بقلم : الدكتور / سيد البدوي
دكتوراه في إدارة الإعمال ومدير عام شركة الأسد للأعلاف والتفريخ
أزمة صناعة الدواجن الحالية:
تعاني صناعة الدواجن في مصر من عدة أزمات؛ كان آخرها احتجاز الأعلاف في الموانئ بسبب أزمة العملة الأجنبية وتعقيدات الإفراجات البنكية، وسط تحرك حكومي لتطويق هذه الأزمات التي باتت تهدد صناعة يعمل بها أكثر من 3 ملايين عامل بإجمالي استثمارات يبلغ 100 مليار جنيه (5.1 مليارات دولار) ويبلغ إجمالي عدد المنشآت الداجنة نحو 45 ألف منشأة، تشمل: المزارع ومصانع الأعلاف والمجازر ومنافذ بيع الأدوية البيطرية واللقاحات.
ويصل إجمالي حجم إنتاج القطاع التجاري من الدواجن في مصر رسميا إلى نحو 1.4 مليار طائر، و13 مليار من بيض المائدة سنويا ويتم تحقيق الاكتفاء الذاتي.
وأعلن المرصد التابع لوزارة الزراعة ان صناعة الدواجن تسهم بنحو 75% من توفير البروتين الحيواني في مصر، حيث تنتج البلاد 4 ملايين دجاجة و40 مليون بيضة يوميا.
وكانت آخر الأزمات الخانقة في قطاع الدواجن نقص الأعلاف وحجز شحناتها في الموانئ بسبب الإفراجات البنكية، خاصة أن مصر تستورد نحو 75% من الأعلاف والمواد الخام لصناعة الدواجن مقابل نحو 25% فقط من الإنتاج المحلي، مما أدى إلى توقف 25 ألف مزرعة دواجن عن العمل لنفاد الأعلاف.
ويحتاج هذا القطاع إلى 28 ألف طن من الذرة والصويا يوميا حتى تستطيع كل مزرعة إطعام الدواجن لديها، في حين ارتفعت خامات الإنتاج خلال الفترة الماضية بنسبة 100% مقارنة بالأسعار العالمية.
وفي الفترة الماضية كانت الإفراجات ضعيفة بسبب ضوابط استخدام الدولار في مصر، وتواصل أجهزة الدولة جهد كبير حيث أن صناعة الدواجن تختلف عن الصناعات الأخرى كونها لا تحتمل التأخير، لأنها تعمل على منتج حي ينتظر طعامه.
وأصبح سعر طن الذرة 13 ألف جنيه بعدما كان 8 آلاف، في حين وصل سعر الفول الصويا إلى 25 ألفا بعدما كان 12 ألفا، مع ظهور سوق سوداء.
أن مصانع الأعلاف لا تجد خامات التشغيل، الأمر الذي جعل سعر كيلو اللحوم من الدواجن لا يغطى التكلفة، وتجدر للإشارة الى أن الاستيراد ليس حلا ينعش الصناعة بل على العكس يزيد أزمة القطاع الداجني في مصر.
النتائج المترتبة علي ازمة صناعة الدواجن الحالية:
أن مصر ستعاني من فجوة في إنتاج الدواجن خلال القترة المقبلة نتيجة تخلص الكثير من مربي الدواجن من الإنتاج الداجني بسبب نقص الأعلاف، فضلا عن وجود سوق سوداء للأعلاف لبيعها بأسعار مرتفعة ومبالغ بها وتفوق قدرات المربين.
-
خروج عدد كبير من المربين في قطاع التسمين، وبيع عدد كبير من الأمهات والتي لم تدخل مرحلة الإنتاج او في بدايات مرحلة الإنتاج مما ترتب علية تحقيق خسائر كبيره، بالإضافة الى بيع بعض قطعان سلالات الجدود.
-
تعرض بعض الشركات الكبيرة للتصفية او البيع لمستثمرين جدد.
-
ارتفاع أسعار الدواجن والبيض نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف حيث أن هناك لجان من البنك المركزي ومجلس النواب ووزارة الزراعة تتابع الإفراج عن الأعلاف وإيصالها للمستوردين.
-
تشكيل لجنة من حماية المستهلك ومجلس النواب ووزارة التموين وبعض المستثمرين لمعرفة أسباب ارتفاع أسعار الدواجن والأعلاف عن اللازم رغم الإفراج عن كميات كبيرة من الأعلاف، حيث أن جهاز حماية المستهلك والجهات الرقابية ستتولى متابعة الأسواق.
-
من أبرز آثار هذه الأزمة المستمرة في العلف ارتفاع أسعار الدواجن، مما أثر على ميزانية الأسر، واقتصادات التجار.
-
وحسب آخر أرقام في الأسواق الرسمية، فقد ارتفعت أسعار الدواجن البيضاء، وتراوح سعر كيلو الدواجن البيضاء داخل بورصة الدواجن الرئيسية بين 42 و45 جنيها للكيلو، في حين حدد سعر كيلو الدواجن البلدي بـ55 جنيها، يضاف إليه ما بين 5 و10 جنيهات في أسواق التجزئة.
-
ووصل سعر الكتكوت -حسب بيانات رسمية للاتحاد العام لمنتجي الدواجن- إلى 10 جنيهات.
-
ويشهد سوق البيض ارتفاعات غير مستقرة؛ حيث ان الأسعار 70 جنيها للبيض الأبيض والأحمر، و75 للبيض البلدي، قبل أن يصل إلى تجار التجزئة والمستهلك بزيادته لا تقل عن 6 إلى 10 جنيهات.
الحلول المقرحة واستشراف صناعة الدواجن:
وحتى يحقق الاستقرار والنمو في قطاع الدواجن نوصى بالتالى:
-
أن تسعى الدولة للاستثمار الزراعى وبصفة خاصة زراعة الحبوب في دول الكوميسا خاصه في السودان لتوسيع الإنتاج واستغلال المساحات الشاسعة من الأراضي والمياه المتوافرة مثلما يحدث في العديد من الدول.
-
وضع خطة استراتيجية للدولة من خلال وزارة الزراعة لزراعة محصول الذرة الصفراء وفول الصويا، لإيقاف الاستيراد من الخارج في الاجل الطويل وذلك في المناطق الجديدة مثل شرق العوينات وتوشكي، حيث اثبتت التجربة العملية انها ذات جودة عالية ومفضله اكثر من الذرة الصفراء المستوردة ، ومن المقرر حسب بيان رسمي صادر عن وزارة الزراعة أن يتم السعي لتطبيق منظومة الزراعة التعاقدية على جميع المحاصيل الاستراتيجية المرتبطة بأزمة الأعلاف مثل الذرة والفول الصويا .
-
تنويع مصادر استيراد الحبوب وبصفة خاصة الذرة الصفراء وفول الصويا من الخارج والتركيز على الاستيراد من دول أوروبا الشرقية والهند ودول افريقيا.
-
تفعيل برنامج مجلس الوزراء الخاص بتخارج الدولة من بعض القطاعات والذي بموجبة تم الإبقاء على صناعة الاعلاف مع تخفيض الاستثمارات الخاصة بالدولة في هذا القطاع.
-
ضرورة وجود مخزون من الأعلاف يشعر المربين يشئ من الاطمئنان واستدامة الإنتاج ولابد من الإفراج عن مزيد من الأعلاف من الموانئ لإنقاذ هذه الصناعة المشرفة على الانهيار.
-
أن صناعة الدواجن في مصر صناعة استراتيجية ولابد من حمايتها، كما يجب تشجيع التربية المنزلية وفق أسس صحيحة يراعي الأمان الحيوي.
-
تقيين التراخيص لإنشاء مصانع علف جديدة حيث ان المصانع المرخصة حاليا تزيد عن احتياج السوق بالضعف، هذا مما يؤثر على عمل المصانع الحالية بالطاقة الإنتاجية الكاملة، ويزيد من المنافسة التي تضر بالسوق.
-
تطوير وتحفيز مصانع جديدة لإنتاج اللقاحات واضافات الاعلاف لإنشاء قاعدة صناعية وتوفير الاضافات واللقاحات بأسعار تنافسية حيث تم تخصيص 22 موقعا للاستثمار في الثروة الداجنة خارج الوادي لتوفير الأمان الحيوي وإنشاء وتطوير خط جديد لإنتاج لقاحات الدواجن وزيادة الطاقة الإنتاجية من 120 مليون إلى 2 مليار جرعة سنويا.
-
تفعيل قوانين منع التداول الطيور الحية والصادر بموجب قانون رقم 70 لعام 2009، وذلك للحفاظ على المربى الصغير من تحقيق خسائر واستمرارية النشاط مع ضرورة انشاء بورصة منظمة لأسعار بيع الاعلاف والدواجن.
-
تشجيع الكيانات الكبيرة التي تحقق التكامل في صناعة الدواجن للوصول الى المستهلك B2C.
-
تدعيم مراكز البحث العلمي لتطوير سلالات الحبوب الاكثر انتاجية والافضل جودة مع ايجاد بدائل لمدخلات الاعلاف والبروتين والاضافات.
-
وضع اليات السوق لتسعير المنتجات وانشاء شركة مساهمة لتسويق المنتجات الداجنة.
-
انشاء قاعدة بيانات لجميع حلقات الإنتاج الداجني والتنسيق فيما بينها لتحقيق التكامل في الصناعة.
-
استرجاع دور البنك المركزي في عمل مبادرات للتمويل للشركات والمشروعات الصغيرة والمتوسطة.
-
وضع خطة استراتيجية للتصدير للخارج.
-
توفير التمويل اللازم لعمل حاملة إعلامية لتغير ثقافة المستهلك المصري الى الدجاج المبرد والمجمد والمذبوح في مجازر صحية.
هذا وقد تبنت الحكومة المصرية خمس مسارات للحل والإنقاذ، تتمثل في:
تسعى الحكومة لحل الأزمات التي تهدد صناعة الدواجن وإنتاج البيض، وفق عدد من المسارات السريعة والاستراتيجية ومنها:
-
إيجاد حلول مؤقتة للمشاكل العاجلة.
-
تفعيل منظومة الزراعة التعاقدية لتوفير الأعلاف في السوق، خاصة الذرة.
-
ضبط أسعار الدواجن وبيع أطباق بيض المائدة بأثمان مخفضة.
-
تسيير لجان رقابة لملاحقة تجار السوق السوداء والأعلاف الضارة.
-
رفع عدد من الدعاوى القضائية ضد “السماسرة”.
-
والحل العاجل يبدأ بإطلاق سراح شحنات خامات الأعلاف والمطهرات واللقاحات والأدوية المكدسة في الموانئ لعدم تدبير العملة، منعا لانهيار صناعة الدواجن في مصر.
ففي أزمة الأعلاف الحالية، تحرك رئيس الوزراء مصطفى مدبولي ووزير الزراعة السيد القصير ومحافظ البنك المركزي بدعم وتوجبه من القبادة السياسية لتدبير العملة الأجنبية لحل أزمة استمرار حجز الأعلاف في الموانئ المصرية.
وحسب بيان رسمي للاتحاد العام لمنتجي الدواجن بمصر، فإن تدخل أجهزة الدولة أسفر عن تلقيهم إفادات ببدء الإفراجات المرحلية عن شحنات الذرة والصويا الموقوفة في الموانئ.
وبخصوص ضبط الأسعار، تعلن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي -بين حين وآخر-ضخ كميات من بيض المائدة الأحمر والأبيض للبيع للمواطنين بأسعار مخفضة، عبر منافذها المتحركة والثابتة بالمحافظات المختلفة.
وتلجأ الوزارة كذلك إلى مسار “الرقابة” للحفاظ على صناعة وتداول الأعلاف حفاظا على الثروة الداجنة، وذلك عبر لجان دورية من قطاع تنمية الثروة الحيوانية والداجنة وشرطة البيئة والمسطحات.
-
ان مستقبل الثروة الداجنة في مصر يحتاج إلى خطة استراتيجية لتطويرها حيث ان الدواجن تمثل سلعة استراتيجية توفر البروتين الحيواني بشكل صحي ورخيص للمواطن المصري، ولابد ان تتكاتف مجهودات الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق هذا الهدف في ظل خطة الحكومة لتوطين الصناعة المحلية وتحقيق الاكتفاء الذاتي والتصدير للخارج وصناعة الدواجن هي احد الصناعات المؤهلة لتحقيق اهداف هذه الخطة خاصة في ظل تحقيق الاكتفاء الذاتي.