بقلم : الدكتور / حسن حسن محمود قاسم و وليد السيد احمد اللواتى ومحمد احمد سالم سلطان
قسم البكتريولوجي – الكيمياء الحيوية – معهد بحوث الصحة الحيوانية – معمل فرعي كفرالشيخ
مقدمة :
يعتبر مرض الحمى القلاعية واحداً من أهم وأخطر الأمراض التي تصيب الحيوانات مشقوقة الظلف وعلي رأسها الماشية لما له من معدل انتشار واسع وسريع بل إنه يعد المرض الفيروسي الأعلى في معدل الانتشار بين الابقار و تمثل النقاط التاليه عوامل خطورة لهذا المرض
1- يشكل حدوث الطفرات في الفيروس بصفه مستمرة تحدياً صعباً فى الوقايه من الفيروس عن طريق التحصين حيث انه لا يوجد مناعات متبادله بين العترات المختلفه و يحتاج تشخيص هذه العترات الى تقنيات متطورة من وسائل التشخيص أهمها تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR ) و تحديد التتابع الجيني للفيروس (gen sequence ) وعند اصابة الابقار بمرض الحمى القلاعيه لا سيما هذه الأنواع الجديدة والتي لا يعرفها الجهاز المناعي للحيوان ولم تسجل فى ذاكرته المناعيه مثل A-Africa Genotype 4 و A-Venezuela والتى تم تشخيصهما مؤخراً فى مصر وأحدثت أعراضاً مرضيةً شديده كما تستمر الاصابه لفترة طويلة مما يسبب انهاكاً شديداً للجهاز المناعى.
2- اصابة الحيوان بالعدوى البكتيرية الثانوية خاصةً النواع الانتهازية من هذه البكتريا و تجد هذه البكتريا الانتهازية أمامها الطريق ممهداً للدخول الي دم الحيوان مما يسبب ذلك ارتفاعاً مستمراً فى درجة حرارة الحيوان وتأثيراً ضاراَ علي اعضائه الحيويه مثل القلب والكبد والكلي.
⦁ تأتى أنواع ستافيلوكوكس على رأس هذه البكتريا الانتهازية الخطيرة حيث انها تعيش بشكل دائم و غير ممرض فى التجويف الأنفى للحيوان ولكنها لا تلبث أن تتحول الى بكتريا فتاكة عند نزول مناعة الحيوان وتزداد خطورة هذه الأنواع من البكتريا إذا توافر لها بعض من عوامل الضراوة (virulence factors) التى تساعد البكتريا على تدمير خلايا العائل ولذلك يعتبر ستافيلوكوكس من أهم و أخطر البكتريا التى تصيب الأبقار فى جميع الأعمار و ما يترتب على تلك الإصابات من خسائر اقتصادية إما بسبب نفوق الحيوان أو الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية لاسيما مع وجود مقاومة عالية من ستافيلوكوكس تجاه العديد من المضادات الحيوية المستخدمة فى الحقل البيطرى.
يندرج تحت جنس ستافيلوكوكس (Staphylococcus genus) أكثر من 70 نوع (species) و تحت النوع (sub species) و على حسب قدرة هذه الأنواع علي تلزن بلازما الأرنب يتم تقسيمها الى مجموعتين :
المجموعة الأولى: بكتريا ستافيلوكوكس موجبة الكوأغيولاز و أشهر أنواعها ستافيلوكوكس أوريس.
المجموعة الثانية : بكتريا ستافيلوكوكس سالبة الكوأغيولاز والتى كانت تصنف الى فترة قريبة على أنها غير ممرضة إلا أن الأبحاث العلمية الحديثة أثبتت قدرة هذه الأنواع علي إحداث أمراض في الحيوانات لما لها من عوامل ضراوة تستطيع بواسطتها إحداث أضرار بالغة على الأبقار إذا توافرت لها الظروف المناسبة.
تعد بكتريا ستافيلوكوكس من البكتريا الانتهازية حيث انها تعيش بصفة غير مرضية في التجويف الانفى وعلى سطح الجلد وعلى جلد الحلمات في ضرع الأبقار ثم لا تلبث ان تتحول الي بكتريا فتاكة اذا توافرت لها العوامل المناسية مثل حدوث اى خلل في الجهاز المناعى وربما أدت خطورة العدوى الى النفوق , ويسهل من ذلك وجود عوامل ضراوة عديدة لدى الميكروب يقاوم بها الجهاز المناعى منها:
⦁ افراز البكتريا للعديد من الانزيمات والسموم التى تفتك بأنسجة الحيوان المختلفه.
⦁ مقاومة بكتريا ستافيلوكوكس للعديد من مضادات البكتريا التي تستخدم في الحقل البيطرى في مصر مما يشكل تحديا فى علاج الاصابة بهذه البكتريا.
نبذة عن الميكروب :
بكتريا ستافيلوكوكس هى بكتريا مكورة موجبة لصبغة جرام تتواجد احادية او في ازواج او توجد فى تجمعات تشبه عنقود العنب ومن هنا جاءت تسميتها “الميكروب العنقودى” كما أنها غير متحركة , و تنمو في وجود او غياب الاوكسجين موجبة لاختبار الكتاليز وسالبة لاختبار الاوكسيداز يمكنها النمو في وجود تركيز عالي من كلوريد الصوديوم يصل الي 15 % كما يمكنه التعايش في وسط يحتوى علي 40 % من خلاصة الصفراء.
عوامل ضراوة الميكروب :
⦁ الليبو بروتين كابسول فى انواع ستافيلوكوكس التي تحتوى علي كابسول يمكنه التخفي بواسطته من الجهاز المناعي للعائل كما أن البكتريا تقاوم التحلل بالليسوزايم الموجود داخل الخلايا الملتهمة (Phagocytic cells) بل يمكنها التكاثر داخلها وهى خط دفاع قوى للجهاز المناعي.
⦁ البيبتيدوجليكان: وجود هذه الماده في الجدار الخلوى للبكتريا تقاوم تدميرها بواسطة الجهاز المناعي (Decomplementation)
⦁ بروتين فيبرونيكتبن المرتبط ( fibronectin binding protein A)و الذى بواسطته يمكن للبكتريا الارتبالط والدخول داخل خلايا العائل.
⦁ كما يفرز الميكروب مجموعة من الانزيمات منها الكوأغيولاز(اللأنواع موجبة الكوأغيولاز وأشهرها ستافيلوكوكس اوريس) والذي بواسطته تعمل البكتريا علي تجلط الدم عن طريق تحول الفيبرينوجين فى البلازما الى ألياف الفيبرين التى تحيط بالميكروب وتحميه من الجهاز المناعى.
⦁ كما تنتج البكتريا العديد من السموم مثل السموم المعوية و متلازمة الصدمة التسممية.
(Toxic shock syndrome) والتى تسبب تلفا بالغا لأجهزة الجسم المختلفة وربما تسببت فى نفوق الحيوان وقد تناولنا الكشف عن الجينات المسؤلة عن افراز هذه السموم فى هذا البحث.
⦁ تقوم البكتريا بتكوين البيوفيلم (biofilm) والذي يقوم بمنع وصول المضاد الحيوى الي البكتريا داخل خلايا العائل والذى يعد سببًا مهماً فى تغير النتائج المعملية لاختبار الحساسية عند علاج الحيوان المصاب حيث يظهر اختبار الحساسية تأثيراً لمضاد بكتيرى معين في المعمل ولكن عند استخدامه للحيوان لا يظهر تأثيرا ملحوظا على الميكروب داخل جسم الحيوان وقد تناولنا فى بحثنا هذا الكشف عن بعض الجينات المسؤلة عن تكوين البيوفيلم .
⦁ كذلك هناك العديد من الانزيمات التى يفرزها الميكروب والتى تساعد علي انتشاره داخل العائل منها الهيالورونيديز والذي يحلل حمض الهيالورونك فى النسيج الضام مما يعمل علي انتقال الميكروب بين الخلايا وبالتالي سهولة انتشاره فى جسم العائل.
⦁ ومن هذه العوامل ايضا الفا وبيتا هيموليسين والتي لها دور في تدمير الخلايا ومقاومة الالتهام بالخلايا المناعيه الملتهمه (Phagocytic cells).
⦁ انزيم الفوسفوليبيز: هو انزيم يكسر الفوسفوليبيدات في الغشاء الخلوى لخلايا العائل وبالتالي له تأثير مدمر علي الخلايا .
⦁ انزيم النيوكلييز: انزيم يكسر حامض ديوكسي ريبونيوكليك (DNA)
⦁ انزيم الليكوسيدين : الذى يكسر كرات الدم البيضاء و التى من واجبها حماية الجسم من العوامل الضارة و قد كشفنا عن بعض هذه الجينات فى بحثنا هذا.
⦁ بالاضافة الى انزيم البنسلينيز او البيتالكتاميز الذى يكسر مجموعة البنسلينات أو مجموعة المضادات الحيوية التى تحتوى على حلقة البيتالكتام فى تركيبها الكيميائى مثل مجموعة السيفالوسبورين.
طرق حدوث العدوى :
يمكن للبكتريا والتى تتعايش بصفة غير ممرضة مع العائل ان تتحول الى بكتريا خطيرة مسببة امراض فتاكة كما يمكن ان تنتقل من لدغ القراد او او الدخول الى مجرى الدم من خلال الجروح او استخدام الاجسام الغريبة مثل القسطرة وغيرها و عن طريق العلائق الملوثة بالميكروب.
طرق انتقال العدوى :
تنتقل البكتريا من الحيوان المصاب الى الحيوان السليم عن طريق الرزاز الخارج من الحيوان أثناء الكحة فى حالة عدوى الجهاز التنفسي او عن طريق استخدام السرجات الملوثه بالبكتريا فى حقن الحيوان.
الأعراض:
⦁ تسبب بكتريا ستافيلوكوكس الالتهاب الرئوى و التهابات الضرع تتراوح من اصابة تحت الملاحظة الى اصابات شديده كما يسب الميكروب تسمم فى الدم (septicemia) اذا وصل الى الدم وتكاثر به وقد تؤدى الى النفوق او قد يسبب بكتيريميا(bacteremia) مزمنة ينتج معها ارتفاع مستمر فى درجات الحراره.
⦁ خلل فى وظائف الاجهزة الحيوية فى جسم الابقار والتى سنقوم بقياسها باستخدام بعض الاختبارات البيوكيكيائية مثل قياس مستوى CRP و وظائف الكبد والكلى و وظائف القلب وقد تحدث جلطات فى صمامات القلب نتيجة وصول البكتريا الى القلب.
⦁ قد تسبب السموم التى يفرزها الميكروب مثل السموم المعوية حيث انها سوبر انتيجنك (superantigenic) تؤدى لإثارة الجهاز المناعى بشدة (cytokine storm) مما قد يسبب تلفا لأنسجة وأجهزة المختلفة وهذا ما سنحاول تأكيده من خلال بعض الاختبارات البيوكيميائية و خاصة قياس مستوى الانترليوكين 6 .
⦁ قد يسبب خراريج علي الكبد و التهابات بمجرى البول.
الصفه التشريحيه :
تختلف الصفه التشريحيه للحيوانات النافقه بسبب عدوى ىستافبلوكوكس اوريس باختلاف النسيج المصاب فى حالة تسمم الدم نجد وجود احتقان بأجهزة الجسم المختلفه مثل الكبد والطحال كما يوجد بقع نزيفيه علي الدهون حول القلب والكليتين كما يحدث تضحم للمرارة وترهل فى نسيج الكبد والكليتين.
العلاج :
بسبب وجود مقاومة عاليه للاستافيلوكوكس ضد العديد من المضادات الحيوية وجب إجراء اختبار الحساسية فى حالة العدوى الخطيرة منه ولكن هناك بعض المضادات الحيوية المستخدمة لعلاج البكتريا بعد عزل الميكروب من الدم عن طريق blood culturing منها البنسلين والاموكسيسيللين والاوكسيتتراسيكلين والسيفوتاكسيم و الفلورفينيكول والتيلوزين و أجيالاً مستحدثه من البنسيلينات لمقاومة إنزيم البنسلينيز مثل الاموكسيسيللين مع حمض الكلافيولانك حيث اثبتت فاعلية اقوى ضد الميكروب وكذلك السيفتيوفور والسيفكينوم والسيفوبيرازون والسيفترياكسون.
الوقاية :
حقن جرعات وقائية من المضادات الحيوية الفعالة على الميكروب عند اصابة الحيوان بالحمى القلاعية تجنباً للإصابة بعدوى ستافيلوكوكس وغيرها من البكتريا الانتهازيه .
التوصيات الحقليه:
عند الاشتباه بإصابة الحيوان بعدوى ستافيلوكوكس فى الدم (Staphylococcus bacteremia) واستمرار ارتفاع الحرارة لفترات طويلة بعد انتهاء فترة الاصابة بالحمى القلاعية يتم عمل blood culture لعزل البكتريا من الدم واجراء اختبار الحساسية لتحديد اقوى المضادات الحيوية تأثيراً على البكتريا وحقن الحيوان بهذا المضاد الحيوى لفترة مناسبه لا تقل عن ثلاثة ايام.