مدى تأثير الدخان السائل فى السيطرة على المعادن الثقيلة فى فيليه البلطى

بقلم: الدكتور/ أسماء رأفت احمد الحنفى

باحث بقسم صحة الأغذية – معهد بحوث صحة الحيوان – معمل بيطرى شبين الكوم – مركز البحوث الزراعية – مصر

تعد الأسماك مصدرا هاما للاغذية الغنية بالبروتين للانسان , كما أنها سهلة الهضم وتحتوى على سعرات حرارية وأحماض دهنية مشبعة منخفضة على عكس اللحوم الحمراء, وبسبب تلوث البيئة على المستوى العالمى والمحلى أدت زيادة الملوثات إلى اصابة الأسماك بالعديد من الأمراض بالإضافة الى تراكم المعادن الثقيلة فى لحوم الأسماك مما يشكل خطورة على صحة المستهلك.

تتعرض الأنهار وشواطئ البحار للتلوث بالمعادن الثقيلة من مصادر مختلفة سواء طبيعية أو بفعل الانسان، ويسبب التلوث بالمعادن الثقيلة مشكلة كبرى وذلك نتيجة إلقاء المخلفات الصناعية والصرف الصحي والزراعي بتلك المسطحات المائية، إلي جانب المخلفات الأدمية والحيوانية، وهذه ظاهرة خطيرة تؤثر بصورة مباشرة أو غير مباشرة علي صحة الانسان وكذلك الكائنات الحية التى تعيش في البيئة المائية.

لذلك فإن تناول الانسان لهذه الاسماك الملوثة بالمعادن الثقيلة يعرضه للاصابة بمخاطر صحية جثيمة، ولهذا نجد أن التلوث البيئي بالمعادن الثقيلة شد الانتباه لخطورته على صحة الانسان.

تستخدم الأسماك البحرية واسماك المياة العذبة كمؤشر او دليل حيوى في برامج المراقبة البيئية لمعرفة مدى تلوث البيئة المائية بالمعادن الثقيلة  مثل الرصاص والكادميوم والنحاس والزئبق وغيرها من المعادن الثقيلة.

المعادن الثقيلة هى مجموعة من العناصر التى تاكون كثافتها اكتر من 5 جرام /سم³  كما يطلق عليها المعادن السامة,

وتوجد المعادن الثقيلة بصورة طبيعية فى النظام البيئى , ويرجع ازدياد نسبة تواجدها مؤخرا الى المصادر الصناعية والنفايات الصناعية السائلة الصادرة من الوقود  بشكل خاص, فان كمية كبيرة من هذه  المعادن يتم تصريفها فى البيئة المائية ويزيد من معدل تلوثها بما فى ذك الأسماك مما يؤثر بشكل سلبى فى انتاجية الأسماك ويمثل تهديد على الصحة العامة كما تشكل خطورة على صحة المستهلك.

أدى تلوث البيئة على المستوى العالمي إلى تلوث الأسماك بالمواد الضارة بالصحة (مثل المبيدات ومياه الصرف الصحي والصناعي والزراعي) حيث أن مدى تلوث الأسماك في مكان ما يعطي دلالة قاطعة على مدى تلوث البيئة.

وفيما يلي أبرز المعادن الثقيلة وبعض تاثيراتها :

الرصاص :

يستخدم الرصاص في البنزين وحبر الطابعات في بعض الدول التي ما زالت لا تمنع استعماله في هذة التطبيقات ، كما يستخدم بكثرة في بطاريات السيارات كما كان يستخدم في انابيب نقل المياه لكن تم منع التعامل بهذا النوع من الانابيب منذ فترة طويلة وفي صيد السمك, ويعد الرصاص اكثر المعادن الثقيلة من حيث حالات التسمم يسببها سنويا في العالم سواء للانسان او الحيوانات البرية والبحرية, يتركز التسمم بالرصاص في العظام والدم والكلى والدماغ والغدة الدرقية ويسبب قصورا في عملها وكما يؤدي الى التخلف العقلي عند الاطفال، و اذا كانت الجرعات التي تتم التعرض لها كبيرة فإنه يؤدي الى تشنجات عصبية قد تنتهي بالوفاة , تعد منطقة جنوب شرق اسيا اكثر مناطق العالم تأثرا بتسمم الرصاص، اذ يصاب فيها اكثر من ربع مليون انسان سنويا فيما يسجل مثل هذا الرقم تقريبا في باقي دول العالم مجتمعة.

الكروم :

يستعمل الكروم بكثرة في عمليات طلاء المعادن وفي دباغة الجلود، وفي صباغة الاقمشة والمنسوجات، يدحل الكروم الى الجسم بشكل رئيسي عن طريق استنشاق الأبخرة المحتوية على مركبات الكروم فيما تقل امكانية دخوله عبر الجلد، ويسبب تقرحات في المجرى التنفسي والتهابات شديدة في الرئتين كما انه مادة مسرطنة، ومن الامور الجيدة في تسمم الكروم انه يتم التخلص منه مباشرة مع البول، ولا يتراكم في اي عضو من اعضاء الجسم.

الكادميوم :

يصل الكادميوم الى الهواء الجوي كناتج سلبي لعمليات حرق الفحم في محطات توليد الطاقة, اذ ينتقل مع الغبار الناتج عن نقل الفحم الى المناطق المحيطة ويستقر في اجسام الكائنات الحية او التربة او المصادر المائية ويدخل الى الجسم بشكل اساسي عن طريق استشاق الغبار المتطاير كما ينتقل الكادميوم إلى الغذاء و عن طريق دخان السجائر ومعروف عنه أنه معدن مسرطن

و يذوب الكادميوم فى الماء ويتراكم فى انسجة النباتات و الأسماك والحيوانات ويتواجد بنسبة عالية فى الأسماك  والكبد والكلاوى واللحوم. ولا يقتصر تعرض الإنسان للكادميوم فقط عن طريق الغذاء ولكن أيضًا من خلال شرب مياه ملوثة أو إستنشاق هواء ملوث به قرب أماكن حرق المخلفات وأيضًا عند العمل فى صناعة البطاريات أو لحام المعادن. كما يتواجد الكادميوم أيضًا فى دخان السجائر..لذلك فإن التعرض لهذا المعدن ولو بنسب قليلة ومستمرة لفتره طويلة عن طريق التدخين يؤدى إلى مشاكل فى الكلى وأمراض الرئتين وهشاشة العظام ارتفاع ضغط الدم مع مشاكل فى وظائف الكبد وتحطيم خلايا المخ.

الزئبق :

يعتبر الزئبق واحد من أكثر المعادن السامه التى تسبب مشاكل صحية عديدة فمعظم الناس معرضين للتلوث بالزئبق من مصادر مختلفة منها حشو الأسنان والتغذية على الأسماك البحرية الكبيرة (التونا…..وغيرها) وتعتبر مياه الشرب ومياه الصرف الزراعى المختلطة بمخلفات المصانع هى أكثر مصادر التلوث بالزئبق فى دول العالم الثالث. يؤدى الزئبق إلى ضعف الإبصار وفقد السمع وحدوث مشاكل فى الجهاز الهضمى والعصبي لتأثيره السام على الأعصابNeurotoxin  كما يؤثر على القدرة العقلية ويؤدى تراكمه إلى حدوث فشل في وظائف الكبد والكلى وضعف فى حاسه السمع

تلوث الأسماك بالزئبق :

تمتص الأسماك البحرية وأسماك المزارع متبقيات الكيماويات السامه والمعادن الثقيلة وتتركز فى أجسامها ويعتبر إسوداد الغشاء البريتونى فى الأسماك أحد الدلائل القوية على تلوث هذه الأسماك بالمعادن الثقيلة ويمكنك ملاحظة ذلك عند تنظيف أمعاء الأسماك وكلما كانت الأسماك كبيرة كانت لحومها أكثر خطورة لأنها تأكل الأسماك الصغيرة وبالتالى يزداد تركيز السموم بها ومن الثابت أن المنتظمين على أكل الأسماك يوجد فى أجسامهم نسبه أعلى من مادة  Methyl mercuryعن غيرهم

سُمية المعادن الثقيلة وأثرها على صحة الإنسان:

تحتاج الكائنات الحية إلى كميات مختلفة من المعادن الثقيلة مثل الحديد والكوبالت والنحاس والمنجنيز والموليبدنيوم والزنك والسيلنيوم، حيث يكون استهلاك هذه المعادن ضرورياً وهاماً للمحافظة على عملية التمثيل الغذائي (الآيض) بجسم الكائن الحي.

تنقسم العناصر الثقيلة إلى عناصر أساسية وعناصر غير أساسية, فالعناصر الأساسية هامة لعمل الإنزيمات مثل Zn++ ، Mg++، حيث تعمل هذه العناصر كعوامل أيونية مساعدة للإنزيمات co-factor ions ضرورية لأيض الخلية بتراكيز منخفضة, بينما تكون العناصر الثقيلة غير الأساسية سامة للخلية ومكوناتها، وبإمكانها تدمير مكونات الخلية عند تركيزات منخفضة، ومن هذه العناصر الكادميوم  Cd، والرصاص .Pb

تنجم خطورة المعادن الثقيلة من قدرتها على التراكم في أجسام الكائنات البحرية مثل:الأسماك والقشريات، كما أن استهلاك كميات كبيرة منها تحتوي على تركيزات عالية من المعادن الثقيلة يؤدي إلى تسمم الإنسان وهو المستهلك النهائي لتلك الاغذية وهو ما يعرف (بتسمم المعادن الثقيلة), حيث تتراكم داخل الجسم بشكل أسرع من انحلالها من خلال عملية التمثيل الغذائي (الأيض(  أو إخراجها.

الدخان السائل ( Liquid smoke ) هو سائل أصفر إلى أحمر قابل للذوبان في الماء يستخدم كنكهة كبديل للطهي بدخان الخشب مع الاحتفاظ بنكهة مماثلة. يمكن استخدامه لنكهة أي لحم أو خضار يصنع عادة عن طريق تكثيف الدخان من الخشب دون أي إضافات غذائية, الدخان السائل يمكن استخدامه لاعطاء نكهة و رائحة تدخين رائعة للطعام من خلال نقع او اضافة القليل منه للدجاج او اللحم او الاسماك قبل الطهى. وبسبب تلوث البيئة والتغيرات المناخية على المستوى العالمى والمحلى.

فقد أدت زيادة الملوثات الى اصابة الاسماك بالعديد من الامراض بالاضافة الى تراكم المعادن الثقيلة فى لحوم الاسماك مما يشكل خطورة على صحة المستهلك لذا فان اتجاه الدراسات الحديثة يميل الى استخدام الدخان السائل لتحديد مدى تاثيره على تلك الملوثات ( المعادن الثقيلة) ومحاولة السيطرة عليها فى الاسماك.