يعتبر التغير المناخي (Climate change) من اهم التحديات التي تواجها البشريه في الوقت الراهن. ويشير التغير المناخي إلى التغيرات طويلة المدى في درجة الحرارة، وهطول الأمطار، وأنماط الرياح، والجوانب الأخرى للنظام المناخي للأرض.
ومن أحد أبرز آثار التغير المناخي هو الاحتباس الحراري: (Global Warming) والذي يشير إلى الزيادة في متوسط درجة حرارة سطح الأرض مما يؤدي هذا الي ظهور موجات الحر الأكثر تواتراً وشدة في وقتنا هذا.
ومن التأثيرات السيئة الأخري للتغير المناخي هي تعطيل النظم البيئية: (Disruption of Ecosystems) حيث أن التغيرات في درجات الحرارة وأنماط هطول الأمطار يؤدي إلى تعطيل النظم البيئية وتهديد الأنواع النباتية والحيوانية لأنها تساعد علي عدم توافر الغذاء.
ومن الكائنات التي تنعكس عليها التغيرات المناخية بشكل سلبي كبير هي تربية الأحياء المائية (Aquaculture) ويعزي ذلك للتغيرات في درجات الحرارة في كل من الماء والهواء، وخاصة درجات الحرارة السطحية وايضا للتأثير السلبي للتيارات وسرعة الرياح والأمواج أو في شكل عواصف تسبب أضراراً مادية أو فيضان مزارع المياه العذبة.
حيث أن كل هذه الظروف المناخية القاسية ستعرض الأسماك لضغوط وتأثيرات فسيولوجية مختلفة، مما يؤثر على النمو والتطور، مما قد يزيد من تعرضها للأمراض والالتهابات وبما في ذلك ظهور أمراض جديدة ناشئة وبما في ذلك كثره ظهورالعدوى الطفيلية للأسماك.
وللحديث بشكل دقيق عن تأثيرات تغير المناخ على إنتاج تربية الأحياء المائية فأنها اما ان تكون تأثيرات مباشرة أوغير مباشرة.
وتشمل التأثيرات المباشرة التأثير على الخصائص الفيزيائية والفسيولوجية للأسماك والمحارية في نظم الإنتاج، في حين أن التأثيرات غير المباشرة يمكن أن تحدث عن طريق تغيير الإنتاجية الأولية والثانوية، وبنية النظام البيئي، وإمدادات المدخلات، أو التأثير على أسعار المنتجات، وتكاليف مسحوق السمك وزيت السمك، والسلع الأخرى.
الخدمات التي يحتاجها الصيادون ومنتجو تربية الأحياء المائية. الطرق المختلفة التي سيؤثر بها تغير المناخ على إنتاج تربية الأحياء المائية، فضلا عن الآثار المترتبة على استدامة قطاع تربية الأحياء المائية.
وقد تختلف آثار التغير المناخي على تربية الأحياء المائية تبعا للمواقع الجغرافية والاقتصاد والمناطق المناخية وأنظمة الإنتاج والأنواع المستزرعة وكذلك تختلف تأثيرات التغير المناخي على منتجي تربية الأحياء المائية تبعا للظروف لنوع الأستذراع السمكي (المياه العذبة والمالحة والبحرية).
ولسوء الحظ أن صغار المزارعين أكثر تأثراً بمخاطر التغير المناخي بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج في إدارة المزارع.
ومن المتوقع أن التغير المناخي قد يسبب ارتفاع بمقدار 1.5 درجة مئوية في متوسط درجة الحرارة العالمية هذا القرن وحيث أن درجة الحرارة مهمة في نمو وتطور الأسماك. فعند ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية أو أعلى، مما يترتب عليه زيادة متوقعة في امتصاص ثاني أكسيد الكربون
وبذلك يظهر التأثير السلبي على نمو وتطور وبقاء ووفرة الأحياء المائية المختلفة. والي جانب ذلك فان الزياده المحتمله في درجات الحرارة قد تتسبب في زياده حدوث أمراض الأحياء المائية مثل الأمراض البكتيرية والطفيلية والفيروسية والفطرية، ولكن للأسف بطريقة لا يمكن التنبؤ بها حيث أن تعرض الأسماك للإجهاد الحراري يجعلها أكثر حساسية للأمراض، وقد يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى إدخال أمراض غريبة.
تعتبر الثروة السمكية في مصر واحدة من أهم مصادر الدخل القومي، وكذلك تعتبر مصدر من مصادر البروتين الآمن.
وتشغل المصايد السمكية في مصر مساحات شاسعة تزيد على 13 مليون فدان. وتحتل مصر المركز الأول في إفريقيا في مجال الاستزراع السمكي والسادس عالميًا حسب التصنيف العالمي لمنظمة الأغذية والزراعة الأمم المتحدة (FAO) والثالث على مستوى العالم في إنتاج البلطي.
ومع وجود ظاهره التغير المناخي فمن المتوقع اصابه الأسماك المستزرعه في مصر بالعديد من الأمراض وبالأخص الأمراض البكتريه المرتبطه بارتفاع درجات حراره المياه مثل مرض إدواردسيلا (Edwardsiellosis).
يعد مرض إدواردسيلا (Edwardsiellosis) مرضًا بكتيريًا خطيرًا في قطاع تربية الأسماك، ويسبب خسائر مالية هائلة في جميع أنحاء العالم والمسبب البكتري لهذا المرض هي بكتيريا من جنس (Edwardsiella) وهذه البكتريا من نوعيه سالبة الجرام (Gram negative bacteria)، على شكل عصوي (Rod-shape)، وتنتمي إلى عائلة (Enterobacteriaceae).
ويعد مرض إدواردسيلا أكثر شيوعًا في تربية الأحياء المائية عند درجات حرارة المياه المرتفعة والظروف المائية السيئة حيث أن تتواجد البكتريا المسببه للمرض بكثرة في البيئات المائية ذات درجات حراره عاليه وخاصة اذا كانت الأسماك مجهدة وبالتالي قد يكون مرض إدواردسيلا أكثر شيوعا في أثناء فصل الصيف وبالأخص في ظل وجود التغير المناخي وما يترتب عليه من أحتباس حراري.
ويعتبر مرض إدواردسيلا أحد مسببات أمراض الأسماك البلطي النيلي (Nile tilapia–Oreochromis niloticus) وخاصة خلال فصل الصيف. حيث تظهر الأسماك المصابة عادة بتسمم الدم النزفي (Haemorrhagic septicemia)، وسلوك سباحة غير طبيعي، وجحوظ العين (Exophthalmia)، والتقرح، والاستسقاء (Ascites)، مع تسجيل نسبه وفيات عاليه. التخفيف والتكيف والعلاج (Mitigation and Adaptation) هي من أهم الأستراتجيات للحد من ظاهره التغير المناخي ويشمل التخفيف (Mitigation) الجهود المبذولة لتقليل أو منع انبعاث غازات الدفيئة، في حين يتضمن التكيف (Adaptation) إجراء بعض التعديلات على الممارسات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية استجابة لتغير المناخ.
وقد يلجأ بعض المربين الي استخدام بعض المركبات للتخفيف من حده التغير المناخي ومن هذه المركبات هو السبيرولينا (Spirulina) حيث يُستخدم السبيرولينا على نطاق واسع في تربية الأحياء المائية ويمكنها تعزيز نمو الأنواع المستزرعة، وزيادة الشهية، وزيادة مقاومة الأمراض، وزيادة معدل بقاء اليرقات في تربية الأحياء المائية، كما أنها تتكاثر بسرعة وسهولة زراعتها.
سبيرولينا هي طحالب خضراء مزرقة علي شكل دوامه (Spiral) وهي خيوط رفيعة طويلة تندرج تحت (Genus Arthrospira, Phylum Oscillatoriaceae).
يمكننا تلخيص الاستراتيجيات المختلفه للتخفيف من حده وتأثيرالتغير المناخي علي تربية أسماك البلطي علي أنها تلك الممارسات التي تعزز قدرة الأسماك على الصمود للتغير المناخي مثل (1) التربية الانتقائية وأختيارسلاللات البلطي االتي تتحمل درجات الحرارة المرتفعة، ومقاومة للأمراض، (2) ممارسات التغذية المثالية وذلك عن طريق تطوير واستخدام الأعلاف المصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات الغذائية لسمك البلطي في ظل ظروف بيئية صعبه مع وضع في الأعتبار لأضافه بعض أضافات الأعلافمثل الطحالب وعلي سبيل المثال طحلب السبيرولينا (Spirulina) ، (3) إدارة جودة المياه.
ومن الضروري التأكيد أن فعالية هذه الاستراتيجيات قد تختلف تبعًا للظروف البيئية المحددة والموقع الجغرافي لعملية استزراع أسماك البلطي وإن المراقبة المستمرة لتلك الممارسات وتكييفها استجابة للظروف المتغيرة أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح على المدى الطويل لتخفيف من حده وتأثيرالتغير المناخي علي تربية أسماك البلطي.
