بقلم : الدكتور / باسم رفعت نجيب
باحث أول – معهد بحوث الصحة الحيوانية
المسبب المرضي:
طفيل الساركوسيستس (المُتَكَيِّسَةُ العضلية Sarcocystis) هو طفيل أولى و حيد الخلية يتطفل اجباريا على عائلين ليكمل دورة حياته. عائل نهائي هو من آكلات اللحوم كالكلاب والقطط وعائل وسيط وهو من آكلات الاعشاب كالأبقار والجاموس والاغنام و الابل والخيول والطيور وكذلك الزواحف حيث يتحوصل داخل عضلات العائل الوسيط على شكل اكياس.
التعريف بالمرض :
الساركوسيست : هي حويصلات تصيب عضلات الحيوانات المختلفة والطيور والثدييات وكذلك الانسان. حيث تتركز هذه الحويصلات في العضلات النشطة في جسم الحيوان كالقلب و المريء و عضلات الرقبة و الوجه و الحجاب الحاجز و من الممكن ان تنتشر في عضلات الجسم كله في حالة العدوى الشديدة محدثة آلام عضلية و خسارة اقتصادية من ناحية الحكم على الذبيحة و الاعدام الكلي لها او الجزء المصاب. كما انها تفرز بعض التوكسينات الضارة بالإنسان والتي تؤثر علي جودة اللحوم وتقلل من قيمتها الغذائية ,كما أن هذه الحويصلات تجعل اللحوم غير مقبولة لدي الانسان لتناولها.
ينتشر طفيل الساركوسيستس في جميع انحاء العالم ويعود انتشاره في الحيوانات إلى نظام التربية فيزداد انتشاره في نظام الرعي المفتوح حيث تختلط فيه حيوانات المزرعة بالقطط والكلاب وتقل وتندر في النظام المغلق. يمكن أن يصاب الانسان كعائل اساسي بالإصابة المعوية أما الاصابة العضلية كعائل وسيط فقد سجلت حالات قليلة علي مستوي العالم.
خصائص حويصلات الساركوسيست :
الشكل : ذات شكل أنبوبي او بيضاوي في العضلات المصابة ومنها حجمان الكبير منها يرى بالعين المجردة مثل حبة الصنوبر أو الأرز و قد يصل حجمه الى 3 سم تبعا لعمر الحيوان حيث كلما كبر الحيوان او زاد عمر الاصابة كلما ازادت حجم هذه الحويصلات و الصغير منها لا يرى الا مجهريا تحت الميكروسكوب .
التركيب الداخلي : يمكن أن تري مجهرياً تحت الميكروسكوب حيث تتميز هذه الحويصلات انها مقسمة بحواجز من الداخل مكونه حجيرات وجدارها ذو بنية خاصة ، وتحتوي على عدد كبير من أجسام تسمي البراديزويت (Bradyzoites ) والتي يصل طولها الي 16-18 ميكرون ولها نواة كما أنها تحتوي على حبيبات عديدة. وأجسام أخري تسمي الميتروسيت (Metrocytes) أصغر منها في الحجم (11-13 ميكرون).
يوجد للساركوسيست أنواع عديدة قد تتعدى المائتي نوع ومع ذلك فهو يتميز بالتخصص فكل حيوان يصاب بأنواع محددة لا تصيب غيرها من الحيوانات سواء كان عائلا أساسيا أو وسيطا.
أهم الانواع التي تصيب الابقار وأكثرهم ضررا هي “الساركوسيستس كروزيي” وهو يسبب الاجهاض بالأبقار وكذلك “الساركوسيستس هومينز” وهو الذي يصيب الانسان كعائل أساسي.
وأهم الانواع التي تصيب الجاموس هي “الساركوسيستس فيوزي فورمز” وهي من النوع كبير الحجم وهي تنتشر بكثرة مما يجعل اللحوم المصابة بها منفرة وغير مقبولة للمستهلك.
وأهم الانواع التي تصيب الخنازير هي “الساركوسيستس سويهومينز” وهو النوع الذي يصيب الانسان أيضا كعائل أساسي.
وأهم الانواع في الخيول هي “الساركوسيستس نيورونا” حيث تسبب التهاب بالمخ والنخاع الشوكي للحيوان.
وفي الاغنام أهم الانواع هي “الساركوسيستس تينلا” وهي تسبب الإجهاض والشلل بالأغنام.
الإنسان
يعتبر الانسان عائل نهائي أو أساسي (العدوي المعوية) لنوعين من الساركوسيستس أحدهما يصيب الابقار و الثاني يصيب الخنازير. كما يعتبر ايضاً عائل وسيط حيث تتواجد حويصلات الساركوسيست في عضلاته وقد اسماها البعض ساركوسيستس ليندماني ولكن لم يحدد العائل النهائي لها وهي لم تسجل منها الا حالات قليلة علي مستوي العالم.
دورة الحياة:
ظلت دورة حياة الساركوسيست غير معروفة حتى عام 1972 وتتميز دورة حياة الساركوسيست بأنها غير مباشرة فهي تحتاج إلى عائلين وتنقسم دورة الحياة إلى اربعة مراحل كل مرحلتين تتم داخل عائل
أولا: دورة الحياة بالعائل النهائي:
تكون البداية عندما يبتلع العائل الأساسي كالقطط أو الكلاب أو الانسان لحوم مصابة بحويصلات الساركوسيست فتتحرر البراديزويت (المُتَباطِئَة Bradyzoites) من الحويصلات داخل الامعاء وتتم مرحلة التزاوج الجنسي أو تكوين الاكياس البيضية في الخلايا المبطنة لجدار الامعاء الدقيقة بعد ذلك تأتي المرحلة الثانية وهي نضوج الأكياس البيضية (Oocysts) وإخراجها مع البراز. والكيس البيضي يتكون من كيس خارجي بداخلة كيسين (الحويصلات البوغيّةSporocysts ) كل منهما يحتوي على اربعة اسبوروزيت (حيوانات بوغيّة Sporozoite) وقد يتكسر الكيس الخارجي وتشاهد الاكياس الداخلية كل منها على حدة. تظهر الاكياس البيضية في البراز بعد فترة 7-14 يوم بعد حدوث العدوي وتستمر لعدة اسابيع لشهور.
ثانيا: دورة الحياة بالعائل الوسيط:
تحدث العدوى للعائل الوسيط عندما يتناول الأعشاب أو الماء الملوث بهذه الاكياس البيضية وتتحرر الاسبوروزيتات من الاكياس بالأمعاء وتتم المرحلة الثالثة وهي مرحلة التكاثر اللاجنسي بالخلايا المبطنة للأوعية الدموية وتنتهي دورة الحياة بمرحلة تكوين الحويصلات بالعضلات و التي تصبح معدية بعد حوالي 75 يومًا من الإصابة.
أعراض الإصابة بالساركوسيست :
في الحيوان : تعتبر الاصابة بالساركوسيست بشكل عام غير ممرضة للعائل النهائي (آكلات اللحوم).
ولكن توجد بعض الاضطرابات المعوية من اسهال وقيء والام بالبطن.
أما في العائل الوسيط (آكلات العشب) تصاب العضلات بالحويصلات فتؤدي إلى التهاب العضلات وتورمها, التهاب اللسان ,فرط اللعاب وإفرازات الأنف وضعف الأطراف الخلفية ,كما يصاب الحيوان بالحمى, فقدان الشهية, نقص في الوزن, فقر الدم والهزال وسقوط الشعر.
قد تؤدي الاصابة بالساركوسيست إلى الاجهاض كما في الابقار والأغنام و نقص في انتاج اللبن.
وقد تموت بعض الحيوانات من شدة الإصابة. تحدث تشنجات عصبية بالخيول ناتجة عن التهاب المخ والنخاع الشوكي.
في الأنسان: لا توجد أعراض مميزة للإصابة بالساركوسيست، ومع ذلك فإن المرض له صورتان حسب نوع العائل:
⦁ صورة معوية وتكون علي هيئة إسهال وغثيان ونزلات معوية حيث تختلف شدة الاعراض حسب كثافة الإصابة
⦁ الصورة العضلية وتكون علي صورة حمي, التهاب عضلي حاد وآلام بالجسم, سعال واعراض تنفسية، صداع ، طفح جلدي.
التشخيص:
⦁ تشخص الاصابة بحويصلات الساركوسيست بالحيوانات (آكلات العشب) بعد ذبحها فإذا كانت من النوع كبير الحجم كما في الجاموس فهي ترى بالعين المجردة بعضلات المريء و القلب والحجاب الحاجز وباقي عضلات الجسم عندما تنتشر الاصابة أما في النوع صغير الحجم الذي لا يري بالعين بالمجردة (المجهري) فيتم تشخيصه معمليا عن طريق:
⦁ الفحص النسيجي للعضلات باستخدام التريكينوسكوب أو بوضع قطع صغيرة لا تتعدي حجم حبة الارز من النسيج العضلي بين شريحتين زجاجيتين وضغطهم وفحصهم ميكروسكوبيا.
⦁ باستخدام طريقة الهضم بالببسين أو التربسين وفيها يتم العثور على البراديزويت و الميتروسيت بعد صبغهم بصبغة الجيمسا.
⦁ كما يمكن أن تشخص الاصابة بالساركوسيستس في الحيوانات الحية عن طريق الاعراض الاكلينيكية وبعض الاختبارات السيرولوجية مثل اختبار الاليزا(ELISA) .
⦁ أما التشخيص في العائل النهائي فيكون عن طريق فحص براز القطط أو الكلاب أو الانسان للأكياس البيضية بطريقة التعويم البرازي. أو باستخدام اختبار تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR).
المكافحة والوقاية:
إن العائل الأساسي أو النهائي (آكلات اللحوم) يساهم بعدة عوامل في ارتفاع معدل الإصابة العضلية في العائل الوسيط (آكلات العشب) وهذه العوامل هي.
⦁ العائل النهائي يخرج ملايين الأكياس البيضية المعدية مع البراز ملوثا البيئة على مدى عدة أشهر.
⦁ تظل الأكياس البيضية المعدية حية لعدة أشهر في البيئة المحيطة حيث لها القدرة علي مقاومة الظروف البيئة القاسية.
⦁ تنشر الحشرات كالصراصير الأكياس البيضية المعدية من منطقة إلى أخرى مما يساهم في انتشار العدوي.
⦁ تحدث العدوي مناعة ضعيفة عند العائل النهائي لذلك يستمر في اخراج الأكياس البيضية المعدية في كل مرة يأكل فيها لحوم مصابة .
⦁ تكون الأكياس البيضية للساركوسيستس معدية فور خروجها مع براز العائل النهائي (آكلات اللحوم) على عكس التوكسوبلازما, الكوكوسيديا والنيوسبورا التي تحتاج فترة لتصبح معدية.
لذلك تعتبر الوقاية من العدوي في العائل النهائي هي المفتاح لمكافحة الاصابة بحويصلات بالساركوسيست وهي:
⦁ عدم السماح للكلاب والقطط (العائل النهائي) من دخول حظائر الحيوانات حتي لا تلوث الأعلاف والماء وأرضيات الماشية ببرازها حتى لا تنقل الطور المعدي للحيوان.
⦁ عدم تغذية الكلاب والقطط علي لحوم مصابة بحويصلات الساركوسيست.
⦁ تجنب وجود الكلاب والقطط بالمجازر لمنع إتمام دورة حياة الطفيل بها.
⦁ التخلص الآمن والصحي من الأجزاء المصابة بحويصلات الساركوسيست بالمجازر.
⦁ التشديد على عدم الذبح خارج المجازر المصرح لها بالذبح تحت إشراف بيطري للتأكد من الرقابة الجيدة واعدام اللحوم المصابة لضمان عدم تداولها بالأسواق.
⦁ التخلص الآمن والصحي من الحيوانات النافقة.
⦁ الفحص الدوري للكلاب والقطط المنزلية والمتواجدة في مزارع تربية الماشية أو المصاحبة لها اثناء الرعي وعلاجها باستخدام بعض الأدوية مثل الأمبروليوم والمونينسين والهالوفيوجينون والسالينوميسين والتي قد تمنع أو تقلل من عدوى الساركوسيستيس بها.
⦁ في الانسان يمكن منع الاصابة العضلية من خلال حماية الطعام من التلوث ببراز القطط والكلاب المصابة . كذلك غلي الماء قبل شربه في الاماكن الموبوءة.
⦁ لا يوجد علاج خاص بحويصلات الساركوسيست في الانسان او الحيوان لكن تستخدم بعض الادوية لتقليل حدة الاعراض المزمنة وكذلك التهاب العضلات مثل.
⦁ استخدام الكورتيكوستيرويدات لتخفيف الأعراض لتقليل الالتهابات
⦁ حقن مضاد حيوي واسع المدي اذ وجدت عدوى ثانوية
⦁ لا توجد لقاحات معروفة حاليًا للوقاية من الساركوسيست سواء في الانسان أو الحيوان.
References:
⦁ Guardone, L., Armani, A., Mancianti, F., & Ferroglio, E. (2022). A Review on Alaria alata, Toxoplasma gondii and Sarcocystis spp. in Mammalian Game Meat Consumed in Europe: Epidemiology, Risk Management and Future Directions. Animals, 12(3), 263. https://doi.org/10.3390/ani12030263
⦁ Srivastava PS, Saha AK, Sinha SR. (1986). Effects of heating and freezing on the viability of sarcocysts of Sarcocystis levinei from cardiac tissues of buffaloes. Vet Parasitol. 19(3-4):329-32. https://doi.org/10.1016/0304-4017(86)90080-4
⦁ Lindsay DS, Dubey JP. (2020). Neosporosis, Toxoplasmosis, and Sarcocystosis in Ruminants: An Update. Vet Clin North Am Food Anim Pract.; 36(1):205-222. https://doi.org/10.1016/j.cvfa.2019.11.004
⦁ Dubey JP, Fayer R. (1986). Sarcocystosis, toxoplasmosis, and cryptosporidiosis in cattle. Vet Clin North Am Food Anim Pract.;2(2):293-8. https://doi.org/10.1016/s0749-0720(15)31239-1
⦁ Rosenthal BM. (2021). Zoonotic Sarcocystis. Res Vet Sci. ;136:151-157. https://doi.org/10.1016/j.rvsc.2021.02.008.
⦁ Valizadeh, H. (2022). Study on the effects of the different temperatures on the viability of Sarcocystis bradyzoites. Journal of Zoonotic Diseases, 6(1), 39-44. https://doaj.org/article/eb231e3fd5c147f4aae04d3a54dc7678
⦁ Sarcocystis. (2022, November 24). In Wikipedia. https://en.wikipedia.org/wiki/Sarcocystis
⦁ الساركوسيست_sarcocystis: available at https://kenanaonline.com/users/poultryscience/posts/294641