الميلامين وخطورة تواجده في ألبان الأطفال و أعلاف الحيوانات و بعض الأدوية البيطرية

بقلم : الدكتورة/ أمينه محمد الامين محمود نصير

باحث صحة الأغذية بمعهد بحوث الصحة الحيوانيه – فرع الزقازيق

تحت اشراف

ا.د/ وائل محمد صلاح الدين أحمد

رئيس بحوث صحة الأغذية بمعهد بحوث صحة الحيوان – فرع الزقازيق

كلمة ميلامين(melamine) أصلها ألماني وهي كلمة مركبة من شقين، الأول ميلام (Milam) وهو أحد مشتقات تقطير الأمونيم (Ammonium thiocyanate) والثاني أمين (amine) وهو أحد القواعد البنائية للبروتين، و اسمها الكيميائي 2,4,6-Triamino-s-triazine و رمزها الكيميائي C₃H₆N₆ وتحتوى مادة الميلامين على 66% من وزن كتلتها على عنصر النيتروجين.

التركيب الكيميائي للميلامين

كيف يتم تصنيعه؟

بدء تصنيع الميلامين بواسطة العالم الألماني Justus Von Liebig  و يتم ذلك بتحويل الكالسيوم سيناميد إلي داي سيناميد الذي يسخن حتى درجة الانصهار ليتحول إلي ميلامين .

أما في الوقت الحالي فيتم تصنيع الميلامين في خطوتين الخطوة الأولي  بتحويل اليوريا لحمض السيانيك و الأمونيا ثم تتم بلمرة حامض السيانيك إلي ميلامين و ثاني أكسيد الكربون.

استخدامات الميلامين

• يستخدم الميلامين بإتحاده مع الفورمالدهايد في صناعة الميلامين ريسين و هي مادة بلاستيكية مقاومة للحرارة تستخدم في صناعة الأطباق و أدوات المائدة.

• صناعة بعض المبيدات الحشرية مثل سيرومازين.

• يدخل في صناعة خلطات الخرسانة عالية المقاومة.

• يدخل في العديد من الصناعات المتنوعة مثل صناعة الأحبار و البلاستيك الملون و الغراء و المواد اللاصقة و الألياف الصناعية.

• يدخل في صناعة الأسمدة لاحتوائه علي نسبة عالية من النيتروجين.

• يدخل في صناعة الأخشاب المصنعة و ألواح الفرومايكا.

• يدخل الميلامين في صناعة بعض الأدوية التي تستعمل في المجال البيطري لعلاج التريبانوسوما.

مصادر تلوث الغذاء بالميلامين

نتيجة لاحتواء الميلامين علي نسبة عالية من النيتروجين، قام البعض بإضافته لألبان الأطفال بغرض الغش و ذلك لرفع نسبة البروتين بشكل غير حقيقي لأن تحليل تركيز البروتين في الغذاء يعتمد بشكل أساسي علي نسبة النيتروجين مما يعطي نتائج كاذبة و غير حقيقية و ساعد علي ذلك تشابه مسحوق الميلامين الشديد مع مسحوق اللبن المجفف بالإضافة لرخص سعره و عدم وجود رائحة له، و من هنا تكمن شدة خطورة تلك المادة حيث أن غالبية مستهلكي الألبان هم من الأطفال و هي فئة حساسة جدا للتسمم بتلك المادة. و لنفس الأسباب السابقة يضاف الميلامين أيضا للأعلاف لرفع نسبة البروتين بشكل غير حقيقي عند تحليلها كما ذكرنا في حالة غش الألبان به.

سمية الميلامين

عندما تختلط مادة الميلامين بحمض السيان يوريك (Cyan uric acid) يؤدي ذلك لتكوين حصوات في الكلى نتيجة لتكوين مادة السيان يورات غير الذائبة، وتؤدي للفشل الكلوي و هو من أكبر المخاطر التي تهدد الأطفال الرضع و التي يتسبب فيها تلوث ألبان الأطفال بالميلامين كما سنبين فيما بعد. والميلامين لا يتم تمثيله غذائيا في الجسم و غالبا يخرج عن طريق البول، ويقدر نصف عمره فى بلازما الدم فى حدود 3 ساعات. و الجرعة المميتة لـ 50 % من حيوانات التجارب (LD50 ) تعادل 3161 مجم/كجم من وزن الجسم فى الجرذان. و لا توجد دراسات عن سمية مادة الميلامين فى الإنسان عند التناول عن طريق الفم. و معظم الدراسات التي أجريت على حيوانات التجارب (الجرذان, الفئران و الكلاب) لدراسة سمية الميلامين عند تناوله عن طريق الفم بينت أنه يؤدي إلى حدوث التهابات وتكون حصوات في الكلى بالإضافة إلى زيادة في نمو نسيج المثانة (Hyperplasia) بالإضافة إلى ذلك أظهرت الدراسات التي أجريت على الجرذان أن الحد الأدنى للمتناول من الميلامين دون ظهور الأعراض كان 63 مجم/كجم من وزن الجسم /يوم لمدة 113 أسبوع. و قد بينت الدراسات التي أجريت على القوراض وجود تباين في الأعراض بين الذكور و الإناث, فالذكور في الغالب تظهر لديهم حصوات في المثانة بينما لا تظهر هذه الأعراض على الإناث و عند تحليل حصوات المثانة المتكونة ثبت أنها تكونت من الميلامين و حمض السيان يوريك فى شبكة من البروتين، وقد خلصت الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية إلى أن هناك دلائل كافية مستنبطة من الدراسات و الأبحاث التي أجريت على حيوانات التجارب بأنه لم يثبت أن مادة الميلامين مسرطنة للإنسان أو أنها تؤثر على المورثات الجينية في الخلايا، و وضحت الدراسات أن ظهور الخلايا السرطانية فى المثانة قد حدث فى ذكور الجرذان عند تناول ميلامين بتركيز 4500 جزء في المليون (اى ما يعادل 225 مجم/كجم من وزن الجسم/يوم) لمدة 103 اسبوع ولكن لم تظهر هذه الأعراض على إناث الجرذان او ذكور  اناث الفئران. و أثبتت التحاليل أن الأورام المتكونة كانت مرتبطة معنويا بشكل طردى مع كل من تكون لديه حصوات المثانة وتناول جرعات كبيرة من الميلامين. كما أظهرت نتائج الدراسات أن وجود مادتى الميلامين وحمض السيان يوريك مع بعضهما ادى الى تكون حصوات المرارة بينما لم تتكون هذه الحصوات عند تناول الميلامين على حده أو الاميلين (ammeline) أو الاميليد (ammelid) المشابهان للميلامين بشكل منفرد. ومركب الميلامين سيان يورات (ميلامين مع حمض السيان يوريك) له درجة ذوبان منخفضة ويعتقد ان الميلامين وحمض السيان يوريك يمتصان عن طريق الأمعاء ثم يترسبان لتكوين حصوات في الكلى.

التسمم الحاد

أقرت العديد من البحوث التي أجريت في هذا المجال بأن الجرعة المميتة من الميلامين لحيوانات التجارب مثل الفئران والأرانب قد قدرت بحوالي 3248 مجم/كجم و أكثر من 1500 مجم/كجم من وزن الجسم على الترتيب. وفى دراسة أجريت في روسيا وجد أن استخدام الميلامين سيان يورات كمادة مقاومة للحرائق كان أكثر سمية من الميلامين أو حمض السيان يوريك.

التسمم المزمن

لوحظ ان تناول الأغذية الملوثة بمادة الميلامين على فترات طويلة أدى إلى فشل أداء الجهاز التناسلي والمثانة وتكوين حصوات كلوية و التي أدت إلي الإصابة بمرض السرطان.
وفى الصين تعتبر مادة الميلامين من المواد المصنفة أنها تحت المراقبة ولكن أدى استخدامها غير الشرعي في غش حليب الأطفال إلى كارثة شهيرة في عام 2008والتي أدت إلى تسمم العديد من الأطفال ووفاة عدد منهم من جراء تناول هذه المنتجات الملوثة بها.  قبل كارثة تلوث حليب الأطفال الصيني بالملامين، أعلنت الولايات المتحدة في عام 2007 عن نفوق عدد كبير من الحيوانات الاليفة (القطط والكلاب) نتيجة تناول أعلاف ملوثة بمادة الميلامين الكيماوية السامة، وأعقب ذلك اكتشاف تلوث أعلاف الدواجن بهذه المادة في ست ولايات أمريكية، وتم تقدير أعداد الطيور التي تناولت الأعلاف الملوثة بحوالي 3 مليون طائر. كما تلي ذلك اكتشاف تلوث مادة جلوتين القمح ومادة بروتين الأرز المستوردة من الصين بمادة الميلامين والتي تستخدم في تصنيع أعلاف الدواجن والخنازير في ولاية إنديانا الأمريكية.

الحدود الآمنة المسموح بها للميلامين

 أعلنت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية في تقريرها المنشور فى أوائل أكتوبر 2008بان المستوى الآمن من الميلامين فى الغذاء للأشخاص البالغين يقدر ب 5ر2 جزء فى المليون ولم يتم الاعلان بعد عنه بالنسبة للأطفال. كما تنوى الهيئة الإعلان عن عدم السماح المطلق لبيع غذاء ملوث بالميلامين على أية حال. كما نشرت أيضا هيئة الغذاء والدواء الأمريكية من خلال تقرير عن تحليل مخاطر التلوث بالميلامين أن الحد اليومي المسموح بتناوله من الميلامين هو 63ر0 مجم/كجم من وزن الجسم. وفى نفس الصدد نشرت هيئة سلامة الغذاء الاوروبية ان الحد اليومى المسموح به هو 5ر0 مجم/كجم من وزن الجسم بالنسبة للميلامين ومشابهاته (الاميلين؛ الاميليد و حمض السيان يوريك)، من ناحية أخري قدرت الصين الحدود الآمنة المسموح بها للميلامين في ألبان الأطفال 1 مجم/ كجم، أما الحليب السائل فالحدود المسموح بها للميلامين 2.5 مجم/ كجم.

أهم الأغذية التي سبق اكتشاف نسب عالية من بالميلامين بها

• في عام 2008 تم اكتشاف تلوث ألبان الأطفال بالصين بالميلامين بنسب عالية، و قد أدت هذه الكارثة لإصابة بعض الأطفال الرضع بالفشل الكلوي، كما تم اكتشافه في بعض أنواع الحليب المستوردة من الصين.

• تم اكتشاف الميلامين في أحد أنواع الشاي المخلوط بالحليب لإحدي شركات الشاي العالمية.

• تم اكتشافه أيضا في أعلاف الدواجن و الحيوانات في العديد من دول العالم.

• حلوي الأطفال التي يدخل في تصنيعها الألبان و الجلوتين تم اكتشاف نسب عالية من الميلامين بها.

• اللحوم المصنعة وجد بها نسب عالية من الميلامين.

الخطوات الواجب اتخاذها لتجنب أخطار الميلامين

علي الرغم من أنة – بفضل الله سبحانه و تعالي-  لم يتم اكتشاف حوادث تلوث غذائي بالميلامين في مصر حتى الآن إلا أننا لن نكون بمنأى عن هذا الخطر إذا لم نتوخي أقصي درجات الحرص و الحذر فيما يتعلق بهذا الأمر و لذلك فعلينا اتخاذ الخطوات التالية:

• فرض الرقابة الصارمة علي ألبان الأطفال المحلية و المستوردة خاصة ما يأتي منها من دول جنوب شرق آسيا.

• تغليظ العقوبة القانونية علي جريمة غش ألبان الأطفال لتكون أكثر شدة من غش باقي أنواع الأغذية و ذلك لردع من يقومون بهذا العمل الإجرامي.

• دعم المراكز البحثية و تشجيعها علي القيام بفحص الأغذية المعرضة للتلوث بالميلامين بشكل دوري للتأكد من سلامتها.

المراجع:

• http://www.sciencebase.com/

• موقع ويكيبيدييا الموسوعة الحرة http://ar.wikipedia.org

• http://www.who.int/ar/موقع منظمة الصحة العالمية

4- http://www.nytimes.com/ موقع خاص بجريدة نيويورك تايمز