الأمراض البكتيرية فى الأسماك

بقلم : الدكتورة/  شيماء محمد منصور محمد
باحث أمراض الأسماك ، معهد بحوث الصحة الحيوانية ، بالإسماعيلية – مركزالبحوث الزراعية

تعتبر الأسماك ثروة قومية ومصدرهام للبروتين، كما يعتبر الإستزراع السمكي من أهم المشاريع الضرورية للتوسع فى الإنتاج الحيوانى من اللحوم البيضاء الصالحة للإستهلاك الآدمى وذلك من خلال توفير الأسماك على مدار العام فى صورة مناسبة ، ولكى يتماشى مع جهود الدولة فى تنمية الثروة السمكية والحفاظ عليها لابد من دراسة وفهم أمراض الأسماك التي لها تأثير مباشر على الإنتاج السمكى والمتمثل فى الفقد الكامل لإنتاجية الأسماك و تؤدي إلي الخسارة الفادحة لمشاريع الإنتاج السمكى وخاصة الأمراض المعدية الوبائية البكتيرية التي تعتبر من أهم و أخطر المشاكل المرضية للأسماك والتي تسبب أضراراً كبيرة للثروة السمكية ، بالإضافة إلي المخاطر المرضية و المشاكل الصحية للمستهلك لها و المتعامل معها سواء عن طريق التعامل الخارجى مع الأسماك المصابة أوعن طريق تناول هذه الأسماك المصابة بدون طهى كامل.

يعتبر من أهم الأمراض البكتيرية التي تصيب الأسماك مجموعة أمراض التسمم الدموى البكتيرية و التي تضم مرض التسمم الدموى الإيروموناسي المتحرك ، مرض التسمم الدموى السودوموناسى ، مرض الفيبريو ، مرض الإدواردسيللا ومرض التسمم الدموى للميكروب السبحى (الإستربتوكوكس ).

تحدث العدوى بأمراض التسمم الدموي البكتيري غالباً فى الأسماك التى تتعرض لأحد العوامل و المؤثرات الخارجية و التي تسبب الإجهاد للأسماك مثل التكثيف فى أعداد الأسماك ، نقل الزريعة أو الأسماك لمسافات طويلة ، نقص نسبة الأكسجين ، زيادة ف نسب الأمونيا و ثاني اكسيد الكربون و ارتفاع معدل المواد العضوية فى الأحواض السمكية.

كل هذه العوامل تؤدي إلي نقص مناعة الأسماك و تصبح أكثرعرضة للإصابة بالأمراض البكتيرية ، بالإضافة الي تكاثر البكتيريا الموجوده طبيعياً فى أمعاء الأسماك والمسببة لكل مرض , والتي يصاحبها إفراز لبعض السموم البكتيرية والمعروفة باسم الإنتيروتوكسين والتي تؤدي إلى حدوث إلتهاب في جدار الأمعاء مع زيادة قدره البكتيريا علي اختراق الأمعاء الملتهبة و وصولها إلى الدم لتفرز العديد من السموم البكتيرية والتى تؤدى إلى حدوث التكسير الحاد فى خلايا الدم الحمراء والبيضاء على السواء ، وقد تصل البكتيريا و السموم البكتيرية إلي الأعضاء الداخلية للأسماك المصابة مثل الكبد ، الطحال و الكلي ، بالإضافة إلي الجلد و الخياشيم مسبباً تلف في الأنسجة للأسماك المصابة.

من أهم الأعراض الظاهرية لأمراض التسمم الدموى البكتيرى للأسماك المصابة هى انتشار بقع نزيفية على جميع أنحاء جسم السمكة كلها و الزعانف ، جحوظ العين ، تساقط للقشور مع وجود تقرحات بالجلد ،إنتفاخ بالبطن وإحتقان بالخياشيم ، بالإضافة إلي تأكل بالزعانف مع ظهور الأمعاء الملتهبة و بروزها من فتحة المجمع لبعض الأسماك المصابة. وقد أظهرت الصفة التشريحية للأسماك وجود إحتقان فى جميع الأعضاء الداخلية مثل الكبد ، الطحال والكلى مع وجود سوائل بالتجويف البطنى.

يمكن تشخيص هذه الأمراض البكتيرية عن طريق الفحص الظاهرى للأسماك المصابة مع تسجيل كل العلامات المرضية الظاهرية ، بالإضافة إلي رصد الصفة التشريحية مع تسجيل كل العلامات المرضية للأعضاء الداخلية ، كما يتم عزل المسببات المرضية البكتيرية معملياً علي الميديا الخاصة بها بالطرق التقليدية و تصنيفها بيوكيميائياً , بالإضافة إلي التأكيد علي تصنيف المعزولات البكتيرية بالطرق الحديثة بإستخدام جهاز الفيتك 2 و تفاعل إنزيم البلمرة المتسلسل والتي تساعد في تحديد نوع البكتيريا المسببة للمرض.

كما يمكن إجراء العدوي للأسماك السليمة معملياً بالبكتيريا المعزولة من الأسماك المصابة طبيعياً بالحقن البريتونى و لقد أظهرت الأسماك المصابة بالعدوى المعملية علامات مرضية تشبه العلامات المرضية في الأسماك المصابة طبيعياً ، وتم عزل الميكروب مرة أخرى من الأسماك النافقة التى تحمل علامات مرضية.

يمكن القول أن العلاج في حالة أمراض التسمم الدموى البكتيرى قد يكون صعباً وهذا لعدة أسباب ، أهمها أن العلاج غالباً ما يتم بإستخدام المضادات الحيوية واسعة المدى ، والتي يكون تاثيرها العلاجى محدوداً نظراً لأن المضاد الحيوى قاتل للبكتريا ولكنه لا يؤثر على السموم البكتيرية التي قد تم إفرازها بنسب عالية ، ولهذا السبب ينطبق القول الشائع بأن الوقاية خير من العلاج.