بقلم: الدكتور/ رحاب السيد مسعد جعفر
باحث – معهد بحوث الصحة الحيوانية – معمل فرعي الاسماعيلية
يعتبر اللبن ومنتجاته من أهم المواد الغذائية حيث انه غذاء متوازن متكامل به كافة العناصر الغذائية الضرورية للإنسان والأساسية لنمو جسمه.
وتختلف النسب المئوية لمحتويات اللبن علي حسب السلالة او العمر او حالة الحيوان الصحية او نوع التغذية وكذلك اختلاف المواسم.
ويوجد في مصر انواع عديدة للألبان ولكل منها مواصفات قياسية خاصة من حيث الحد الأدنى للنسبة المئوية لكل من للدهون والمواد الصلبة اللادهنية.
ولكن في الآونة الأخيرة انتشر الحديث كثيرا عن انتشار غش الالبان ومنتجاتها، فيعتبر اللبن من أكثر انواع المواد الغذائية عرضة للغش نظراً للاستهلاك الواسع، فضلا عن سهولة عملية الغش وصعوبة كشفها نوعا ما.
ويعتبر غش اللبن بصفة عامة هو الخروج عن اتباع المعايير القانونية له عن طريق نزع أي من مكوناته الطبيعية او استبدالها بمكونات اخرى أرخص منها، أو إضافة مواد غير صحية لإخفاء عيوب معينة فيه او لحفظه وتداوله، مما يؤدى الى انخفاض قيمته الغذائية وكذلك انخفاض جودة المنتجات الناتجة منه بالإضافة الى إلحاق الضرر صحيا واقتصاديا على المستهلك، فضلا عن الناحية التصنيعية فإن اللبن المغشوش يواجه العديد من الصعوبات التي تظهر اثناء عملية التصنيع.
ومن أهم مبررات غش الالبان هو الحصول على الربح السريع، فقد يلجأ بعض التجار الى غش اللبن بغرض الكسب غير المشروع او اطالة مدة حفظه حتى يتم التصرف فيه، وانتشار الغش في الالبان ومنتجاتها يعود الي أسباب عديدة منها ان اللبن بطبيعته سائل يسهل غشه حيث يمكن بسهولة نزع جزء من الدهن للاستفادة به وبيعه بثمن أغلى في صورة منتجات دهنية مثل القشدة والزبد، كما يمكن تخفيف اللبن بالماء دون حدوث تغيرات في لونه أو خواصه الظاهرة.
هذا بالإضافة الي ان تدني بعض وسائل إنتاج اللبن وبالتالي انخفاض درجة جودته خصوصا البكتريولوجية مع ارتفاع درجة حرارة الجو في فصل الصيف يجعل بعض المنتجين والموزعين يلجئوا إلى إضافة بعض المواد الحافظة إلى اللبن أو تبريده بإضافة كمية من الثلج أو الماء البارد حتى يصل إلى المستهلك أو إلى مصانع الألبان.
كما ان في بعض المواسم أو تحت ظروف معينة تقل الكميات الناتجة من اللبن التي لا تكفي طلبات جميع المستهلكين مما يضطر معه صغار الموزعين إلى غش اللبن بإضافة كمية من الماء للوفاء بتلبية رغبات جميع زبائنهم بغرض المحافظة عليه من أن يذهبوا إلى موزع آخر.
إن غش اللبن يقلل من جودته والقيمة الغذائية له، بخلاف الصعوبات التي تظهر اثناء تصنيع بعض المنتجات مثل الزبادي أو بعض أنواع الجبن. وقد يتسبب بمشاكل صحية عديدة وآثار ضارة للجسم لاحتوائه على مواد تمثل خطورة على الصحة العامة لأن أغلبها سام خصوصاً إذا استعملت بنسب زائدة عن المعدل. كما انها تعوق عملية الهضم والامتصاص عند الإنسان، وبعض هذه المواد ذو تأثير ضار على الكلى ولاسيما عند الأطفال، ولذلك فعلينا ان نضع أيدينا على طرق غشه وكيفية اكتشاف هذه الطرق.
وينقسم غش اللبن إلى نوعين: غش مقصود وهو الذي يتم بإضافة بعض المواد مثل الماء او المواد الحافظة أو المواد المالئة او إضافة الدهن النباتي او الحيواني والعديد من المواد الضارة، أو غش غير مقصود نتيجة الإهمال وعدم اتّباع معايير السلامة مثل احتواء اللبن على المضادات الحيوية او السموم الفطرية او بقايا المواد الكيميائية الأخرى.
وقد يلجأ بعض التجار الى الغش المقصود للبن عن طريق اتباع الطرق الأتية:
1 0الغش بإضافة الماء او نزع دهن اللبن جزئيا او كليا، وهو من أكثر أنواع الغش انتشارًا مما يقلل من قيمته الغذائية بالإضافة الي احتمالية زيادة الحمولة المكروبية للبن وتلوثه بالأحياء المجهرية التي قد يكون بعضها مرضي من خلال استخدام ماء ملوث. ويكشف عن هذه الطرق في الغش عن طريق الاتي:
-
تقدير الوزن النوعي للبن: وهو يمثل النسبة بين وزن حجم معين من اللبن على درجة حرارة 60 ف ووزن حجم مماثل من الماء على نفس درجة الحرارة والذي يقاس عن طريق جهاز اللاكتوميتر، وهو يساوي واحد صحيح وبذلك يكون الوزن النوعي للبن هو نفس الحجم على تلك الدرجة من الحرارة، ويتراوح الوزن النوعي للبن الكامل ما بين 1.028 – 1.036 تقريباً.
-
ويكون لقياس الوزن النوعي أهمية كبري كاختبار مبدئي لما يحتويه اللبن من مادة صلبة ومدي احتمال غشه. فان إضافة الماء تقلل الكثافة النوعية للبن أما النزع الجزئي للدهن يؤدي لزيادة الكثافة النوعية للبن.
-
تقدير نسبة دهن اللبن: -وتعتبرهي الأساس لتقدير ثمن اللبن عند بيعه، وتقدر باستخدام الطرق الوزنية مثل طريقة روزجوتليب وهي طريقة تعتمد على استخلاص الدهن بالمذيبات، او باستخدام الطرق الحجمية مثل طريقة جربر وأساس الاختبار يعتمد على مزج اللبن بحامض الكبرتيك المركز الذي يقوم بهضم البروتين وتسهيل انطلاق الدهن ثم فصل الدهن الناتج باستعمال القوة المركزية الطاردة ثم قراءة حجمه ونسبته المئوية، وقد وجد أن إضافة ماء أو النزع الجزئي للدهن أو عمل النوعين معا يقلل محتوي الدهن الطبيعي للبن.
-
تقدير الجوامد الكلية واللادهنية: -ان نسبة الجوامد الكلية هي جميع مكونات اللبن فيما عدا الماء وتشمل الدهن والبروتين واللاكتوز والاملاح المعدنية، أما مجموع هذه المكونات فيما عدا الدهن تعرف باسم الجوامد اللادهنية ويقدر محتوي الجوامد الكلية للبن باستخدام طريقة تبخير الماء من وزن معين من اللبن وتقدير النسبة المئوية للمواد الصلبة، وقد وجد أن إضافة ماء أو النزع الجزئي للدهن يقلل من محتوي الجوامد الكلية.
ويمكن الكشف عن هذا الغش منزليا عن طريق وضع قطرات من اللبن على سطح زجاجي مائل، وتتدفق قطرات اللبن ببطء تاركة وراءها أثرًا أبيض إذا كان اللبن غير مغشوش، بينما يتدفق اللبن المخلوط بالماء(المغشوش) سريعا دون ترك أي أثر.
-
الغش بإضافة مواد حافظة وهي مواد تضاف لإطالة مدة حفظ اللبن ولكن ممنوع استعمالها قانونا لضررها الشديد على الصحة العامة، كما انها تؤدي إلى إخفاء عيوب اللبن مما يصعب تحديد درجة جودته البكتريولوجية.
-
ومن هذه المواد الفورمالين وهو من أكثر المواد الحافظة انتشارا وهو يوجد عادة على صورة محلول 40 % وتكفي منه 5 :6 نقط لحفظ كيلو من اللبن طازجاً لمدة 3 :4 أيام ويتضمن تأثير الفورمالين القضاء على البكتريا الموجودة باللبن تماماً إذا أضيف بتركيز مرتفع يتراوح ما بين 1: 800 إلى 1 :2000 جزء لبن.
-
أما إذا انخفض التركيز إلى 1 :20000 فإن الفورمالين لا يقضي على البكتريا ولكنه فقط يؤدي إلى تأخير وبطء تكاثرها.
وهناك أيضا مادة فوق اكسيد الهيدروجين التي تضاف لحفظ اللبن لحين نقله إلى المصانع خصوصاً مع ارتفاع درجات الحرارة وتتحلل تماماً بعد انتهاء حفظها للبن دون أن تترك أي آثار تدل عليه .
ويستخدم فوق أكسيد الهيدروجين على هيئة محلول قوته 28% ويضاف إلى اللبن عادة بنسبة 1 مل / لتر ( 0.1 % ) وهذه الكمية تكفي لحفظه مدة 9 ساعات تقريباً إذا أضيفت للبن بعد إنتاجه مباشرةً .
ويرجع التأثير الحافظ لفوق أكسيد الهيدروجين إلى تحلله بفعل بعض الإنزيمات الموجودة طبيعياً في اللبن ( الكتاليز والبيروكسيديز) حيث ينفرد أكسجين يقضي على البكتريا الموجودة أو يمنع تكاثرها.
ويتم الكشف عن هذا الغش معمليا بالطرق التالية:
-
الكشف عن الفو رمالين. ويتم بإضافة حمض الكبريتيك المركز الى اللبن يتضح وجود دائرة من طبقيتن زرقاء او بنفسجية اللون يتم معرفة ان هناك نسبة من الفورمالين باللبن.
-
وفي وجود الفورمالين ولو بنسبة ضئيلة للغاية (جزء: 10000) تتكون حلقة بنفسجية عند سطح انفصال
-
السائلين وعند عدم وجود الفورمالين يتكون عند سطح الانفصال لون أخضر خفيف وبعد مدة يتكون لون أحمر بني. ويمكن الكشف عن هذا الغش منزليا عن طريق أخذ عينة من اللبن وعمل الزبادي، فإذا لم ينجح كان ذلك دليلا على غشه بالفورمالين.
-
الكشف عن فوق أكسيد الهيدروجين، ويتم بإضافة قليل من محلول بارافينلين داى امين ويرج جيدا. تغيير لون اللبن الي الازرق يؤكد أن اللبن مضاف اليه فوق أكسيد الهيدروجين.
3-الغش بإضافة مواد مالئة مثل النشا التي تزيد من محتوى الجوامد اللادهنية في اللبن او الجيلاتين بقصد زيادة لزوجة وقوام اللبن وكذلك زيادة الوزن النوعى للبن واخفاء الغش بالماء. ويتم الكشف عن هذا الغش معمليا بالطرق التالية:
-
الكشف عن النشا بإضافة من 2 الى 3 قطرات من محلول اليود (يوديد البوتاسيوم) 1 ٪ الى اللبن إذا تغير اللون الى الازرق يشير الى ان هناك غش بالنشا. ويمكن الكشف عن هذا الغش منزليا.
-
الكشف عن الجيلاتين ويتم الكشف عن الجيلاتين باستخدام محلول نترات الزئبقيك الحامض ومحلول حامض البكريك المائي المشبع. ففي حالة وجود الجيلاتين يتكوّن راسب أصفر مع اللبن المغشوش.
-
4. الغش بإضافة الدهن النباتي او الحيواني حيث يلجأ بعض التجار لهذا النوع من الغش في منتجات الحليب الدهنية كالسمن والزبد باستبدال دهن اللبن بدهون نباتية او حيوانية وذلك لتوفرها بكثرة وبأسعار الرخيصة نسبياً. ويتميز دهن اللبن بشكل رئيسي بالأحماض الدهنية ذات السلسلة القصيرة مثل حمض البيوتريك، الكابريك، الكابريليك؛ في حين ان الزيوت النباتية تتكون أساسا من احماض دهنية ذات سلسلة طويلة.
-
لذلك يتم الكشف عن مثل هذا النوع من الغش بالاعتماد على ما يلي:
-
تقدير محتوى حامض البيوتيريك في دهن الحليب على اساس ان هذا الحامض موجود في دهن الحليب فقط وبكميات معروفة.
-
تقدير محتوى الدهن من الاحماض الدهنية غير المشبعة على اساس ان هذه الاحماض تتواجد بنسبة اعلى في الزيوت النباتية وبنسب أقل في الدهون الحيوانية مما هي عليه في دهن الحليب.
-
تقدير محتوى الدهن من فيتامين Eعلى اساس ان الزيوت النباتية تحتوي على كمية أكبر من هذا الفيتامين مما يحتويه دهن الحليب.
-
الغش بإضافة مواد قلوية (كربونات او بيكربونات) وهي التي تضاف لمعادلة جزء من الحموضة الناشئة عن التلوث الميكروبي.
-
ويتم الكشف عن هذا الغش معمليا عن طريق اضافة قطرات من حامض الروزليك الى اللبن فاذا تغير لون اللبن من الابيض الى الوردي دل ذلك على أن اللبن مغشوش بكربونات او بيكربونات الصوديوم وهذا الاختبار يتضح اهميته في حدوث تعادل اللبن حتى يظهر رماد بيكربونات الصوديوم واذا لم تتضح النتائج مع ذلك الاختبار يتم الاستمرار في الاختبار للبن عن طريق وضع وزن معين من اللبن في بوتقة رماد وتبخير الماء عن طريق حرقه في الفرن والحصول على الرماد ثم إذابته في كمية معلومة من الماء المقطر ويتم معايرته بحمض الهيدروكلوريك باستخدام دليل الفينولفيثالين واذا كانت قيمة الحموضة 1.2 ملى يعتبر ان هناك تعادل للبن وغش.
-
الغش بإضافة اليوريا وهي تضاف عموما في اعداد اللبن المعاد تركيبه لرفع قيمة الجوامد اللادهنية (البروتين). والكشف عنها يتم بعد ترسيب بروتين اللبن بواسطة TCA (24%) نأخذ 2ملى من الراشح ويخلط مع 2ملى من كاشف بارا داى ميثل امينو بنزالدهيد (1.6جم/100 مل ايثانول) والانتظار لمدة 10ق حتى تمام التفاعل وظهور لون اصفر ولتحديد تركيزها يتم قياس اللون عند طول موجي 420 nm مع عمل بلانك ومنحنى قياسي من اليوريا والتطبيق في المعادلة الخطية.
-
الغش بإضافة كبريتات الامونيوم وهي تضاف ليزيد الوزن النوعي للبن ويرفع قيمة الجوامد اللادهنية كمصدر للنتروجين. ويتم اجراء الاختبار بوضع حامض مناسب مثل حمض الستريك وينتج شرش اللبن يجمع شرش اللبن في انبوبة الاختبار ويضاف له 5 مل من كلوريد الباريوم (5٪) فإذا ظهر راسب فهذا يدل على وجود كبريتات الامونيوم في اللبن.
-
الغش بإضافة بودرة السيراميك يتم الكشف عن وجودها باختبار التجبن لبروتين اللبن حيث يتم أخذ حجم معين من اللبن في انبوبة اختبار ثم إضافة حجم مماثل من كحول الايثانول فيحدث تجبن لبروتين الكازين ولايحدث تجبن لبودرة السيراميك.