بقلم : الدكتور / سيد البدوى
دكتوراه فى إدارة الإعمال ومدير عام شركة الأسد للأعلاف والتفريخ
كانت الحياة ـ ولا تـزال ـ تعصف بهـا ألوان من المشاكل، وأشكال من الأزمات، وكان الإنسان ولا يـزال يقاوم أحداثها، وينازل أطرافها، ويكابد نتائجها، يستمر تارة، وينقطع تارة، يبلغ به ذكاؤه إلى أهدافه حيناً، ويقصر به حيناً، ينجح مرة، ويخفق أخرى.
وأخذت الأزمات تتنوع في مجالاتهـا، وتشتد في خطرها، فجعل الإنسان يستفيد مــن تجــاربه -الناجحة والمخفقة على السواء -وأخذ يصهر ركام خبراته بالنقد البناء، ثم تلقف بعد ذلك اللبنات الصالحة الباقية فشيّد بها بناءً علمياً تراكمت أجزاؤه عبر الأبحاث العلمية الرصينة والخبرات الحياتية الرائدة، فعلا بناؤه في فضاء المعرفة الإنسانية، واصطُلح على تسميته بـ “إدارة الأزمات”.
ويتعرض قطاع الاعلاف للكثير من الازمات واخر هذه الازمات ، الارتفاع الجنوني في أسعار جميع مدخلات الإنتاج في صناعة الاعلاف.
وفيما يلى نتعرض للموضوع وفقا للمنهج العلمى لحل المشكلات وذلك على النحو التالى :
أولا : تحديد المشكلة :
المشكلة على المستوي المحلى:
فى ظل الارتفاع المستمر الذى تشهده أسعار الأعلاف داخل مصر نتيجة لارتفاع أسعار الخامات العالمية ما نتج عنه تراجع شديد فى الاستيراد وتصاعد مستمر لأسعار الأعلاف بشكل غير مسبوق، مما عمل على تعرُّض جميع المربين لخسائر شديدة نتيجة لزيادة التكلفة، مما اضطر العديد منهم للخروج من المنظومة والتوقف عن التربية لعدم قدرتهم على الصمود أمام هذه الأسعار، حيث يُعتبر مربى التسمين هو الحلقه الأضعف في صناعة الدواجن والطرف الأكثر تعرضا للخسارة عكس الشركات الكبرى التى لديها العديد من الصناعات الأخرى، ولكن فى نفس الوقت نالت مصانع الأعلاف جزءاً كبيراً من هذه الأزمة، بل وقع اللوم عليها في ارتفاع الأسعار بالرغم من توقف العديد من المصانع والباقي يعمل بنصف طاقته.
وفى ظل منافسة 1400 مصنع فى مصر للأعلاف لا يوجد من يستطيع رفع الأسعار أو التلاعب بها، بل ليس فى استطاعتهم تحقيق أى هامش ربح فى ظل تصاعد أسعار الخامات، بالإضافة إلى أن غلق بعض الدول المصدرة للذرة والصويا هو السبب فى كارثة ارتفاع الأعلاف، مما اضطرهم للبحث عن بدائل أخرى رخيصة السعر خاصة في علف المواشي ، ولكن المنتجين في قطاع الدواجن يعانون من عدم وجود بدائل للذرة والصويا، حيث لا يوجد أىة بدائل اخرى منافسة لهما.
أن مصر تحتاج لكميات كبيرة من الخامات ولم يستطع أى أحد توفيرها، حيث يتم استيراد 12 مليون طن ذرة سنوياً ولا توجد مساحات فى مصر تستوعب هذه الكميات، بالإضافة إلى أنه لا بد من تهيئة الأراضى الصحراوية لمدة من 7الى 10 سنوات حتى تكون صالحة لزراعة الذرة بالمناطق الجديدة.
أن العديد من المصانع الناشئة التى لن تتحمل الاستمرار فى ظل الأسعار الحالية ستعمل على تقليل الخامات واستبدالها بأشياء أخرى حتى تستطيع الاستمرار، مما يعمل على تقليل جودة العلف، أن الفترة المقبلة ستشهد ارتفاعاً غير مسبوق فى أسعار الدواجن بعد تمكن العديد من الأمراض من المزارع وخروج العديد من صغار المربين من الصناعة.
ان إنتاج مصر من الاعلاف يقدر ب 17 مليون طن سنويا، وما يحدث في سوق الأعلاف هو مشكلة عالمية ومتغيرات فى سوق الخامات أدت لارتفاع أسعار الذرة الصفراء بزيادة وصلت اكثر من الضعف، كما ارتفعت الصويا من 6500 جنية إلى 11300جنيه للطن وهو ما سبّب ارتفاع الأسعار بشكل كبير داخل مصر، وهو ما لم يحدث من قبل نتيجة انخفاض الامدادات للسوق المحلية من الذرة والصويا، لذا أصبحت الأسعار متغيرة يومياً بشكل غير مسبوق، مما أثر على الصناعة وأصحاب المصانع.
أن طاقة المصانع الموجودة ضعف الاحتياج نتيجة للاستمرار فى إصدار التراخيص المستمرة لمصانع الأعلاف إلى أن وصلت طاقة الإنتاج إلى 17 مليون طن سنوياً فى الوقت الذى يصل احتياج مصر فيه من 8.5 إلى 9 ملايين طن، مما اضطر بعض المصانع للعمل بنصف طاقتها وسبّب لهم خسائر كبيرة.
بالإضافة إلى أن مصر احتلت المركز الخامس فى قائمة الدول الأكثر استيرادًا للذرة فى العالم بنهاية عام 2020، بقيمة تصل إلى 1.88 مليار دولار أمريكى
وتعد مصر الأولى عالميًا فى استيراد الذرة من أوكرانيا خلال الموسم الزراعي 2020-2021، وفقًا لما نشر على موقع بى بى سى عربى.
تحديد المشكلة على المستوى الدولى:
قالت منظمة (الفاو) إن نحو 25 مليون طن من شحنات الحبوب عالقة في أوكرانيا بسبب تحديات البنية التحتية وإغلاق موانئ البحر الأسود، فيما أشارت في تقريرها إلى وجود “أدلة غير مؤكدة” بنقل روسيا لآلاف الأطنان إلى أراضيه.مما دعا منظمات أممية الى القول ان: “المجاعة ستتفاقم بسبب الحرب في أوكرانيا”
يذكر أن أوكرانيا كانت رابع مصدر للذرة في العالم في موسم 2020-2021 وسادس أكبر مصدر للقمح، وفقًا لبيانات مجلس الحبوب الدولي.
وقال نائب مدير قسم الأسواق والتجارة في منظمة الفاوخلال مؤتمر صحفي في جنيف: “إنه وضع غريب نراه في الوقت الحالي في أوكرانيا حيث يمكن تصدير ;كميات كبيرة من الحبوب، لكن لا يمكن نقل الشحنات لمجرد الافتقار إلى البنية التحتية، والحصار المفروض على الموانئ”.
أن امتلاء الصوامع قد يؤدي إلى نقص في منشآت التخزين خلال موسم الحصاد المقبل في يوليو وأغسطس. “وفي ظل استمرار الحرب، فإن ظروف الحصاد تبدو صعبه مما يعني عدم وجود سعة تخزين كافية في أوكرانيا، خاصة إذا لم يكن هناك ممر مفتوح للتصدير.
كما حذّر اليوم المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة من أنّ تأثيرات الحرب في أوكرانيا سوف تطال المستهلكين في مختلف أرجاء العالم فيما تهدد الزيادات الناجمة عنها في أسعار الأغذية والطاقة والأسمدة في مواسم الحصاد المقبلة
“سُجّل مؤخرًا ارتفاع حاد في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل الحبوب والزيوت النباتية، ما انطوى على تكاليف باهظة على المستهلكين في العالم، لا سيما الأشدّ فقرًا من بينهم. إنه في ظلّ ارتفاع أسعار الطاقة بموازاة ارتفاع أسعار الأغذية، “شهدت القوة الشرائية للضعفاء من المستهلكين والبلدان تراجعًا إضافيًا.
ومن شأن الارتفاع الحالي لأسعار الأسمدة أن يؤدي في هذه الأثناء إلى تدني استخدام الأسمدة خلال الموسم المقبل وما بعده ربما، مع احتمال ملموس في حدوث تراجع في إنتاجية الأغذية والحبوب وبالتالي مزيد من ارتفاع أسعار الأغذية والحبوب.
أنّ هذا يعني أنّ الاختلالات التي تصيب الإمدادات في هذين البلدين سوف تمتدّ تداعياتها على النظم الزراعية والغذائية العالمية كافة ، حيث تستحوذ روسيا وأوكرانيا معًا على 30 % تقريبًا من الصادرات العالمية من القمح والحبوب، و80 % تقريبًا من الصادرات العالمية من دوار الشمس، وتعدّ روسيا أكبر مصدّر للأسمدة.