الظروف الحالية حيث تجري تغييرات جذرية حقيقية في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك تشكيل عالم متعدد الأقطاب.
أن مضاعفة عدد دول التكتل محاولة جيدة من جانب دول المجموعة من أجل تحقيق التوازن الاقتصادي،
وهي الخطوة التي لن تنجح في يوم وليلة لكنها تحتاج إلى سنوات قد تصل إلى عقود للوصول إلى عالم متعدد الأقطاب يزيد من قوة مجموعة بريكس.
قمة مجموعة بريكس
وأكد أن فكرة خلق اقتصاد عالمي متعدد الأقطاب، والتوازن في العلاقات الاقتصادية إضافة إلى تقليص من هيمنة الدولار الأميركي، كلها خطوات هامة نأمل الوصول إليها، لكن لن يكن حدوثه بسهولة.
كما ذكر أن الوصول إلى التوازن العالمي يتوقف على قوة الأطراف الموجودة في بريكس، مشيرًا إلى أن تلك القوة ستظهر من خلال ما يلي:
قدرة التكتل على زيادة الدول الأعضاء في المراحل المقبلة.
اتخاذ قرارات من شأنها تغيير بعض المفاهيم والمعادلات والعلاقات في الاقتصاد الدولي.
وفي إطار الحوار المتجدد بين الهند والصين، عمل بوتين إلى استخدام القمة للترويج لأنظمة الدفع البديلة – كجزء من الجهود المبذولة لتجاوز العقوبات الغربية.
وأيدت البرازيل، إحدى الاقتصادات الكبرى في المجموعة، فكرة إنشاء منصة دفع بديلة، قائلة: “إنه حان الوقت للمجموعة لإنشاء نظام دفع فيما بينها.
اقرأ أيضا : فكرة تبادل الحبوب الجديدة لدول البريكس تكتسب زخما
اقرأ أيضا : الصين تدعو إلى دور أكبر لدول البريكس وسط زيادة العقوبات الغربية
وعلى المستوى السياسي بالنسبة للشرق الأوسط:
دعا “إعلان قازان” الذي تبنته دول بريكس ، إلى وقف لإطلاق نار فوري وشامل بقطاع غزة، منددًا بالهجمات الإسرائيلية على أنشطة الإغاثة الإنسانية والبنى التحتية.
وذكر الإعلان أن الوضع المتدهور والأزمة الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة في تصاعد، وأن العنف في غزة والضفة الغربية تزايد بشكل غير مسبوق نتيجة العمليات الإسرائيلية.
وأكدت بريكس ضرورة الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الأسرى والمعتقلين المحتجزين بشكل غير قانوني من كلا الجانبين، وإيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق ووقف جميع الأعمال العدوانية.
ودعمت دول بريكس مبادرات انسحاب الجنود الإسرائيليين من قطاع غزة وتحقيق وقف فوري لإطلاق النار وزيادة المساعدات الإنسانية.
وحذرت بريكس من أن تصاعد الحرب في قطاع غزة يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة للغاية على المستويين الإقليمي والدولي. وأدانت في السياق الهجمات الإسرائيلية على لبنان، وطالبت بالوقف الفوري للأعمال العدائية.
وشدد الإعلان على ضرورة تهيئة الظروف لحل سياسي ودبلوماسي يحفظ سيادة لبنان ووحدة أراضيه ويحفظ السلام في الشرق الأوسط.
توسيع نفوذ بريكس فى جميع انحاء العالم:
أشار الإعلان أيضًا إلى أن مجموعة بريكس ستضيف 13 دولة كدول شريكة، وهو ما من شأنه أن يمثل تحولًا كبيرًا في المشهد الجيوسياسي حيث تسعى الكتلة إلى توسيع نفوذها في جميع أنحاء العالم.
وتشمل الإضافة الجديدة كدول شريكة الجزائر وبيلاروسيا وبوليفيا وكوبا وإندونيسيا وكازاخستان وماليزيا ونيجيريا وتايلاند وتركيا وأوغندا وأوزبكستان وفيتنام.
والدول المضافة حديثًا ليست مؤشرًا على عضوية رسمية في الكتلة، ولكنها توسع من فرصة التعاون من حيث التجارة والاستثمار وتطوير البنية التحتية وكذلك التوافق السياسي.
ما هي مكتسبات مصر من الانضمام الى مجموعة بريكس:
يحقق انضمام مصر لهذا التكتل العديد من المكاسب ويتيح لها العديد من الفرص الواعدة، لاسيما وأن مصر تمتلك علاقات اقتصادية وطيدة مع دول “بريكس” ذات الأسواق الضخمة والفرص المتميزة، مما يطرح التساؤل بشأن مكاسب مصر من عضويتها في تجمع “بريكس”، ورؤيتها لأولويات التجمع خلال الفترة القادمة.
وتعد عضوية مصر بتجمع “بريكس” فرصة سانحة أمام مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع دول مجموعة “بريكس”،
وزيادة حجم التبادل التجاري مع هذه الأسواق الضخمة، وكذلك جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة لمصر للعديد من القطاعات المهمة،
فضلًا عن زيادة حجم الصادرات المصرية لاسيما للأسواق الناشئة بالتجمع مثل البرازيل والهند وجنوب أفريقيا،
إلى جانب تكثيف التعاون في مجالات الطاقة والأمن الغذائي ونقل التكنولوجيا واللوجستيات.
اقرأ أيضا : هل تطلق مجموعة البريكس بورصة للحبوب تفيد التحالف في أكتوبر القادم ؟
اقرأ أيضا : دخول مصر مجموعة البريكس والتحول إلى اقتصاد الخدمات
وتهدف مصر من خلال انضمامها لتجمع “بريكس” لتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون والتنسيق بين دول بريكس،
ودعم آليات التنسيق حول إصلاح النظام الاقتصادي العالمي، ودفع الجهود لزيادة تمثيل الدول النامية في الأطر المالية والنقدية الدولية
بما يعكس تزايد وزنها الاقتصادي، بجانب تعظيم الاستفادة من المزايا التي تتيحها اتفاقيات التعاون والتبادل التجاري بين الدول أعضاء المجموعة،
لاسيما جذب الاستثمارات وفتح أسواق جديدة أمام الصادرات المصرية.
ومن أبرز المكاسب الاقتصادية المنتظرة من عضوية مصر بمجموعة بريكس ما يلي:
- توطيد العلاقات التجارية بين مصر ودول المجموعة، وزيادة الصادرات المصرية إلى أسواق دول بريكس، وبالفعل شهدت نسبة الصادرات المصرية لدول بريكس ارتفاعًا منذ انضمام مصر رسميًا في يناير 2024 للتجمع، حيث زادت الصادرات المصرية بنسبة 13% في الفترة من يناير إلى أغسطس 2024، لدول تجمع بريكس لاسيما الهند وروسيا والبرازيل.
- تعد عضوية مصر في تجمع بريكس فرصة للمنتجين والمصنعين المصريين، لتصدير المنتج المصري لدول بريكس لاسيما الأسواق الناشئة الرئيسة مثل الهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، وبالفعل زاد عدد من القطاعات الصناعية المختلفة في مصر من صادراتها لدول بريكس.
- أسواق دول بريكس الضخمة ذات فرص مميزة وواعدة للصادرات المصرية، ويمكن العمل على زيادة الصادرات المصرية لها مما يصب في هدف الدولة بتنمية حجم الصادرات.
- زيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة لدول مجموعة بريكس في مصر، تعد مصر سوقًا ضخمة وواعدة ومتعددة الفرص الاستثمارية، لاسيما في ظل جهود وإجراءات الدولة لتحسين مناخ الاستثمار في مصر وتقديم العديد من الحوافز للمستثمرين، ودعوتها للشركات الاجنبية لتوطين مشروعاتها في مصر للاستفادة من الموقع الجغرافي المميز لمصر، والعمالة الماهرة، والبنية التحتية المتميزة، والقدرة على النفاذ للأسواق الخارجية لاسيما الأسواق الإفريقية، وهو ما جعل مصر الوجهة الاستثمارية الأولى في القارة الإفريقية.
- تتيح عضوية مصر بتجمع بريكس المزيد من فرص جذب الاستثمار الاجنبي المباشر من في مصر، لاسيما في عدد من المجالات التنموية المهمة التي تستهدف الدولة المصرية، لاسيما قطاعات الرقمنة والتنمية الزراعية، والطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر.
- تسعى مصر أيضًا من خلال عضويتها لتجمع بريكس لتعزيز الروابط بين بريكس والقارة الأفريقية، مما يعود بالنفع المتبادل بين دول تجمع بريكس وكذلك دول القارة الأفريقية.
- تبادل الخبرات وتوطين الصناعة المصرية، إذ تسهل عضوية مصر في تجمع بريكس تبادل الخبرات والكفاءات مع دول المجموعة بشكل مباشر، لاسيما في مجال الصناعة والتكنولوجيا ومجالات التدريب المختلفة.
- توفير تمويل ميسر لمصر، نظرًا لتوفير مجموعة بريكس تمويلًا ميسرًا لأعضائه، من خلال بنك التنمية الجديد “New Development Bank” الذي تم تدشينه عام 2015، برأسمال نحو 50 مليار دولار، بهدف منح تمويل بشكل أسرع من البنك الدولي ودون شروط صارمة.
- تأمين الاحتياجات المصرية من السلع الاستراتيجية لاسيما القمح والأرز، مع إمكانية الحصول عليها بالعملات المحلية، وذلك نظرًا لأن تجمع “ بريكس” يستحوذ على حصة كبيرة تجارة الحبوب في الاقتصاد العالمي، لاسيما كل من روسيا والهند.
- زيادة حجم التبادل التجاري بالعملات المحلية، لاسيما وأن حجم تجارة مصر مع دول بريكس يقدر بنحو ثلث حجم تجارة مصر الكلي البالغ نحو 31 مليار دولار، لذا تسعى مصر إلى زيادة حجم التجارة مع مختلف دول مجموعة بريكس بالعملات المحلية.
تابع موقع قلم بيطري على صفحة “الفيس بوك ” اضغط هــــــــنا