ألقت الحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع أسعار الحبوب عالمياً بظلالهما على خامات ومستلزمات إنتاج صناعة الألبان ومنتجاتها محلياً، إذ تعتمد صناعة الأعلاف على الخامات المستوردة.

كما يُستورد مسحوق اللبن المجفّف الذى تعتمد عليه المصانع كمدخل إنتاج لسد الفجوة فى نقص الإنتاج المحلى من الحليب.

ويطالب منتجو الألبان ومنتجاتها بإطلاق حزمة قرارات استثنائية لدعم الصناعة، وضمان توفير مدخلات إنتاج الأعلاف، والتصدى لظاهرة ذبح البتلو وإناث الأبقار، فضلاً عن إعفاء مستلزمات الإنتاج من الرسوم الجمركية، وتشجيع التوسع فى زراعة الذرة.

قال ياسر الحكيم، المدير العام لشركة ديرى لاند للألبان والصناعات الغذائية (الزهار)، إنَّ ارتفاع أسعار الخامات والطاقة ومستلزمات الإنتاج رفع تكلفة المنتج النهائى.

أضاف ، أن الأزمات العالمية ونقص سلاسل الإمداد تسببتا فى ارتفاع تكلفة المنتج بشكل شهرى تقريباً منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتحريك سعر الجنيه.

وأشار إلى تضاعف سعر طن الحليب المُجفّف المستورد ليصل إلى 88 ألف جنيه، مقابل 48 ألف جنيه العام الماضى، وهو ما أثر على ارتفاع تكلفة المنتج النهائى بنسبة تتخطى 40%.

ولفت «الحكيم»، إلى ارتفاع أسعار مواد التعبئة والتغليف من البلاستيك والكرتون بنسبة 35% لتضيف عبئاً آخر على صناعة الألبان.

وسجل سعر كيلو اللبن البقرى الخام الطبيعى مزارع نحو 11 جنيهاً مقابل 8 جنيهات سابقاً بنسبة زيادة 30%، بينما تراوحت أسعار اللبن الجاموس بين 13 و16 جنيهاً؛ نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف التى اقتربت من أعلى مستوياتها هذا العام بنحو 14 ألف جنيه للطن، بجانب ارتفاع أسعار الأدوية.

أضاف أن تغير سعر المنتج النهائى بالتزامن مع ارتفاع التكلفة يعتبر من أكبر التحديات التى تواجه الشركات المنتجة للألبان فى عملية التصدير حالياً.

وأوضح أن تغير السعر تسبب فى انخفاض الكميات المُصدّرة لعدم استيعاب السوق الخارجى الزيادة المتلاحقة، وهو ما دفع الشركات المُصدّرة إلى تحمّل جزء من التكلفة للحفاظ على العميل الخارجى والوفاء بالتعاقدات المُبرمة.

وقال مصدر بإحدى شركات صناعة الألبان، إنَّ تلك الصناعة بحاجة إلى قرارات استثنائية لمدة عام، وذلك بإعفاء مستلزمات الإنتاج من الجمارك والضرائب، لما تمر به من تحدياتٍ عدة حالياً.

كما طالب بالتوسع فى زراعة الذرة الصفراء والحبوب التى تدخل فى صناعة الأعلاف، لتقليل الاعتماد على الحبوب المستوردة التى ترفع التكلفة المحلية، وتجعلها أسيرة الخامات المستوردة.

وشدّد المصدر، على ضرورة التصدى لاستيراد الحليب المجفف، والتوسع فى الإنتاج المحلى للألبان من خلال التوسع فى إنشاء مزارع للماشية المنتجة للألبان، والاعتماد على سلالات بإنتاجية مرتفعة، بجانب توفير احتياجات هذه المزارع من الأعلاف.

ولفت إلى أن استيراد الحليب المُجفّف لسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك تسبب فى تأخر التوسع فى توفير احتياجات السوق، واستمرار الاعتماد على المستورد.

ويُقدر حجم الاستثمارات المباشرة فى قطاع المزارع النظامية لإنتاج الألبان المطابقة للمواصفات القياسية العالمية بنحو 7.5 مليار جنيه، موزعة على 250 مزرعة.

وتنتج مصر نحو 750 ألف طن ألبان سنوياً من المزارع النظامية التى تعمل بنظم الميكنة الآلية دون تدخل بشرى، فيما يبلغ إجمالى إنتاج الألبان المحلى نحو 7 ملايين طن سنوياً.

وتُقدر الفجوة بين الاستهلاك والإنتاج بنحو 2.2 مليون طن سنوياً يتم تعويضها عن طريق استيراد مسحوق الحليب المُجفف بقيمة تتراوح بين 500 مليون دولار ومليار دولار سنوياً، بحسب بيانات غرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات.

قال المصدر، إنَّ قرار الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء، إعفاء أصحاب مزارع الإنتاج الحيوانى من الضرائب العقارية، سيسهم فى تخفيف الأعباء عن كاهل الصناعة المحلية.

وشدد على أهمية أن يتبع هذا القرار حزمة من الإجراءات المحفزة للاستثمار فى صناعة مستلزمات إنتاج وخامات الإلبان لتوفير احتياجات السوق.

وقررت الحكومة إعفاء 19 قطاعاً صناعياً من الضريبة العقارية بأثر رجعى، وأن تتحمل وزارة المالية كامل قيمة الضريبة على العقارات المبنية المستحقة على العقارات المستخدمة فى ممارسة 19 نشاطاً صناعياً بداية من يناير 2022 لمدة 3 سنوات.

وتتمثل تلك الصناعات فى الغزل والنسيج، والصناعات الهندسية، والصناعات التعدينية، الصناعات المعدنية، صناعة الجلود، الخشب والأثاث، وصناعة السيارات، وصناعة الورق ومنتجاته وطباعة ونشر، وصناعة مواد البناء والخزف والصينى والحراريات، والصناعات الإلكترونية والكهربائية، والصناعات التحويلية، والأسمنت، والحديد، والسيراميك، والصناعات الدوائية، الصناعات الطبية، والصناعات الكيميائية، والصناعات الغذائية، والإنتاج النباتى والحيوانى.

ويُقدر نصيب المواطن المصرى من استهلاك الألبان بنحو 23 كيلو جراماً سنوياً، مقابل 100 كيلو جرام متوسط نصيب الفرد عالمياً، فيما يرتفع إلى 180 كيلو فى الولايات المتحدة الأمريكية، وفقاً لوزارة الزراعة.

وقال عبده الإمام، المدير العام لشركة الإمام للمنتجات الغذائية، إنَّ صناعة منتجات الألبان بحاجة إلى مجموعة من القرارات السريعة لضمان الوفاء باحتياجات السوق من الألبان المحلية.

وأوضح أهمية إعفاء خامات الأعلاف من الجمارك، وتيسير دخولها للأسواق، فضلاً عن منع ذبح البتلو وإناث الماشية لضمان توفير الألبان ومواجهة تراجع الإنتاج المحلى؛ نتيجة انتشار مرض الحمى القلاعية مؤخراً.

ولفت إلى ارتفاع سعر اللبن البقرى ليتراوح بين 8 و9.5 جنيه للكيلو مقابل 5 ـ 6.5 جنيه العام الماضى؛ نتيجة الارتفاعات القياسية فى أسعار الأعلاف التى ارتفعت من 6 آلاف جنيه للطن إلى نحو 12 ألف جنيه. كما صعدت أسعار الذرة إلى 10 آلاف جنيه للطن.

وتابع: «الشركة تنتج جبن رومى، وتعتمد على اللبن الطازج فى عملية الإنتاج، لذلك يجب الاهتمام بشكل أكبر بالتوسع فى زراعة الذرة وخامات الأعلاف، بجانب السيطرة على عمليات ذبح البتلو والإناث للحفاظ على الثروة الحيوانية».

وأشار «الإمام»، إلى أن تكلفة إنتاج كيلو الجبن الرومى ارتفعت من 85 جنيهاً إلى 100 جنيه حالياً، فضلاً عن زيادة رواتب العمالة فى ظل ارتفاع أسعار السلع بالأسواق، والتى تؤثر فى النهاية على تكلفة المنتج وعملية تسعيره بالسوق.

وفيما يخص مدى تقبل السوق زيادة سعر المنتج، أشار إلى أن الجبن الرومى ليس من السلع الأساسية للأسرة ويعتمد عليه كوجبة عشاء، إذ لجأت الأسر إلى تقليل استهلاكها من المنتج فى ظل زيادة سعره للمستهلك إلى 160 جنيهاً للكيلو.

وقال محمود عتابى، رئيس مجلس إدارة ألبان مكة، إنَّ أسعار الجبن والألبان تضاعفت مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضى.

أضاف ، أن سعر عبوة الجبنة البراميلى زنة 14.5 كيلو صافى ارتفعت بنحو 240 جنيهاً خلال شهر، لتسجل نحو 1050 جنيهاً، مقارنة بـ810 جنيهات.

وأوضح أن سعر اللبن المجفف ارتفع بنسبة 30%، إذ إنَّ الشركة لديها عبوة أساسية كانت تشتريها بـ48 جنيهاً فارتفعت إلى 68 جنيهاً فى أقل من شهرين.

كما ارتفع سعر علبة الجبنة البريزيدون زنة نصف كيلو إلى نحو 70 جنيهاً مقابل 50 جنيهاً، وكرتونة لبن المراعى 12 عبوة إلى 240 جنيهاً، مقابل 225 جنيهاً، وسعر الجبنة الرومى 132 جنيهاً للكيلو مقابل 110 جنيهات.

وقال إبراهيم الحدودى، مدير عام التصدير والتسويق الدولى بشركة الصباح للصناعات الغذائية، إنَّ المتغيرات التى طرأت على الشركات المنتجة للألبان ومنتجاتها خلال العام الحالى، سواء من ندرة الخامات المستوردة أو ارتفاع أسعار الخامات المحلية، جعل الشركات أكثر مرونة فى إيجاد بدائل لضمان استمرار عملية الإنتاج.

أضاف أن الشركات لجأت إلى البديل المحلى عندما تعرضت لندرة فى الخامات المستوردة، وكانت بنفس المرونة فى اللجوء إلى المخزون من الحليب المجفف فى ظل انخفاض الكميات المتوفرة من اللبن الطبيعى الطازج.

كما دفع التضخم فى السوقين المحلى والعالمى الشركات إلى توجيه السيولة لشراء الخامات لضمان توفير مخزون منها وتخوفاً من زيادات جديدة فى الأسعار، أو نقص المعروض وتعطل سلاسل التوريد.