بقلم: الدكتور/ سمر حمدى قاسم
باحث – وحدة بحوث النانو تكنولوجي- معهد بحوث الصحة الحيوانية – مركز البحوث الزراعية – مصر
يعد قطاع الثروة الحيوانية من القطاعات الاكثر حساسية وعرضة للتغيرات المناخية مسببا اضرارا اقتصادية واسعة علي المدي البعيد خاصة في الدول النامية التي تفتقر الي الموارد.
افادت نتائج دراسات صادرة عن المنظمة الدولية لصحة الانسان بان هناك علاقة وطيدة بين التغيرات المناخية وانتشار الاوبئة والامراض التي تؤثر علي صحة الحيوانات واوصت تلك الدراسات بعدم تجاهل مدي خطورة هذه التغيرات علي انتشار الاوبئة. التغيرات المناخية التي تشمل تغير درجات الحرارة، الرطوبة، الاحتباس الحراري والانبعاثات الغازية الضارة التي تؤدي الي تغيير نمط مسببات الامراض المتعارف عليه من حيث النواقل والعوائل للامراض الفيروسية خاصة ومدة ظهور الاعراض والاستجابة للعلاج.
كما ثؤثر التغيرات المناخية علي مناعة الجسم ومدي مقاومته للمسببات المرضية وزيادة فرص الاجهاد الحراري ومدي ارتباطه بنقص الانتاج من اللحوم والالبان وزيادة معدلات الاجهاض ووفاة المواليد وزيادة تعرض الحيوانات للعدوي البكتيرية والفيروسية مما يؤدي الي خسائر اقتصادية فادحة.
تعتمد احدي استراتيجيات مواجهة خطر التغيرات المناخية علي تكيف الحيوانات مع البيئة المحيطة وزيادة مقاومة الجسم قبل التعرض لدرجات الحرارة والرطوبة المرتفعة خاصة في البلاد الحارة او نقل الحيوانات من مكان لاخرباستخدام فيتامينات واضافات للاعلاف تزيد من مناعة الجسم وتقلل من حدة اثار الاجهاد الحراري.
من المتعارف عليه استخدام بعض الفيتامينات والادوية التي تساعد الحيوانات في التصدى الي موجات التغير المناخي والاجهاد الحراري مثل فيتامين (سي، ھ ، أ) وغيرها من المعادن ولكن هذه العناصر تعاني من عيوب واضحة لا تجعلها كافية للتصدى لاعراض الاجهاد الحراري ورفع المناعة وقائيا قبل التعرض للتغير المناخي ، وبناء علي ذلك توجب اللجوء لبدائل اخري كالمواد النانومترية للتغلب علي تلك العيوب.
تعتمد تقنية النانو علي استخدام مواد نانومترية متناهية الصغر يتراوح حجمها بين 1 الي 100 نانوميتر وذات خصائص فيزيائية وكيميائية من حيث الشكل والحجم ومساحة السطح المعرضة والشحنات الكهربائية مما يؤهلها للتطبيقات العلاجية مقارنة بالمواد التقليدية الاولية.
تستطيع المواد النانومترية ان تساهم في التصدي وتاهيل جسم الحيوان للتعامل مع التغيرات المناخية وتقليل الاثار السلبية الناجمة عنها خاصة المتعلقة بقلة استهلاك الطعام ونقص الوزن والمناعة ونقص الخصوبة وانتاجية الالبان واللحوم. تعمل المواد النانومترية كمواد وقائية وليست علاجية فقط اعتمادا علي خصائصها الفريدة حيث انه يتم اختزانها داخل انسجة الجسم المختلفة ليتم استخدامها علي المدي الطويل، كما تستطيع تلك المواد ايضا زيادة امتصاص الفيتامينات وسرعة الهضم وتقليل الفاقد وايضا قدرتها علي المرور من معظم الحواجز البيولوجية داخل الجسم مما يوفر تكلفة العلاج واستخدام جرعات كبيرة او متكررة ومعاناة الحيوان من تكرار حقن او اعطاء جرعات مرتفعة من المواد التقليدية.
هناك نماذج متعددة للمواد المستخدمة في حالات الاجهاد الحراري مثل اكاسيد المعادن النانومترية، البلوميرات الطبيعية او المصنعة والتي لها قدرة علي استهداف الخلايا المصابة مباشرة دون الاضرار بخلايا الجسم الطبيعية اعتمادا علي الجرعات المستخدمة وطريقة تناولها ومدة العلاج.
استحداث مصطلح طب النانو يعود الي استخدام تلك التقنية في المجالات المختلفة بطرق علاجية مبتكرة ونظرا لتفرد خصائصها وجب لفت الانتباه لامكانية استخدامها كاحدي الاستراتيجيات الواعدة للتصدى الي التغيرات المناخية واثارها المتمثلة في الاجهاد الحراري والتاثير علي خصوبة وانتاجية الحيوانات ومدي انتشار الامراض واستحداث الاوبئة ولتعظيم تلك الاستفادة توجب اجراء دراسات بحثية اولية عن سمية المواد النانومترية وتحديد الجرعات المستخدمة وتوزيع وامتصاص تلك المواد وتراكمها داخل انسجة الجسم المختلفة علي المدي القصير والبعيد وذلك ايضا لتقليل التاثير الضار عند التوسع في استخدامها.