بقلم : الدكتور / محمد سعيد الاسيوطي
باحث أول صحة الاغذية – بمعهد بحوث الصحة الحيوانية – فرع دمنهور- مركز البحوث الزراعية – مصر
لاشك أن سـلامة الغـذاء أضحت موضع اهتمام من كافة المعنيـين بصناعة الغذاء مثل ( صناعة الالبان و اللحوم و الاسماك و منتجاتها) حول العالم ومـن أجـل تحقيق أكبر قدر ممكن من الأمـان للأغذية التي تقدم للمستهلك, ومع تنامي الـوعى الغذائي للمنتج وللمستهلك علي السواء أصبح موضوع سلامة الغذاء يشكل قدر كبير من اهتمام البشر ، وخاصة بعـد التقـدم العلمي الكبيـر في الآونة الاخيرة فـى مجـال الرقابة الصحية علي الاغذية و التعرف علي الكثير من الامراض المنقولة من الغذاء للإنسان . ومما لاشك فيه أن لسلامة الغذاء أهمية كبري في توفير غذاء آمن و خــالي مــن الملوثــات والمخاطر التي تسبب أذى أو ضرر للإنسان لذا يجب أن تتوافر في الغذاء الآمن الشروط والإجراءات الواجـب اتخاذهـا خـلال مراحل الإنتـاج والتجهيـز والتخـزين أو التوزيـع للتأكـد مـن ســلامته و صــلاحيته للاســتهلاك الآدمي . ويعدّ الهاسب أحد أحدث أنظمت إدارة الجودة و سلامة الغذاء التي توصل إليها العلم الحديث في مجال الرقابة الغذائية الذاتية. وهو نظام وقائي يعنى بسلامة الغذاء ,حيث يعتمد في تطبيقه علي تحليل المخاطر، وتحديد نقاط التحكّم الحرجة وهو نظام مسؤول عن عمليات إنتاج الغذاء، وتحديد مواقع الخطر أثناء الانتاج، ويتم ذلك من خلال المراقبة المستمرّة للعملية الإنتاجيّة، والتحكّم بجميع مراحل وخطوات الإنتاج، بالإضافة إلى وضع قوانين صارمة لمنع حدوث أيّ مشاكل أو أخطار، وتكمن أهمية نظام الهاسب في تمكّنه من ضمان سلامة المنتج الغذائيّ، حيث إنّ أولويات الهاسب هي التحكّم في العملية الإنتاجيّة، وتقليل المخاطر الناتجة، وضمان سلامة الأغذية من الملوّثات بشتى أنواعها، مثل الملوّثات المكروبيولوجية، والفيزيائية والكيميائيّة، وبالطبع مع وجود نظام يحمي الأغذية من التلوّث، ويحُد من المخاطر الناتجة، يمكن أن يعزّز الصحة العامة و حماية المستهلك.
ما ھو الھاسب “ HACCP ” ؟
الهاسب HACCP هو اختصار يعني بالعربية ” نظام تحليـل المخاطر ونقاط التحكم الحرجة” و بالإنجليزية
Hazard analysis and critical control points ) ) , وهو نظام وقائي استباقي يعنى بسلامة الغذاء من خلال تحديد الأخطار التي تهدد سلامته , سواء أكانت بيولوجية أو كيميائية أو فيزيائية ، ومن ثم تحديد النقاط الحرجة التي يلزم السيطرة عليها لضمان سلامة المنتج. وهي طريقة معترف بها دوليًا لتحديد وإدارة المخاطر المتعلقة بسلامة الأغذية، حيث يعتمد على نهج منطقي وعلمي للتحكم في المخاطر، ويقوم على نظام وقائي استباقي يضمن الإنتاج الآمن للمنتجات الغذائية.
ويقسم الهاسب إلى جزئين رئيسيين هما :
أ- تحليل المخاطر
ب- تحديد نقاط التحكم الحرجة
ويعتمد في تطبيقة علي عنصرين أساسين هما:
1- الوقاية
2- التوثيق.
نظـام الهاسـب يركز في المقام الاول علـى سـلامة المنـتج ولـيس علـى جودتـه . لقد كان التأكد من سلامة الغذاء فى الماضى يعتمد على أخذ عينات عشـوائية واختبـار وفحـص المنتج النهائى ، ولذا يمثل هذا النظـام الحـديث تغيـر فـى أساسـيات ومبـادئ صـناعة الغـذاء ، من هنا سهل نظـام الهاسـب علي السـلطات التنفيذيـة المسـئولة عـن تنظـيم هـذه الصناعة التأكد على سلامة الغذاء بطريقة علمية بدلا من الاعتماد على فحص وتحليـل المنـتج النهائى.
دواعي استخدام نظام الھاسب :
-
مواكبة نظام التجارة العالمي الجديد .
-
عدم فعالية الطرق التقليدية في الحد من التسمم الغذائي
-
اشتراط بعض الدول تطبيق هذا النظام على المنتجات الموردة لها
-
الرغبة في إشراك القطاع الخاص في عملية الرقابة الذاتية .
فوائد نظام الھاسب :
-
ضـمان سـلامة الغـذاء لتحقيـق رغبـات المسـتهلك والمحافظـة علـى صحته .
-
الوقايـة مـن الأمـراض التـى تنتقـل عن طريق الغذاء وخاصة فى الـبلاد الناميـة .
-
من خلال تطبيـق نظـام الهاسـب يحصـل المصـنع علـى برنـامج تنظيمـى للمراقبـة يغطـى كـل نواحي سلامة الغذاء ابتداء من المادة الخام حتى المنتج النهائى .
-
ينقـل الشـركة مـن نظـام فحـص المنـتج النهـائى إلـى اتجـاه جديـد نحـو منع حدوث الأخطار قبل ظهورها ومما يؤدى إلى إنتاج منتجات عالية الجودة وتقليل الفاقد من المنتج النهائى.
-
يؤدى إلى زيادة ثقة المستهلك فى طرق سلامة المنتج الغذائى.
-
يؤدى إلى تقليل فرص سحب المنتج من السوق.
-
يؤدى إلى زيادة الطلب على المنتج لأن الهاسب يسمح بوجـود خطـة جيـدة التنظيم ووثائق وسجلات وكل ذلك يجذب العملاء لأنها تضمن غذاء آمن وجيد.
-
يساهم فى زيادة منافسة مصانع الأغذية بكفاءة فى السوق العالمى
فوائد الھاسب بالنسبة للدولة:
-
التأكـد مـن إنتـاج غـذاء صـحى ، آمـن وسـليم للمسـتهلكين وضـمان عـدم انتشـار الأمـراض والأوبئة .
-
الثقـة فـى سـلامة منتجـات الأغذيـة بـالبلاد ممـا يـؤدى إلـى الثقـة فـى الـدخول فـى التجـارة الدولية .
-
يساعد على تطوير وتحديث الصناعة
-
يساعد على خفض التكاليف فى صناعة الأغذية .
-
مما يتكون نظام سلامة الغذاء الھاسب ؟
-
أولا” البرامج التمھيدية لتطبيق نظام سلامة الغذاء الھاسب: Pre-requisite programs
يتطلب إنتاج غذاء آمـن صـحيا ويطبـق نظـام الهاسـب علـى شـركات سبق فيها تنظيم طريقة الصناعة بتطبيق كل الوسائل لحماية الغذاء من التلوث ومـن البرامج التمهيدية للهاسب ما يلى :
١ –ممارسة التصنيع الجيد .
٢ –ممارسة الشئون الصحية الجيدة .
٣ –تطبيق برامج مراقبة الجودة والجودة الشاملة .
٤ –الصيانة الدورية للأجهزة والمعدات.
٥ –مقاومة الآفات .
٦ –مراقبة صحة العاملين Personal Hygiene .
٧ –برامج تدريب العاملين .
٨ –سحب عينات من السوق لفحصها Product Recall.
٩ –تسجيل شكاوى المستهلكين .
١٠ –اتباع تعليمات هيئة الكودكس الخاص بالشئون الصحية للغذاء للتبادل الدولى.
-
ثانيا” مبادئ وأساسيات الھاسب ” المبادئ السبعة ” : The Seven Principles of HACCP
لتنفيـذ برنـامج الهاسـب يقـوم فريـق الهاسـب باتبـاع أساسـيات الهاسـب السـبعة حيث يتم تحليـل المخـاطر الموجـودة فـى جميـع مراحـل تصـنيع الغـذاء منـذ المـادة الخـام حتـى استهلاك المنتج النهائى من حيث مصادر الخطر البيولوجية والكيميائيـة والطبيعيـة ومـدى شـدة هذه المخاطر ومعدل تكرارها وتأثيرها على سلامة الغذاء ثم تحـدد نقـاط الـتحكم الحرجـة بمعـايير مناسبة للتحكم فى هذه النقاط ثم متابعة هذه النقـاط لملاحظـة أى انحـراف عـن الحـدود الحرجـة لإجــراء الفعــل التصــحيحى المناســب والتأكــد مــن منــع الخطــر الــذى كــان يهــدد ســلامة الغــذاء .وأساسيات الهاسب السبع هى :
1 –تحليل المخاطر .
٢ –تحديد نقاط التحكم الحرجة .
٣ –تحديد الحدود الحرجة .
٤ –تحديد طريقة المراقبة والتتبع .
٥ –تحديد الإجراءات التصحيحية .
٦ –تحديد طرق التحقق .
٧ –التوثيق.
-
تحليل المخاطر: Hazard analysis))
يعد تحليـل المخـاطر هـو أساس تطبيـق نظـام الهاسـب أى أنـه إذا لـم تتم عمليـة تحليل المخاطر بطريقة صحيحة فإن خطة الهاسب لن تكـون فعالـة . وهـو يشـمل التعـرف علـى تحديـد كافـة المخـاطر المحتملـة وتوصـيف كيفيـة الـتحكم فيهـا حيـث يقـوم فريـق الهاسـب ” وهـم الأفــراد ذو المعرفــة والخبــرة والمنــوط بهــم إنشــاء خطــة الهاســب والحفــاظ علــى عمــل النظــام ” بفحص كل خطوة فى عملية تصنيع المنتج مـن بدايـة المـواد الخـام مـرورا بـالأدوات المسـتخدمة بالمنتج النهائى وطريقة حفظه وتوزيعه إلى وصوله إلى المستهلك ويبحث الفريق فى كل مرحلة من هذه المراحـل عـن المخـاطر التـى قـد تسـبب تـأثير عكسـى علـى المسـتهلك . وتشـمل عمليـة تنفيذ تحليل المخاطر مرحلتين.
-
المرحلة الأولى : تحديد المخاطر : تعتبـر الـركن الأساسـى للعمليـة حيـث يراجـع فريـق الهاسـب كـل المكونـات الداخلـة فـى إنتاج الغذاء والإجراءات التى تتم فى كل خطوة ، المعدات المسـتخدمة ، طريقـة تخـزين وتوزيـع المنتج النهائى ، طريقة اسـتخدامه واسـتهلاكه. وممـا سـبق يعـد فريـق الهاسـب قائمـة بمصـادر الخطر البيولوجية والكيميائية والطبيعية والتى قد تؤدى إلى حدوث الضرر أو التحكم فيه.
-
المرحلة الثانية : تقييم المخاطر وتحديد مقاييس التحكم فيھا :
فـى هـذه المرحلـة يقـرر فريـق الهاسـب مـا هـى مصـادر الخطـر التـى يجـب أن تشـملها خطة الهاسب حيث يجرى تقييم لكل مصـدر خطـر علـى حـدة طبقـا لشـدة تـأثيره واحتمـال حدوثـه والمقصود بشدة تأثيره هو خطورته على صحة المستهلك. أما المقصود باحتمال حدوثـه فـيمكن معرفة ذلك من الخبرات السابقة من حدوث أوبئة أو من المعلومات التكنولوجية السابقة .
المخاطـر ( Hazards) : هى عوامل بيولوجيـة ، كيميائيـة أو فيزيائيـة فـى الطعـام أو ظـروف إعـداده يحتمـل أن تسبب مشاكل صحية أو تأثير عكسى على الصحة .
-
ثانيا: تحديد نقاط التحكم الحرجة: (Determine the critical control points (CCPs)
١ – نقطـة الـتحكم الحرجـة هي الخطـوة أو المرحلـة (مـن بدايـة المـادة الخـام إلـى مرحلة الاستهلاك النهائى) التى عندها يمكن أن يتم السيطرة على الخطـر ، وهـى المرحلة الضرورية لمنع أو استبعاد أو حتى تقليل الخطر إلـى أدنـى مسـتوى مقبـول والـذى لا يمثل أى خطر أو تأثير عكسى على صحة المستهلك .
٢ -تعتبــر خطــوة تحديــد نقــاط الــتحكم الحرجــة هــى قلــب نظــام الهاســب وتحتــاج الــى خبــرة ومجهود كبير لتحديدها . أمثلة لبعض نقاط التحكم الحرجة فى مجال تصنيع الأغذية.
١ -عملية البسترة
2- عملية التسوية
3- المعالجة الحرارية
٤ -عملية التبريد
٥ -عملية التغليف أو التعبئة
٦ -عملية إضافة مادة الكلور إلى الماء.
-
نحتــاج إلــى شــجرة اتخــاذ القــرار (Decision tree )لضــمان المنهجيــة والدقــة فــى تحديــد النقاط ويمكن عن طريق هذه الشجرة التعرف على نقطة التحكم الحرجة بالإجابة علـى بعـض الأسئلة المحددة .
-
يمكن استخدام شجرة اتخاذ القرار وتطبيقها على كل أنواع المخاطر .
جـ- يجب تدريب فريق الهاسب على استخدام الشجرة.
-
ثالثا : تحديد الحدود الحرجة: (Determine critical limits)
يتطلب تحديــد حــدود حرجــة لا يجــب تخطيهــا لكــل نقطــة حرجــة ، بعــض هــذه الحــدود الحرجة لسلامة الغذاء معروفة من المواصـفات والقـوانين المنظمـة للصـناعة . ويجـب أن تكـون الحــــدود الحرجــــة قابلــــة للقيــــاس وواقعيــــة ومناســــبة للمنــــتج مثــــل: درجــــة الحــــرارة ، الوقــــت (Time) ، الخلـو مـن الكلـور، الرطوبـة، نسـبة المـاء، النشـاط المـائى ، (aw )الــ (pH )الأس الهيدروجيني للمواد الحافظة .
-
رابعا : إستحداث طرق للرصد و المراقبة والتتبع(Procedures to monitor) :
١ -يعتبر تحديد نظـام المتابعـة الصـحيح مـن أهـم عناصـر الهاسـب. وهـى عبـارة عـن مجموعـة من الملاحظات والقياسات التى تتم بصفة دورية على نقاط الـتحكم الحرجـة ووضـعها تحـت المراقبة لتحقيق الهدف وهو الالتزام بالحـدود الحرجـة فـى نطـاق التجـاوز المسـموح بـه لكـل مقياس. ويعمل نظام المتابعة بالطرق التى تطمئن بها الإدارة على أن نقاط التحكم الحرجـة تعمل طبقا للمواصفات المحددة بالإضافة إلى تسجيل دقيق لهذه القياسات لاستعمالها فيمـا بعـد فـى مرحلـة التحقـق ويجـب أن تكـون إجـراءات المتابعـة قـادرة علـى اكتشـاف أى فقـد فـى السـيطرة علـى النظـام عنـد أى نقطـة تحكـم حرجـة وفـى الوقـت المناسب وذلك من أجـل عمـل الإجـراءات التصـحيحية فـورا (الأسـاس رقـم الخامس) لإعادة السيطرة على العملية التصحيحية قبل حدوث رفض للمنتجات .
٢ -المراقبــة يجــب أن تكــون قــادرة علــى كشــف أى خــروج عــن الســيطرة فــى الوقــت المناســب لاتخاذ الإجراءات التصحيحية ٕواعادة السيطرة دونما الحاجة لاستدعاء المنتج .
٣ -طريقة المراقبـة قـد تكـون علـى خـط الإنتـاج: مثـل( قيـاس الوقـت ، الحـرارة ، كشـف المعـادن بعيدا قياس تركيز الملح ، درجة الأس الهيدروجيني)
٤ -يفضـل المتابعـة علـى خـط الإنتـاج لأنهـا تعطـى تصـورا فوريـا لطريقـة الـتحكم وتحتـاج إلـى أجهزة قياس ، بينما تتطلب المتابعة البعيدة عن خط الإنتـاج وقتا ً طـويلا” قبل معرفة نتائج التحليـل والإجـراء التصـحيحى الـذى يمكـن اتخـاذه كمـا أنهـا تحتـاج إلـى أجهـزة وأشـخاص مدربين على القيام بها
-
خامسا: وضع الاجراءات التصحيحية: ( Establish corrective actions)
-
الإجـراءات التصـحيحية يجـب أن تتخـذ للتغلـب علـى فقـدان السـيطرة ، القـرب مـن فقـدان السيطرة
-
الإجراءات التصحيحية تشمل التخلص من المنتجات التى أنتجت عندما كانت نفطـة الـتحكم خارج السيطرة أو إعادة تصنيعها لمنع وصول أغذية ضارة إلى المستهلكين
-
سادسا : التحقق من خطة الھاسب : (Establish verification procedures)
-
تعرف عملية التحقق أو التأكد بأنها الأنشطة (بخلاف المتابعة) والتى تقرر صـلاحية خطـة الهاسب وأن النظام يعمل طبقا للخطة الموضوعة.
٢ -نظام التحقق يجب أن يختبر النظام بأكمله ، قراراته وسجلاته . و يشمل ) :أ- المراجعة الداخلية والخارجية . ب- الاختبارات الميكروبيولوجية .جـ- المراقبة عند نقاط التحكم الحرجة . د- زيارة العملاء واستقصاء آراءهم . هـ – شكاوى العملاء . )
-
سابعا : التوثيق: (Documentation ) تعتبر عملية التوثيق بالمستندات من أكبر وأهم الأشياء المميـزة لنظـام الهاسـب عـن كـل الأنظمـة التقليدية . وثائق الهاسب لها شكلان :
-
وثــائق متعلقــة بالنظــام (تحليــل المخــاطر ، تحديــد نقــاط الــتحكم الحرجــة ، تحديــد الحــدود الحرجة(
-
السجلات الناتجة من المراقبة والتتبع والإجراءات التصحيحية وإجراءات التحقق.
-
وفيما يلي مثال / لأهم النقاط الحرجة لمجازر الدواجن و طرق التحكم و السيطرة عليها
-
تحديد نقاط الضبط الحرجة: