قدم خبراء ومختصون عددا من الحلول الجذرية للنهوض بصناعة الثروة الداجنة والتغلب على مشكلة الأعلاف العالمية، من خلال تعظيم الاستفادة من الموارد المحلية المتاحة، مما يترتب عليه مستقبليا انخفاض في أسعار الدواجن والبيض أيضًا.
تطبيق نظام الزراعة التعاقدية بداية للنهوض بالثروة الداجنة
يقول الدكتور أحمد جلال عميد كلية الزراعة جامعة عين شمس، أن بداية النهوض بالثروة الداجنة يكمن في زراعة الذرة وفول الصويا في مصر في بعض الأماكن، حيث أنهما المكونين الأساسين في علف الدواجن، والذي يتم استيرادها من الخارج.
ويقول، إن زراعة الذرة وفول الصويا تحتاجان إلى توافر عنصرين مهمين أولهما، تنفيذ الزراعة التعاقدية في مصر، وأما العنصر الثاني، هو ضرورة وجود مجففات للذرة لخفض نسبة الرطوبة فيها بأكبر قدر ممكن، حيث تحتوي الذرة على نسبة رطوبة عالية تتسبب في حدوث مشاكل مثل السموم والتلف.
ويكمل: من الضروري تنفيذ الزراعة للذرة وفول الصويا في مصر، وفي ظل وجود زراعة تعاقدية يشعر الفلاح بنوع من الأمان، لكي يقبل على الزراعة بلا خوف، لأنه سيجد بعد حصاد محصول الذرة من يشتري المحصول فيصبح مطمئن، مما يتيح الخفض بقدر الإمكان من الكمية المستوردة عن طريق الإنتاج المحلي.
ويؤكد، جلال، أنه من خلال الزراعة التعاقدية سيتم حل جزء من مشكلة الأعلاف، التي نعاني منها الآن بصورة كبيرة جدا، بسبب انخفاض العملة ، كما أنه من الضروري.
استخدام التقنيات الحديثة للنهوض بالثروة الداجنة
يضيف الدكتور أحمد جلال، أن استخدام التقنيات الحديثة يساعد على الرفع من كفاءة الطيور، والرفع من كفاءة استخدامها للأعلاف، وبالتالي يتحقق الاستغلال الأمثل لأقل كمية ممكنة من الأعلاف، مقابل إنتاج أعلى كمية منتجة سواء من اللحوم أو البيض.
بيع الطيور مذبوحة ومجمدة يساعد على ثبات الأسعار
ومن الحلول المهمة أيضا، حسب قول عميد زراعة عين شمس، انتهاء ظاهرة بيع الطيور بصورة حية لأن ذلك يعرض التاجر والمستهلك للتقلبات السعرية المستمرة، فلابد من اتخاذ خطوة تسويق الدواجن مجمده لأنها تساعد على ثبات الأسعار وهي حماية للمنتج والمستهلك.
“ولكن بيع الدواجن مجمدة، تقف أمامه مشكلة تكمن في ضرورة توفير كمية كبيرة جدا من المجازر الآلية طبقا لمراكز الانتاج، وكذلك تنفيذ البنية الأساسية لكي ينجح تسويق الدواجن في صورتها المذبوحة وليست الحية”.
كما أن المخلفات التي تنتج من ذبح الدواجن تمثل 27 % من الذبح وهي نسبة لا يتم استخدامها، ولكنها تعتبر من المخلفات التي تسبب تلوث ومشاكل، كما يتم الاستفادة من مخلفات الدواجن في إعادة تصنيعها وإعادة دخولها مرة أخرى سواء في إنتاج الأعلاف أو في بعض الصناعات الأخرى.
بدائل الذرة وفول الصويا هل تحل الأزمة؟
ويعتبر الدكتور أحمد جلال، أن أي بدائل من بدائل الأعلاف الأخرى بخلاف الذرة والصويا، لن تحقق المطلوب من تغذية الدواجن والانتاج ولن تحل المشكلة.
“ويرى، أن استبدال الذرة وفول الصويا ببعض المكونات حتى ولو كان استبدال جزئي وليس استبدال كلي ليس حلا، حيث أن بعض المكونات يصلح فيها الاستبدال بنسب معينة تصل من 5 إلى 10 %من كمية الذرة أو كمية البدائل المضافة، ولكنها لن تحل المشكلة حتى ولو على المدى القصير الذي يحتم استخدام الذرة وفول الصويا.
هل يصلح الفول السوداني بديلا للأعلاف؟
حول استخدام الفول السوداني كبدائل عن علف الذرة والصويا، يقول الدكتور أحمد جلال،من الممكن استخدام كل هذه البدائل ولكنها أنواع تحتوي على مثبطات أغذيه، أي لا تساعد على أن تكون كل البدائل صالحة لغذاء الدواجن، مثل كسب القطن أيضا، لكي يتم استخدامه لابد أولا من معالجته من أحد المواد السامة الموجودة به.
“فضلا عن أن الفول السوداني مرتفع السعر، ويعتبر أغلى من الذرة، لذلك لا يصلح وضعه كبديل للذرة وتم بالفعل تنفيذ تجارب على هذه الأنواع من الأعلاف وجد أنها ماهي إلا حل للمشكلة جزئي وليس كليا”.
صناعة الدواجن في خطر
يقول الدكتور فريد استينو، أستاذ تربية الدواجن المتفرغ بكلية زراعة جامعة القاهرة، صناعة الدواجن تواجه تحديات وصعوبات ومنذ أكثر من ستة أشهر مرت الصناعة بظروف معاكسة كانت ستؤدي إلى القضاء على هذه الصناعة القومية.
ويشير إلى أنه يقدر رأس مال هذه الصناعة بحوالي 100 إلى 120 مليار جنيه ويعمل بها ما لا يقل عن 3 إلى 3.5 مليون فرد ابتداء من العاملين بالمزارع والعاملين بالصناعات المساعدة مثل مصانع الأعلاف والمجازر ومعامل التفريخ وعمال النقل سواء لمواد العلف أو للطيور وكذلك مئات الالاف من محلات الدواجن المنتشرة فى جميع المدن وكذلك الصناعات المساعدة مثلا صناعة مواد التعبئة والكرتون والتغليف واقفاص النقل والأدوية واللقاحات ومستلزمات الإنتاج الاخرى وكذلك صناعات مكملة مثل تصنيع منتجات لحوم الدواجن والمنتجات المصنعة من بيض المائدة وما يتبعها من مكاتب استيراد وتصدير وخلافه.
“وكل فرد من هؤلاء العاملين بهذه الصناعة مسؤول عن عائلة أو أكثر فإذا افترضنا أن كل واحد من العاملين بالصناعة يعول عائلة من خمسة أفراد فمعني ذلك أن هناك نحو من 15 إلى 17.5 مليون فرد مصري أي حوالي من 15 إلى 17 ٪ من جملة الشعب المصري معتمدين، على هذه الصناعة.
ويضيف، في ظل الزيادة السكانية نجد أن المياه أو الأراضي لا تكف لغذاء الشعب المصري فكيف تكفي الدواجن والحيوانات معا وبالتالي نلجأ للاستيراد، وإذا توافرت عدة طرق للنهوض بالثروة الداجنة ، ولكنها ستأتي على حساب غذاء البشر.
“لكن المتاح الآن هو الموازنة بين احتياجات الغذاء للإنسان والحيوان مع الاستيراد حيث إننا نزرع ذرة وصويا تكفي 20% من احتياجات الانتاج الحيواني والدواجن نستورد الـ 80% الباقية.
كم أننا نزرع 40 % من القمح التي تكفي احتياج البشر ونستورد الباقي ونسبته 60% وهكذا ولكن المعادلة الصعبة هل تهتم بغذاء الإنسان أولا أم بغذاء الحيوان.
وفي سياق متصل يقول الدكتور استينو، صناعة الدواجن في مصر صناعة تجميعية أي تستورد المواد الخام الخاصة بصناعة الدواجن، كما يحدث في اليابان تستورد هي أيضا المواد الخام.
“ولكن مشكلة الدواجن والانتاج الحيواني في مصر، أننا نستورد مثل اليابان المواد الخام التي يتم إدخالها في صناعة الدواجن والبيض والإنتاج ولكن نظرا لارتفاع الزيادة السكانية في مصر، يتم استهلاك كل ما ننتجه ولا نصدره مثل اليابان لأننا نحتاج أكثر مما يتم إنتاجه.
ولذلك إذا حدث توقف في الثروة الداجنة سيؤدي إلى كارثة خاصة مع الزيادة السكانية.
ويشيراسينو، أنه من أبرز الحلول، زيادة رقعة الأراضي الزراعية، من خلال تحلية مياه البحر بهدف الزراعة.
ويضيف استينو، أن التلاعب في أسعار الأعلاف يعتبر كارثة محققة تقف أمام النهوض بالثروة الداجنة، حيث يتراوح سعر استيراد كسب فول الصويا تسليم الموانئ المصرية ما بين 550 الي 600 دولار للطن، وإذا اعتبرنا سعر الدولار حالياً هو 25 جنيه فتكون قيمة الطن من 13750 الي 15000 جنيه وبعد ذلك يقوم المستوردون وتجار الجملة والتجزئة ببيع طن كسب فول الصويا اليوم لمنتجي الدواجن المصريين بسعر 31 الي 33 الف جنيها للطن أي بهامش ربح حوالي 15000 جنيها للطن الواحد.
ويعتبر استينو، أن مستوردون الأعلاف والتجّار، شغلهم الشاغل هو تحقيق مكاسب سريعة على حساب الشعب المصري ولا يكترثون بالقضاء علي صناعة الدواجن المصرية والتي من المستحيل تعويضها عن طريق الاستيراد لأنه لا يمكن استيراد بيض أكل عن طريق السفن حيث سيصل تالف نتيجة طول مدة الشحن.