محاولات السيطرة على نسبة الهستامين في الأسماك المملحة

بقلم : الدكتورة /  غادة عبد الحكيم عبد الحميد
باحث أول معهد بحوث الصحة الحيوانية معمل بيطرى شبين الكوم

نظرا لاهتمام الدولة بالثروة السمكية وحرصا على وصول منتج عالى الجودة للمستهلك خالى من المسببات المرضية هناك أنواع من الأسماك يزداد الجمهور المصرى عليه فى مناسبات عديدة وهى الاسماك المملحة حيث انها من العادات المصرية فى مناسبات عدة .

تحتوى الاسماك على 20% من البروتين الحيوانى يفوق فى تركيبه من ناحية الاحماض الامينية بروتين الدجاج. ويمتاز ايضا عن بروتين اللحم البقرى بارتفاع معامل الاسفادة فى. حيث يمتاز بروتينات الاسماك بسهولة هضمها ويفوق ايضا اللحم الحيوانى فى تنشيطه عملية النمو حيث تبلغ فى ذلك نسبته ما بين 80-100% بينما اللحم 63% فقط.

والسمك لا يعد مصدر بروتين فقط وانما مصدر للدهون الضرورية والفيتامينات والمعادن ويمتاز بكونه غنى بالكالسيوم والحديد واليود.

وتدخل الاسماك فى العديد من المنتجات السمكية والاطباق الشعبية ومنها ما يؤكل مملح او محمر او مدخن او مشوى او مطبوخ او فى صورة منتجات اسماك مصنعة.
فالاسمالك المملحة من الاطعمة فاتحة الشهية وتحتوى على فيتامين أ الذى يساعد على منع الاصابة بضعف الإبصار وايضا لها قيمة غذائية عالية لانها مصدر غنى بالبروتين وتحتوى على كثير من المعادن مثل الفسفور والكالسيوم والمغانسيوم فتحافظ على الاسنان والعظام والوقاية من فقر الدم لاحتوائها على نسبة عالية من الحديد وغيرها من الفوائد ومن الاسماك المملحة الملوحة والفسيخ والسردين.

 

وعلى الرغم من فوائد الاسماك المملحة فإن هناك مخاوف منها نظرا لطرق تجهيزها وحفظها والتى تسبب نمو البكتريا والتى تقوم بإفراز سموم تسبب اضرارا كثيرة منها التسمم الغذائى مما يسبب ضرر للجهاز المناعى . هناك طرق اثناء صنع الاسماك الممحلة تؤدى الى زيادة تركيز مادة الهيستامين فيها.

الهيستامين عبارة عن مركب امينى ينتج من فعل انزيمات البكتريا على المواد البروتينية وتكثر البكتريا المكونة للهستامين فى الخياشيم وامعاء الاسماك الحية وليس لها ضرر على صحة الانسان ولكن بعد موت الاسماك وتوقف جهازها المناعى عن العمل تنشط هذه البكتريا وتتكاثر بسرعة وتنتج الهستامين.

تنتج هذه البكتريا اثناء نموها انزيم هيستيدين ديكاربوكسيليز وهو يتفاعل مع الحمض الامينى الحر الهيستيدين وهو مادة كيميائية طبيعية موجودة فى كميات اكبر فى بعض الاسماك عن غيرها والنتيجة تكوين الهيستامين وهذا لانزيم يظل نشط حتى بعد توقف البكتريا عن افرازه او موتها .

لذلك هناك 3 اسباب تسبب الحساسية اولا البكتريا نفسها المكونة للهستامين وتموت بالحرارة ثانيا انزيم هيستيدين ديكاربوكسيليز ويقل تأثيره بالتجميد ويعود نشاطه بالحرارة وثالثا الهستامين وهذا لا يتأثر بالتجميد ولا بالتسخين.

من الغريب أن بعض أنواع البكتريا لا تتأثر بالملح وتظل نشطة وبعضها يعشق الملح وينشط فى وجوده وبعضها لا يتأثر بغياب الاكسجين ويفرز الهستامين أيضا بكثرة فى الجسم خلال تفاعلات بعض الخلايا الحساسة الموجودة فى الأغشية المخاطية التى تستقبل مسببات الحساسية عن طريق فتحات الجسم. ويسبب الهستامين توسع الأوعية الدموية وانخفاض ضغط الدم . وانتفاخ جدران الاوعية الدموية مما ينتج عنه ظهور اعراض الحساسية مثل سيلان الانف وسيلان الدموع وانقباض العضلات الملساء الموجودة فى الممرات الهوائىة مسببا ضيق الشعب الهوائية وضيق التنفس واحمرار الجلد وحرقان بالفم وصداع وميل للقئ مع التركيزات العالية.

وبناءاً على ذلك فإن وجود الهستامين فى الاسماك المملحة تؤذى الصحة وهناك انواع من البكتريا تعمل على وقف عمل الهستامين وبالتالى تمنع حدوث التسمم الغذائى بمثل هذة الانواع من السميات ومن هذه البكتريا باسيليس بلوميكسيا.

الهستامين مستقر للحرارة ولا يمكن اكتشافه من خلال التحليل العضوي. تم تطبيق طرق مختلفة مثل الإشعاع ، والضغط الهيدروستاتيكي المرتفع ، واستخدام المضافات الغذائية والمواد الحافظة ، بالإضافة إلى الثقافات البادئة لمنتجي الأمينات السالبة للتحكم في تراكم الأمينات الحيوية في المنتجات الغذائية. ومع ذلك ، فإن الآلية الكامنة وراء تلك الأساليب في التحكم في محتوى الأمينات هي أساسًا عن طريق تثبيط إنتاج الأمينات للنمو البكتيري وأنشطة نزع الكربوكسيل للأحماض الأمينية. باستثناء العلاج الإشعاعي الغامري ، لا توجد طرق معالجة طعام أخرى متاحة لتدهور الهيستامين. ومع ذلك ، فإن الاشعاع له مخاطر صحية محتملة لذلك فإن الهستامين إن وجد يصعب تدميره ويشكل خطر تسمم الطعام ومن المهم تحطيم الهيستامين في الأطعمة لتجنب الآثار الضارة على السلامة والجودة.

يتحلل الهستامين من الناحية الفسيولوجية من خلال عملية نزع الأمين التأكسدي التي يتم تحفيزها إما عن طريق أوكسيديز الهيستامين أو نازعة هيدروجين الهستامين. يحفز أوكسي داز الهستامين تحويل الهيستامين في وجود الماء والأكسجين إلى إيميدازول أسيتالديهيد والأمونيا وبيروكسيد الهيدروجين .تم العثور على أوكسيديز الهستامين في Staphylococcus xylosus و Staphylococcus carnosus و Bacillus amy-loliquefaciens و Arthrobacter crystallopoietes و Braevibacteriumlinens بالإضافة إلى ذلك تستخدم العديد من البكتيريا أيضًا نازعة الهيدروجين الخاص بها لتحفيز ثنائي أكسيد الهستامين المؤكسد إلى إيميدازول أسيتالديهيد والأمونيا.

بعض البكتيريا التي تنتج الهيستامين نازعة الهيدروجين تشمل Rhizobium sp و Nocardioides simplex.

في الآونة الأخيرة ، أصبح تطبيق إنزيمات الهيستامين المهينة للبكتيريا طريقة جديدة لتقليل تركيز الهيستامين ، خاصة في المنتجات المخمرة. ومع ذلك ، فإن بعض المنتجات الغذائية تفرض قيودًا على هذا التطبيق من خلال النمو البكتيري ونشاط الإنزيم عند درجة حموضة منخفضة أو درجة حرارة عالية أو ملوحة عالية. ومع ذلك ، فإن عددًا قليلاً فقط من التقارير المتاحة قد ركزت على البكتيريا التي تظهر نشاطًا حيويًا يؤدي إلى تدهور الأمين في مثل هذه البيئات القاسية. على سبيل المثال ، تم العثور على Arthrobacter crystallopoietes المعزول من التربة لامتلاك أوكسيديز الثرموفيليكستامين ومن ثم كان الغرض من هذا البحث هوتقييم تأثير باسيلاس بلوميكسيا على نشاط تحلل الهيستامين في الاسماك المملحة.