باحث البكتريولوجي – معهد بحوث الصحة الحيوانية – المنصورة
إن مقاومة مضادات الميكروبات ( AMR) والتأثير الضار الذي تطرحه في مختلف أنحاء العالم، يجب أن يحملا صانعي السياسات على اتخاذ إجراءات فورية للقضاء عليها. فبينما تتراجع حدة القلق بشأن فيروس كورونا في بعض البلاد من العالم، تتعاظم الأزمة الصحية المتمثلة في “مقاومة مضادات الميكروبات” .طبقا للدراسات الحديثة أن عام 2019 شهد وفاة 1.27 مليون شخص وفق التقديرات بسبب حالات عدوى مقاومة للمضادات الحيوية. كذلك ارتبطت 3.68 مليون حالة وفاة أخرى بتلك “الكائنات الدقيقة الممرضة الخارقة” التي تقاوم معظم المضادات الحيوية والأدوية الأخرى المستخدمة في علاجها ) مجلة لانسيت (The Lancet.
– فمع ارتفاع معدل استخدام الأدوية بفضل تقدم الطب الحديث، اكتسبت مسببات العدوى حصانة ضد مفعول العلاج وتصاعدت “مقاومة مضادات الميكروبات”، وتعد حتى الآن، أحد أكبر التهديدات العالمية .حيث تنجو بعض الكائنات الحية الدقيقة بشكل طبيعي بعد تعرضها لأدوية ينبغي أن تقتلها، ما يسمح لها بنقل قدرتها على المقاومة إلى مثيلات لها. والإفراط في استخدام العقاقير المضادة للميكروبات يعمل على تسريع هذه العملية الطبيعية.
– ومع تزايد أعداد البكتيريا المقاومة للأدوية، ستصير العمليات الطبية الروتينية التي تعتمد على المضادات الحيوية لمنع العدوى، مثل الجراحات القيصرية والعلاج الكيماوي وزرع الأعضاء واستبدال المفاصل، شديدة الخطورة أو مستحيلة.
– وقد اصبح جليا من خلال الابحاث ان استخدام المضادات الحيوية في تربية الماشية والدواجن ادي إلى تسريع هذه المشكلة. على الصعيد العالمي حيث استهلكت الحيوانات التي تربى من أجل الاستفادة من لحومها ثلثي المضادات الحيوية بغرض الحد من انتشار الأمراض ما أدى إلى تأجيج تطور الكائنات المسببة للأمراض المقاومة للأدوية، ذات القدرة على إلحاق الضرر بالبشر و الحيوانات علي حد سواء.
كيف تقاوم البكتريا المضادات الحيويه
تستطيع البكتيريا مقاومة المضادات الحيوية عندما تُغير طريقة تعاملها مع الأدوية، هذا التغيير إما أن يحمى الميكروب من تأثير العلاج، أو أن يجعل الوسط غير مناسب للعلاج بأن يقوم بدوره. وأي ميكروب قادر على مقاومة المضادات الحيوية يستطيع أن يتكاثر بشكل طبيعي، وأن يمرر جينات المقاومة إلي الأجيال الأخري أو أنواع أخرى من البكتيريا لتصبح أكثر قوة، ويُصبح علاجها أكثر صعوبة.
الطرق التي تسلكها الميكروبات لمقاومة المضادات الحيوية
تستطيع الميكروبات مقاومة المضاد الحيوي بطرق مختلفه مثل :
⦁ تغيير بنية جدار الخلية الخاصة بها حيث تمنع المضاد الحيوي من اختراق البكتيريا وتدميرها.
⦁ تغيير موقع الهدف الذى يعمل عليه المضاد الحيوى داخل خلايا البكتيريا؛ حيث أن كل نوع من المضادات الحيوية عادةً ما يستهدف هدفًا معينًا بداخل تلك الخلايا، فتقوم البكتيريا بتغيير تشكيلها الداخلي، ويُصبح من الصعب أن يتم قتل البكتيريا أو إيقاف تكاثرها.
⦁ تغيير الميكروب لطريقة الميتابوليزم أو الأيض الخاص به بما فيها الهضم ونقل المواد إلى وبين الخلايا المختلفة – من أجل التوصل إلى طرق جديدة لمواصلة الحياة دون التأثر بالمضادات الحيوية.
دق ناقوس الخطر
وجدت الدراسات أن لدى البلاد ذات الدخل المرتفع، وعلى الرغم من أنظمتها الصحية المتقدمة، مستويات عالية تدق ناقوس الخطر من آثار “مقاومة مضادات الميكروبات”.كالإشريكية القولونية (E. coli)، التي تؤدي غالباً إلى الإصابة بالتهاب الكليتين، كذلك “المكورات العنقودية الذهبية” (Staphylococcus aureus)، التي تصيب من يترددون على المستشفيات أو أماكن الرعاية الصحية ، وتتمتع بالقدرة على مقاومة المضاد الحيوي “ميثيسيلين”، تعتبران من بين أكبر مسببات الوفاة و تبقى البلاد الأشد فقراً الأكثر تضرراً في ما يتصل بمسائل الصحة العالمية والأمراض.
ان حالات العدوى التي تصيب الجهاز التنفسي ومجرى الدم والمعدة، التي كان علاجها ممكناً ذات يوم، تتسبب بوفاة مئات الآلاف من الأشخاص الآن.
فالصورة تبدو قاتمة، ولا نبالغ إذا قلنا إن في مقدور “مقاومة مضادات الميكروبات” إضعاف أسس الطب الحديث، وهي تشكل أحد أكبر التحديات التي تواجه البشرية.
التصدى لمقاومة مضادات الميكروبات :
– يعد الحد من تفشي “مقاومة مضادات الميكروبات” في المقام الأول خطوة بالغة الأهمية. يشتمل ذلك تعزيز تدابير الوقاية من العدوى في المستشفيات والمراكز الصحيه . كذلك تعد المياه النظيفة والبنيه التحتية الخاصة بالصرف الصحي أمرين جوهريين أيضاً في هذا المجال.
– كذلك ثمة لقاحات مضادة في مقدورها توفير الحماية من العدوى، وخفض الحاجة إلى استخدام مضادات حيوية. توظيف الاستثمارات في تطوير جرعات تحصينيه ضد كثير من الكائنات الدقيقة الممرضة التي تتسبب بأزمة “مقاومة مضادات الميكروبات”.
– تطبيق شروط استخدام وبروتوكول المضادات الحيويه و الفحوصات المخبريه لتحديد العلاج المناسب من المضادات الحيوي لخفض التعرض للمضادات الحيوية التي لا يتوخى منها علاج أمراض بشرية، وتخفيف استخدام هذه الأدوية إلى الحد الأدنى عندما تكون غير ضرورية لتحسين صحة الإنسان، تطبيق الشروط الصحيه والامان الحيوي في المزارع – المصانع – اماكن انتاج وتخزين الغداء والمستشفيات .
– التخلص الصحي الامن من المخلفات لعدم انتشار البكتريا المقاومه للمضادات الحيويه – العودة الي الطبيعة واستخدام المضادات الميكروبية الطبيعية والتي اثبتت الابحاث فاعليتها في القضاء علي الميكروبات كبديل لمضادات الميكروبات الكيمائية.
