المغذيات الأساسية في الأسماك

بقلم : الدكتور / بيير عزت مهنى

باحث بقسم الكيمياء الحيوية والسموم والنقص الغذائى – بمعهد بحوث الصحة الحيوانية بالدقى

المغذيات هي المواد التي تغذي الجسم، وتعزز النمو، وتمد بالطاقة وتحافظ على الصحة العامة.

وعناصرتلك المغذيات أساسية لما لها من وظائف حيوية. فالتغذية الصحية ركيزة أساسية لصحة الإنسان.

المغذيات الصحية تعتبر من الدعائم لجهاز المناعة وتعزيزه لمحاربة العدوى.

فالتغذية السليمة واتباع الاسلوب الغذائى الأمثل والابتعاد عن الوجبات السريعة(Fast Food)

التى تحمل من اسمها سرعة التحضير من خلال إعدادها وتعليبها وتجميدها، لتصبح قابلة للاستهلاك الفورى والتقديم

وهى لذيذة المذاق وبها مكونات تؤثر بالسلب على الصحة العامة منها  السكر فجميع الوجبات السريعة بها نسب عالية من السكرعلى التتبيلات،

و كما إنها تحتوى على نسب عالية من الدهون المهدرجة، وكذلك الغلوتامات أحادية الصوديوم (Monosodium Glutamate)  كمحسن للنكهة.

كما إنه هناك مواد كيميائية أخرى منها مادة نترات الصوديوم (Sodium Nitrite) تضاف إلى اللحوم بهدف تحسين اللون فتظهر طازجة  ولإطالة استخدامها لمدة أطول.

هناك عدة أنواع من المغذيات الهامة، وتقسم إلى فئتين:

• مغذيات كبيرة (Macronutrients) تشمل البروتين والكربوهيدرات والدهون

• مغذيات دقيقة (Micronutrients) تشمل الفيتامينات والمعادن

تأتى أهمية الأسماك في أنها تتميزوتحتوي على الكثير من العناصر الغذائية بما في ذلك المغذيات الدقيقة والكبيرة.

العناصر الغذائية الكبيرة كالبروتينات والدهون وكمية قليلة جدًا من الكربوهيدرات.

والمغذيات الدقيقة مثل الفيتامينات والمعادن فهى جزء مهم من نظام غذائي صحي ومتوازن لتعزيز من مناعة الجسم.

فالتغذية الجيدة ضرورية لدعم نظام مناعة قوي، والذي قد يوفر الحماية من العديد من الامراض.

وتمثل الأسماك (20%) من البروتين الحيواني استهلاكًا حول العالم وفقًا لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة.

كما إنها تحتوى على كميّاتٍ عالية من المغذيات الدقيقة والاساسية.

فأظهرت العديد من الدراسات فوائد الأسماك للمخ  فقد ثبت أن زيادة تناول الأسماك يقلل من خطر ضعف الإدراك مع التقدم ​​في العمر،

كان مرتبطًا بزيادة حجم المادة الرمادية Grey matter، وهي من الأنسجة الوظيفيّة الرئيسيّةٌ التي توجد في الجزء الذي يُنظّم الذاكرة وفقًا لدراسة نُشرت في عام 2014.

 فئات العناصر الغذائية بالأسماك

تتنوع المغذيات طبقًا للأنواع المختلفة من الأسماك فهناك مغذيات تتميز وجودها وكمياتها بأنواع محددة من الأسماك.

البروتين 

تعتبر الأسماك مصدرًا مهمًا للبروتين الحيواني وتوفر تأثيرًا أكبر للشبع من المصادر الأخرى مثل الدجاج واللحم البقري وما إلى ذلك،

كما إنها غنية بالبروتين وتشمل كل الأحماض الأمينية بما في ذلك الأحماض الأمينية المحتوية على

الكبريت: السيستين والميثيونين التي لا توجد في البروتين النباتي ومن ثم تعتبر مصدر كامل للبروتين.

إن استهلاك الأسماك بالكميات الصغيرة تعمل مكملاً للأحماض الأمينية الموجودة بكميات قليلة في المصادر النباتية

وعلى ذلك تعتبر الأسماك مصدر بروتينى متكامل عالى الجودة. يمكن لجزء من 140 جرامًا من الأسماك أن يوفر حوالي 50-60٪ من البروتين اليومي

الذي يحتاجه الإنسان البالغ وكما تتميز عضلات الأسماك إنها أكثر قابلية للهضم بحوالى 85-95٪  وهى أكثر من البروتين الحيواني الآخر.

الدهون

يختلف تكوين الأحماض الدهنية في الأسماك اعتمادًا على عوامل مثل الأنواع والعوامل البيئية مثل الملوحة ودرجة الحرارة.

كما ان الدهون في المفهوم المتعارف عليه غير جيدة لكن هناك من الدهون الصحية المفيدة جدًا، ومن الدهون الصحية التى توجد بالأسماك سلسلة طويلة من الأحماض الدهنية أوميغا 3 المتعددة غير المشبعة (LC n-3 PUFA) ومنها Eicosapentaenoic (EPA) و Docosahexanoic (DHA).

يعتبر تناول الأحماض الدهنية المتعددة غير المشبعة أوميغا 3 (Omega-3) مهمًا في التغذية وللوقاية من الأمراض فلها تأثيرات مختلفة على صحة الإنسان.

ويبرز دورها الأساسى في صحة المخ والقلب فثبت أن أوميغا 3 تقلل الالتهاب وتقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب.

فتساعد على خفض ضغط الدم وتركيز الدهون الثلاثية في الدم.

ولذا أظهرت تأثيرًا إيجابيًا في الوقاية من بعض الأمراض مثل أمراض القلب والأوعية الدموية.

كما إنها تلعب دورا هاما في الحد من أعراض إلتهاب المفاصل.

من المعروف أن أحماض أوميغا 3 الدهنية الموجودة في الأسماك الدهنية ضرورية لنمو الأطفال والوقاية من أمراض القلب التاجية.

إن DHA مهم للنمو الدماغي والعصبي الأمثل للأطفال، ومن ناحية أخرى تساعد EPA على تحسين صحة القلب والأوعية الدموية.

أظهرت الدراسات التي تقيم آليات التأثيرات المفيدة لدهون الأسماك على الصحة أن مستويات الأوميغا 3 التي لا تقل عن 1 إلى 1.5 جرام يوميًا

مطلوبة للتأثيرات المفيدة في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية

مثل الحد من مستويات الدهون الثلاثية في البلازما وضغط الدم وتكدس الصفائح الدموية والاستجابة الالتهابية.

تمثل أعلى مستويات أوميغا 3 في بعض أنواع الأسماك  كالسلمون  والأنشوجة والمحار والسردين والماكريل.

بينما في سمك البورى والدنيس تحتوي على كمية قليلة من أحماض الأوميغا 3 الدهنية وذلك عند المقارنة بالأسماك الدهنية

الفيتامينات

تتسم الأسماك بأنها غنية بعديد من الفيتامينات اللازمة للصحة العامة، على الرغم من أن المستويات قد تختلف بإختلاف أنواع الأسماك.

يلعب كل نوع من أنواع الفيتامينات دورًا مهمًا في الجسم ، لذا فإن عدم الحصول على الكميات اللازمة منه يمكن أن يؤدي إلى مشاكل صحية متعددة.

تعتبر الأسماك مصدرًا هامًا لفيتامين أ ود و ه والعديد من فيتامينات المجموعة ب.

فيتامين أ

 يساعد فيتامين أ على تنظيم جهاز المناعة والحماية من العدوى عن طريق الحفاظ على صحة الجلد والأنسجة في الجهاز التنفسي.

كما أنه يقلل مشكلة ضعف البصركما أنه معروف بفيتامين مضاد للالتهاب بسبب دوره الحاسم في تعزيز وظائف المناعة.

تعتبر الأسماك الزيتية مثل سمك السلمون و الماكريل وسمك القد والتونة مصادر جيدة لفيتامين أ.

فيتامين ب

تساعد فيتامينات ب مثل  ب2 (الريبوفلافين) و ب6  و ب12  في الحفاظ على عمل جهاز المناعة

بشكل صحيح عن طريق تنظيم الالتهاب مع تعزيز نمو خلايا الدم الحمراء والبيضاء للحفاظ على تدفق الأكسجين أثناء مكافحة المرض.

كما تحتوي كل من الأسماك والمحار على مجموعة متنوعة من فيتامينات ب.

يحتوي سمك الماكريل على كمية كبيرة من فيتامين ب12 ضروري لجهاز المناعة والجهاز العصبي. له دور في إنتاج الحمض النووي.

يتسبب نقصه في الإصابة بفقر الدم و إلحاق الضرر بالجهاز العصبي.

فيتامين د

يتميّز السمك باحتوائه على نسبةٍ عاليةٍ من فيتامين د، مثل سمك البلطى وخاصّة الأسماك الدهنيّة، كالمكريل و سمك السردين والسلمون.

ولكن كميّة فيتامين د في السمك تختلف تِبعاً لنوعه، وكميّة الدّهون الموجودة فيه، ويوجد فيتامين د في الأسماك على شكل فيتامين د3 (كوليكالسيفيرول)

وهو أيضًا نفس الشكل الذي يتم إنتاجه في الجلد عند تعرضه للأشعة الشمس،

فتحفز هذه الأشعة تحويل  (7-ديهيدروكوليسترول (وهو مركب يوجد طبيعي في طبقات الجلد، إلى كولسيكالسيفيرول والذي يعرف أيضًا باسم فيتامين د3.

كما إنه ثبت أنه يحتوي على إمكانات أعلى بثلاث مرات مقارنة بفيتامين د2 (إرغوكالسيفيرول).

يؤدي نقص فيتامين د إلى كساح الأطفال وتلين العظام وانخفاض كثافة المعادن في العظام ويؤدى لتفاقم هشاشة العظام والكسور عند البالغين.

ويساعد هذا الفيتامين على الحدّ من خطر الإصابة بالأمراض، ويُعزّز صحّة العظام،

ويُشار إلى أنّ الحصّةً الواحدةً من سمك السلمون التي تُعادل 85 جراماً تزود الجسم بـ 75% من الكمية المُوصى بها يوميّاً من فيتامين د.

ولذلك يستلزم تنوع المصادر التى تحتوي على فيتامين د لمقاومة الأمراض المختلفة والمحافظة على الصحة ودعم العمليات المختلفة.

فيتامين ه

يعتبر فيتامين ه من الفيتامينات القابلة للذوبان فى الدهون وله خصائص مضادة للأكسدة.

تظهر الأبحاث أنه بالإضافة إلى فوائده الصحية الفردية، يمكن لفيتامين ه  أيضًا أن يساعد في حماية وتعزيز تأثيرات أوميغا 3 في الجسم.

تشمل الأسماك التي تحتوي على نسبة عالية من فيتامين هـ  سمك  الماكريل والسلمون، كما يحتوى سمك السلمون على فيتامين ج.

المعادن

تعتبر الأسماك مصدرًا مهمًا للمغذيات الدقيقة من المصادر المتنوعة من المعادن الهامة للجسم.

وأهم تلك المعادن مثل الزنك والحديد والكالسيوم والمغنيسيوم والبوتاسيوم والمنغنيز واليود والفوسفورو والسيلينيوم.

الزنك ضرورى لنمو الخلايا وصحة الجهاز المناعي، كما أن المحاريات مثل الجمبري عند تناول 4 قطع متوسطة الحجم منه

يمد الجسم  بــ 100% من إحتياجات الجسم اليومية من الزنك .بينما الحديد مهم في إنتاج خلايا الدم الحمراء.

تعد الأسماك مصدرًا جيدًا للكالسيوم كما في السردين والأنشوجة والسلمون، يمثل المغنيسيوم نوعًا آخر من المعادن الأساسية الموجودة في الأسماك.

يعمل المغنيسيوم في الجسم جنبًا إلى جنب مع الكالسيوم في العظام.

بالإضافة إلى ذلك للمغنيسيوم دورًا مهمًا في الحفاظ على الفسيولوجيا الطبيعية للعضلات وعلى دعم وظيفة العضلات السليمة.

السيلينيوم من أهم مضادات الأكسدة القوية التي تقلل الإجهاد التأكسدي في الجسم،

وتحمي من تلف الخلايا وبالتالي تقلل الالتهاب وتقوي وتعززالمناعة جميع الأسماك تحتوي على السيلينيوم و يسجل أعلى مستويات مثل البورى والبلطى.

الأسماك غنية أيضًا باليود  وهو معدن حيوي يساعد في الحفاظ على وظيفة الغدة الدرقية.

إن اتباع نظام غذائي صحي ومتوازن يضمن الحصول على جميع المعادن والفيتامينات والعناصر الغذائية الهامة.

وفي الخلاصة، تعتبر الأسماك مصدرًا مهمًا لتلك المغذيات لأنها توفر توازنًا جيدًا للبروتينات والدهون والفيتامينات والمعادن

وتحتوي على نسبة منخفضة جدًا من السعرات الحرارية. على الرغم من تلك الاهمية لقيماتها الحقيقية

لا تزال الأسماك أقل استهلاكًا مقارنة بمصادر البروتين الحيواني الأخرى.

لذا يستلزم التأكيد المستمر على الأهمية الغذائية للأسماك ضمن الواجبات بناءً على قيمهتا الغذائية.

ويفضل التنوع في استهلاك الانواع المختلفة نظراً لتفرد تلك المغذيات في كل نوع والحرص على تناول من وجبة إلى وجبتين أسبوعيّاً،

كما توصي في ذلك جمعية القلب الأمريكية بتناول الأسماك مرتين على الأقل في الأسبوع

وخاصة الأسماك الدهنية مثل السلمون والمكاريل والسردين، والتي تحتوي على نسبة عالية من أوميغا 3.