بقلم : الدكتورة / فريدة حسن محمد
باحث أول بقسم المناعة – معهد صحة الحيوان .الدقى – مركز البحوث الزراعية
تُعد رعاية وتحسين صحة الحيوانات الرضيعة، وبخاصة العجول، جزءًا حيويًا من الاهتمام الزراعي في مصرحيث تلعب العجول الرضيعة دورًا محوريًا في صناعة اللحوم والحليب، ولذلك فإن تعزيز صحتها وتحسين مناعتها يعد أمرًا استراتيجيًا لتحقيق مردود اقتصادي مستدام.يلعب الجهاز المناعي دورًا حاسمًا في هذا السياق، حيث يحدد مدى قوة المناعة استعداد العجولالرضيعه لمواجهة التحديات البيئية والصحية. في هذه المراجعة، سنلقي نظرة على مكونات ووظائف الجهاز المناعي للعجول الصغيرة
المناعة الفطريه(Innate immunity) في العجول الوليدة
تمثل المناعة الفطرية جزءًا أساسياً من المقاومه التي تتمتع بها العجول الوليدة لمواجهة التحديات البيئية والميكروبية في الفترة الأولى من حياتها. حيث تشكل هذه النظم المناعية الطبيعية أول خط دفاعي يحمي هذه الكائنات الصغيرة والضعيفة من الأمراض والعدوى. تعتمد المناعة الفطرية على عدة آليات أساسية تعمل على حماية العجول الصغيرة حديثي الولادة.في مرحلة الولادة، تكون المناعة الفطرية متاحة للعجول الصغيرة دون أن تحتاج للتعرض للعوامل الخارجية. يشمل هذا النوع من المناعة العديد من الآليات الدفاعية مثل الحاجز الجلدي والأغشية المخاطية، والإنزيمات، والبكتيريا النافعة الموجودة في الأمعاء.و كذلك المكونات السائله المناعيه (Humoral components) و الخلايا المناعيه (Immune cells)
المكونات السائله للجهاز المناعى الفطريفى العجول الرضيعه:
تتواجد بكمية محدودة فى العجول الرضيعه ولا تعمل بشكل جيد كما هو الحال عند العجول البالغه و على سبيل المثال للمواد السائله:
-
المكمل (Complement system):
هوجزء ضرورى من طرق دفاع الجسم ضد الجرثومات المختلفة و يتكون من عدد من بروتينات بلازما و يساعد فى القضاء على الجراثيمو يحفز ابتلاعها من قبل خلايا البلعمات.
و يبلغ نشاط المكمل في العجول حديثة الولادة عند الولادة حوالي 50% من نشاطه في الأبقار البالغة.و يتضاءل بسرعة عند عمر يوم واحد إلى أقل من 20% من المستوى المنتشر في الأبقار البالغة. تزداد مستويات المكملات في الدورة الدموية تدريجياً وبحلول شهر واحد من العمر ترتفع إلى ما يقرب من 50٪ من المستوى لدى البالغين.
-
الانترفيرونات (Interferons) :هو نوع مهم من السيتوكينات وله دور اساسى فى الدفاع ضد الفيروسات .حيثيبدو نشاط الإنترفيرون في الخلايا الظهارية (Epithelial cells)للعجول الوليده طبيعيًا، لكن إنتاج النوع الأول منه(Interferon type-1) يكون قليلا من خلايا الدم البيضاء.
المكونات الخلويه للجهاز المناعى الفطري فى العجول الرضيعه:
غالبا يكون فعاليه المناعه الخلويه ضعيفا فى العجول الرضيعه عن العجول البالغه
-
و على الرغم من زياده عدد خلايا النيوتروفيل المنتشرة في العجل حديث الولادة أعلى بحوالي أربع مرات من العجول البالغة من العمر 3 أسابيع.ولكنهاتظهرقدره قليله على البلعمهفى العجول الوليده ، وتبدأ قدرتها تزداد بعد تناول لبن السرسوب.و بحلول عمر أسبوع واحد، تصبح خلايا النيوتروفيل فعالة وقادرة على تكوين استجابة فعالة. و تتحسن وظيفة االنيوتروفيل تدريجيًاو تصل إلى مستويات العجول البالغين بحلول عمر 5 أشهر.
-
وكذلك يكون عدد خلايا الدندرتيك (Dendritic cells) أقل عند العجول الوليده، وتكون قدرتها لتنشيط الجهاز المناعي المكتسب محدودة.
-
ايضا يكون عدد الخلايا القاتلة الطبيعية (Natural killer cells) أقل عند عمر أسبوع واحد (3٪ من إجمالي الخلايا الليمفاوية) مقارنة باالعجول البالغه و يزداد عددها إلى 10% بحلول عمر 6 إلى 8 أسابيع.
ونظرا لضعف نظام المناعه الاوليه و المكتسبه ضد الامراض فى العجول حديثه الولاده لذلك فإن المناعة المنقوله من الامهات (Maternal immunity) و من خلال لبن السرسوب او مايطلق عليها المناعه السلبية (Passive immunity)،
تمثل دورا اساسيا فى تنشيط وتنظم الاستجابات الفطرية و المكتسبه الموجودة في العجول الوليده لمحاربة العدوى
المناعة السلبية (Passive immunity)
العجول حديثة الولادة تكون غير مؤهلة جيدا من الناحية المناعية عند الولادة. ولم تتح لهم الفرصة لتعزيز المناعة المكتسبه(Adaptive immunity)عن طريق التعرض لمسببات الامراض المختلفه بسبب وجود البيئة الواقية من الامراض في الرحم، والتي تحد أيضًا من تنشيط الخلايا البالعة (Phagocytes) ودخولها إلى الأنسجة. وتتعرض العجول لمزيد من ضعف المناعه بسبب عوامل الأمومة والتأثيرات الهرمونية للولادة وقله الأجسام المضادة في الدورة الدموية وفي الأنسجة للجنين ما قبل الولاده. ولذلك تعد المناعه السلبيه عن طريق تناول لبن السرسوب ضروريًا لتزويد العجول الرضيعه بالحماية المناعية ضد الامراض خلال أول 2 إلى 4 أسابيع على الأقل من الحياة (1).
اهميه لبن السرسوب (Colostrum) :
-
لبن السرسوب هو الحليب الأبيض المائل للصفرة والذى تنتجه البقرة فى الخمسة أيام الأولى بعد الولادة.
-
يتكون السرسوب بشكل أساسي من الأجسام المناعيه المضادة والسيتوكينات والخلايا المناعيه.بجانب احتوائه ايضا على نسبه عالية من البروتينات والفيتامينات والمعادن والاملاح التي تعتبر مصدراً قيماً لرفع المناعه الطبيعية للعجل المولود ومهمة للعجل للبدء فى النمو.
-
كذلك يحتوي السرسوب على البروتين القابل للاتحاد بالحديد اللازم لنمو الميكروبات فيعوق نموها .
-
كما ان كريات الدهون بالسرسوب تحتوي على مستقبلات تشبه المستقبلات الموجودة بالامعاء و التي يلتصق عليها الميكروب المسبب للاسهال و لذلك يلتصق الميكروب على كريات الدهون ويضل طريقه للامعاء.
الأجسام المضادة فى لبن السرسوب
تعتبر الأجسام المضاده مكونًا مهمًا في السرسوب وتوفر مصدرًا مباشرًا للأجسام المناعيه(Immunoglobulin)للعجول الوليده.
و يحتوي السرسوب على حوالي عشرة أضعاف الأجسام المناعية الموجودة في دم البقرة يوم الولادة لذلك فهو مصدر الوقاية الوحيد في الايام الأولى من عمر العجل.
حيث ان العجول التي تتناول السرسوب بعد الولادة مباشرة تظهر تركيزات كبيرة من الجلوبولين المناعي في المصل بعد فترة قصيرة ، في حين أن العجول المحرومة من السرسوب لا تحتوي إلا على كميات ضئيلة من الجلوبيولين المناعي خلال الأيام الثلاثة الأولى من الحياة(2).و كذلك لا يبدأ الإنتاج الداخلي للـ IgM في العجول المحرومة من السرسوب في الظهور في الدورة الدموية إلا بعد 4 أيام من الولادة ولا يصل إلى المستويات الوظيفية (1 مجم / مل) حتى عمر 8 أيام. كذلك لا تصل مستويات IgA وIgG1 وIgG2 المنتشرة فى الجسم إلى مستويات ملحوظة في هذه العجول المحرومه من السرسوب إلا بعد 16 إلى 32 يومًا من الولادة. ولا تقترب مستويات هذه الأجسام المضادة من مستويات البالغين إلا بعد مرور 4 أشهر تقريبًا من الولادة (3).
السيتوكينات فى لبن السرسوب :
تساعد هذه السيتوكينات المناعية في تطوير الاستجابة المناعية للعجول الوليده. ومنها إنترلوكين 1 بيتا (IL-1beta)، وIL-6، وعامل نخر الورم بيتا(Tumor necrosis factor-beta) ، وإنترفيرون جاما (Interferon-gamma)و هم موجودون في لبن السرسوب ويرتبطون بالاستجابة المسببة للالتهابات (Pro-inflammatory response) وقد يساعدون في تجنيد الخلايا الليمفاوية الاوليه و في نمو المناعة الطبيعي. كذلك يعمل امتصاص الجزيئات الصغيرة مثل السيتوكينات الموجوده فى السرسوب على تحسين قدرة خلايا النيوتروفيل (Neutrophils) على بلع البكتيريا، مما يزيد قدره العجول الرضيعه على مقاومه العدوي البكتيريه (4).
الخلايا فى لبن السرسوب:
يحتوي على ما بين 1106 و3106 خلية/مل على وجه الحصر تقريبًا من كريات الدم البيضاء(5). توجد هذه الكريات البيض بنسب مشابهة للتى موجوده بالدم ، ولكن مع نسبه أكبر من الخلايا البلعمية (Macrophages) (40%-50%) و نسبه اقل من الخلايا الليمفاوية (22%-25%) والنيوتروفيل (25%-37%) . وتكون معظم الخلايا الليمفاوية هي الخلايا الليمفاوية التائية (T-lymphocyte)، وأقل من 5% منها عبارة عن الخلايا الليمفاوية البائية (B-lymphocyte). تدخل بعض هذه الخلايا الأميه إلى الدورة الدموية وتصل إلى مستويات الذروة بعد 24 ساعة من الولادة (6). ايضا يحتوىالسرسوب على كريات الدم البيضاء القادمه من الامو التى تساعد فى تطور خلايا تقديم المستضد بشكل أسرع . وهذا أمر مهم لأن الخلايا المقدمة للمستضد هي الخلية الأساسية لتطوير الاستجابة المناعية المكتسبة لمسببات الأمراض أو اللقاحات.
بشكل عام، فترة الرضاعة تلعب دوراً حيوياً في بناء الأسس المناعية لدى العجول الصغيرة، مما يؤثر إيجابيا على صحتها ونموها لذلك يبرز اهميه التغذية و الرعاية الجيدة في تعزيز المناعة الأولية و المكتسبه للعجول الوليدةو ذلك من خلال:
-
حصول العجول على كمية كافية من السرسوب عالي الجودة خلال الساعات القليلة الأولى من الحياةلتعزيز جهاز المناعة لديهم
-
كذلك تطبيق الفطام التدريجي على نظام غذائي قوي و متوازن وغني بالعناصر الغذائيةالتىتلبي احتياجاته من الطاقة والبروتين والفيتامينات والمعادن الاساسيه لوظيفة المناعة
-
تنفيذ برنامج تطعيم مصمم بشكل جيد و مخصص للأمراض المحددة السائدة و إعطاءهاللعجول فى الأوقات المناسبة وبالجرعات الصحيحة لكىيساعد على تحفيز المناعة النشطة لدى العجول الصغيرة.
-
توفير بيئة نظيفة وصحية تساهم في دعم وتعزيز هذا النظام المناعي الحيوي.