بقلم: الدكتور/ محمد سعيد الأسيوطي
باحث أول صحة و سلامة الأغذية- معهد بحوث الصحة الحيوانية – فرع دمنهور – مركز البحوث الزراعية- مصر.
مع تنامي الوعي العالمي في السنوات القليلة الماضية زاد الاهتمام بسلامة الاغذية و الصحة العامة فأدي ذلك الي ضرورة الاهتمام بالكشف عن متبقيات المضادات الحيوية في الاغذية و خاصة الاغذية ذات الاصل الحيواني , فسارعت العديد من المنظمات الدولية المعنية بصحة الانسان الي إطلاق العديد من التحذيرات الى كل دول العالم وشددت على ضرورة ترشيد إستخدام المضادات الحيوية فى علاج الحيوانات و الدواجن مع حتمية الالتزام بفترات سحب الأدوية القانونية قبل الذبح . جاء ذلك إثر حالة من القلق إنتابت العالم نتيجة تلوث اللحوم و منتجاتها بمتبقيات المضادات الحيوية بسبب كثرة الإستخدام المفرط للمضادات الحيوية فى علاج الحيوانات والدواجن التى تعتبر من أهم مصادرالغذاء للإنسان و تؤكد الكثير من الابحاث أنها تعد واحدة من أهم أسباب إصابة الإنسان بالسرطان و الفشل الكلوي و الكبدي و تفاعل فرط الحساسية و إحداث الطفرات الجينية و خاصة فى المواشي التى تحقن بالكلورامفنيكول و لذلك تم وقف هذا المضاد الحيوي, ايضا” تؤدي الى تطور البكتيريا و مقاومتها للمضادات الحيوية كما تؤدي الى حدوث إضطرابات فى الفلورا الطبيعية فى الامعاء و خاصة بعد إستخدام مستحضرات الكينولون , كما تؤدي الى قلة المناعة و عدم القدرة على مقاومة الامراض و خاصة البكتيرية منها .
إستخدمات المضادات الحيوية
عادة ما تستخدم المضادات الحيوية فى الحيوانات إما كعلاج أو كمنشط للنمو وزيادة الوزن وتحسين الكفاءة الإنتاجية للتحويل الغذائى الحيوى فى الحيوانات و الدواجن ، وبالتالى يحقق المربى أكبر عائد من إنتاج اللحوم . يأتي ذلك فى الوقت الذي يقوم فيه مربى الدواجن بإستخدام العقاقير البيطرية بعشوائية بسبب غياب الرقابة وغياب الضمير عند الذين يشرفون على هذه المزارع، رغم إمكانية إبقاء الحيوانات أو الدواجن لفترة قصيرة قبل الذبح حتى يتم سحب بقايا المضادات الحيوية من أجسامها وتجنب مخاطر الإصابة بأمراض عديدة و من أمثلة المضادات الحيوية المستخدمة بكثرة في المواشي و الدواجن ( البنسلين و الاوكسي تتراسيكلين و و السبروفلوكساسين و غيرها).
وتعتبر الحيوانات و الدواجن شركاء لنا فى بيئتنا ويجب أن نعاملهم بما يليق بهم، إن لم يكن من أجلهم فمن أجل صحتنا جميعاً لكى نتجنب الاصابة بالعديد من الأمراض المزمنة التى تهدر الكثير من الجهد و المال لمعالجتها خصوصاً إذا وصلت الى مرحلة إظهار الأعراض المرضية حيث يصبح من الصعب علاجها لأن العضو المصاب يكون قد فقد وظيفتة ، وأصبح فى حالة مرضية لا تمكنه من تأدية وظيفته الطبيعية مثل الفشل الكبدى والكلوى و السرطان.
تأثير التلوث البيئي علي صحة الانسان و الحيوان
أثبتت الابحاث و الدراسات أن الحيوان أكثر حساسية من الانسان بالتلوث البيئي حيث انه يعد مصدر إنذار مبكر للتلوث البيئي وهو ما يعتبر مؤشرًا” يعتمد عليه فى القياسات الخاصة بالتلوث البيئى والصحة العامة، وتلافى مخاطر التلوث قبل وصوله إلى الإنسان. ولذلك حرصت معظم الدول على توفير المنتجات الحيوانية و الداجنة ووصولها إلى المستهلك بحالة صحية جيدة وخالية من كل مسببات الأمراض والملوثات و البقايا الدوائية كالعقاقير والمبيدات الحشرية والهرمونات ومنشطات النمو والاشعاعات، فأقرت قوانين صارمة لمنع وصول تلك البقايا الضارة إلى جسم الإنسان بتحديد فترات سحب و توقيتات ملزمة لكل مستحضر على حدى ترفع فيها إضافات الأعلاف الدوائية من غذاء الحيوان ويوقف إعطاءه أى دواء لفترات محددة قبل الذبح أو استعمال منتجاته، كما تلزم القوانين بإعدام المنتجات الحيوانية المتواجد بها تلك البقايا مع إعدام جميع الحيوانات الحية بالمزرعة عند ثبوت مخالفة وغلق تلك المزارع.
ومما لاشك فيه أن المشكلة لاتكمن فى إستخدام المضادات الحيوية و لكن فى عدم إلتزام الجهات الانتاجية بفترات السحب القانونية قبل البيع و الذبح والتى تقضي بمنع المربي من ببيع الدواجن أو الحيوانات أو منتجاتها قبل التخلص من تلك المتبقيات مما يعطي الفرصة لتكوين البكتريا المقاومة لتلك المضادات الحيوية فى أمعاء الحيوان او الدجاج و من ثم تؤدي الي تلوث اللحوم و البيئة المحيطة بها. و السبب وراء تلوث اللحوم بهذه البكتريا يأتي نتيجة أن البكتريا تطور قدراتها الدفاعية فى مواجهة المضادات الحيوية تؤدى إلى انتشار مسببات الأمراض التى لا تستجيب للعلاج، ولا تخضع لتأثير الدواء مما يؤدى إلى فقد أو نقص الإنتاجية وتحقيق خسائر كبيرة , و يؤدي إنتشار تلك البكتريا الي إبطال تأثير بعض المضادات الحيوية التى لا بديل لها ,حيث أن البكتريا تكتسب الممانعة بطرق عديدة منها تغيير مسارات الأيض وتحوير الأغشية الخلوية وتعديل البكتريا لمستويات منخفضة من المضاد الحيوى أو تركيزات ضعيفة أو جرعات أقل من مستوى الجرعات العلاجية، والذى قد يساعد كثيرا” على مقاومتها للمضاد الحيوى.
إن بقاء المضادات الحيوية فى جسم الحيوان أو الدجاج تمنح البكتريا مناعة وقدرة على المقاومة لتأثير المضادات الحيوية ، والذى ينتقل فى النهاية إلى الإنسان، ويتراكم داخل جسمه مما يجعله يصاب بتلك البكتريا، والتى اكتسبت قدرة على المقاومة، وبالتالى يستحيل العلاج وقد يصاب الإنسان بأمراض خطيرة مثل تليف الكبد والأوارم السرطانية.
إن حرص المربي على إستعجال المكسب مع تحقيق أكبر عائد ممكن باستخدام المضادات الحيوية والهرمونات بلا وعي وبلا ضمير فى مزارع تسمين الحيوانات و الدواجن قد ينتج عنة إصابة الإنسان بالعديد من الامراض ، ولذلك وجب علينا دق ناقوس الخطر للوقوف على أبعاد المشكلة مع ضرورة دعم الأجهزة الرقابية بالكوادرالفنية المؤهلة و التجهيزات التقنية والالتزام بفحص اللحوم ومنتجاتها والأعلاف وإضافاتها فحصاً معملياً . مع ضرورة التوسع فى إجراء الابحاث و الدراسات الحقلية و الميدانية و التى من خلال نتائجها الواقعية يتم تقديم الدعم الفنى اللازم لصانعى القرار و الهيئات المعنية بالرقابة الصحية على الاغذية و جهاز حماية المستهلك و المراكز البحثية بضرورة الكشف عن الاغذية غير الآمنة و مصادرتها و معاقبة المسئولين عن تواجد مثل هذه المتبقيات لحماية المستهلك .
Reference
1-Abdelrahman M Elbagory , Abobakr M Edris and Khaled M Muhammad ( 2017): Studies on Residues of Antibiotics and Growth Enhancer-Hormone in Imported and Locally Produced Beef. Nutr Food Technol Open Access 3(2): doi http://dx.doi.org/10.16966/2470-6086.140.
2- Amany M. Ahmed and Maisa M. Gareib (2016): Detection of Some Antibiotics Residues in Chicken Meat and Chicken Luncheon. Egypt. J. Chem. Environ. Health, 2 (2): 315 -323(2016) On line ISSN: 2536-9164.
3- Donoghve DJ. (2003). Antibiotics residues in poultry tissue & eggs : human health concerns. Poultry Sci.
4-Heitzman, R.J (1994) : vet. Drug residues : residues in food – producing Animal and their products – Black well, Scientific publication, Oxford, UK.
5-Penny cott, T.W. (1987): Toxicological Evidence of Drug residues. The state veterinary Journal, Vol. 42, 20-79 .