بقلم : الدكتور / تميم الشحنة
طبيب بيطري من دولة سوريا الشقيقة
مما لا شك فيه أن الأمور الإدارية في مزارع الدواجن هي الأساس في وجود الأمراض وعدم وجودها في مزارع الدواجن.
فإن كانت التهوية والفرشة والحرارة والمشارب والمعالف واتخاذ اجراءات الأمن الحيوي والتطهير….. إلخ جيدة فذلك سيجعلنا بعيدين إلى حد كبير عن الأمراض والتي يكون سبب الكثير منها ناتج عن أسباب سوء الإدارة
والعكس صحيح…..
في هذا المقال سأتحدث بشكل خاص عن قطعان الأمهات
وتحديداً فيزيولوجيا الإخصاب وعلاقتها بارتفاع درجة الحرارة في العنبر.
كثيراً ما نلاحظ في المفاقس الآلية مشاكل عديدة تؤثر على نسبة الفقس الطبيعية وإحدى هذه المشاكل هي نسبة الإخصاب القليلة
وهنا يبدأ المربي واحياناً الطبيب المشرف بالقول “إن الديوك لدي من أفضل ما يكون وتمتلك خصى كبيرة وجيدة فلماذا نسبة الإخصاب سيئة”
لكن هل هذا يكفي لتحقيق نسبة فقس جيدة؟؟؟ طبعاً هذا لا يكفي والأمر معقد اكثر من ذلك.
في مقالة سابقة لي في مجلة “دواجن الشرق الأوسط وشمال افريقيا” ذكرت بشيء من التفصيل عن بعض المعايير التي يجب اخذها بعين الاعتبار عند اختيار ديوك التلقيح طبعاً إحدى هذه المعايير هي وزن الخصى ولكنه ليس المعيار الوحيد.
(الصورة1) توضح تطور وزن الخصى بازدياد عمر الديوك.
ولكن إن تحققت جميع هذه المعايير وكانت الديوك فعلاً جيدة بكل المعايير فهل ذلك يكفي لتحقيق نسبة إخصاب جيدة؟؟؟
ذلك لا يكفي لأننا وخلال الوقت الماضي كنا نغفل دور الأنثى في الإخصاب وهو دور كبير جداً لا يمكن إغفاله أبداً.
هذا الموضوع متشعب ومتداخل كثيراً وقد ذكرت سابقاً في مقال لمجلة سافكو عن عملية Spiking أن الفرخات عندما تتقدم بالعمر فإنها من الناحية الفيزيولوجية تحتاج إلى عدد أكبر من مرات التزاوج للحفاظ على مستوى الخصوبة
وفي الوقت نفسه تصبح الديوك أقل اهتماماً ومقدرة على التزاوج عندما يتقدم القطيع بالعمر (40 أسبوع تقريباً)
وشرح عملية Spiking مفصل في مقال سابق لي كما أسلفت وجميع المقالات موجودة في مجموعة (عالم الدواجن Poultry world)
ولكن ما هي هذه الآلية الفيزيولوجية في الفرخات التي تجعل الفرخة عندما تتقدم بالعمر تحتاج لعدد اكبر من مرات التزاوج حتى وإن تم تلقيحها تجريبياً من ديوك فتية ونشيطة جنسياً؟
الدراسات لا تزال مستمرة حول آليات الإلقاح عند الطيور ولم نحظ بعد بنظرة شاملة حول الموضوع
فإحدى المواضيع التي ذكرتها سابقاً أيضاً هي التلقيح بأكثر من نطفة في الطيور (Polyspermy) وقد تم تفصيله في مقال سابق أيضاً وشرحت فيه أن تكون الجنين في الطيور (والبرمائيات والزواحف) يحتاج ليكتمل لأن تدخل أكثر من نطفة واحدة(20_60) نطفة للبويضة لاتمام عملية ما سمي بتنشيط البيض لبدء تنمية الجنين حيث تتحد نطفة واحدة مع بويضة واحدة ولكن لا بد من تواجد النطاف الإضافية.
أما محور تلمقال اليوم هو أهمية انثى الطيور في عملية تخزين الحيوانات المنوية لمدة طويلة بعكس الثديات
بعض الأبحاث سابقاً ذكرت أن النطاف لا تصبح فعالة إلا بدخولها جيوب تخزين النطاف التي تقع عند التقاء منطقة الغدة القشرية بالمهبل ولكن لا نعرف تماماً الكيفية أو مدى صحة هذه الدراسات
إحدى الدراسات من قسم الكيمياء البيولوجية التطبيقية /كلية الزراعة/جامعة شيزوكا/اليابان للباحثين Tomohiro SASANAMI, Mei MATSUZAKI, Shusei MIZUSHIMA, and Gen HIYAMA
الدراسة طويلة جداً وتفصيلية ولكنني اخترت منها:
كثيرا ما لوحظت القدرة على تخزين الحيوانات المنوية للأنثى في الفقاريات وكذلك اللافقاريات وذلك بسبب وجود نظام يحافظ على الحيوانات المنوية المنزوعة حية من القناة التناسلية الأنثوية في مجموعة متنوعة من الحيوانات.
يبدو أن هذه الاستراتيجية ذات فائدة كبيرة في استنساخ الحيوانات.
ولكن آلية تخزين الحيوانات المنوية في الجهاز التناسلي الأنثوي لم تكن مفهومة حتى وقت قريب في أنواع الطيور.
إلا أنه حديثاً تم اكتشاف آليات الالتقاط الأنبوبي البسيط المتخصصة والمشار إليها باسم نبيبات تخزين الحيوانات المنوية SSTs)) في قناة البيض كجهاز لتخزين الحيوانات المنوية.
وبما أن تخزين الحيوانات المنوية في أنواع الطيور يحدث عند درجات حرارة الجسم العالية(41درجة مئوية) فإن توضيح آلية تخزين الحيوانات المنوية قد يؤدي إلى تطوير استراتيجيات جديدة لحفظ الحيوانات المنوية في درجات الحرارة المحيطة وبالتالي استخدامها في عدد لا يحصى من تطبيقات الاستنساخ.
ولتحقيق الإخصاب ، يجب أن تواجه الحيوانات المنوية البويضات في الوقت المناسب وفي المكان المناسب.
لا يُعتقد أنها مهمة سهلة للحيوان المنوي في الجسم الحي لأنها يجب أن تهاجر داخل السبيل التناسلي الأنثوي وتصل إلى موقع الإخصاب عندما تكون البويضات هناك
.أيضا ، توقيت الإباضة في الأنثى لا يتطابق دائما مع وقت التلقيح من قبل الذكرومن أجل زيادة فرصة لقاء الأمشاج تخزن الأنثى الحيوانات المنوية في جهازها تناسلي. وكثيرا ما توجد القدرة على تخزين الحيوانات المنوية في الجهاز التناسلي الأنثوي في مجموعة متنوعة من الحيوانات بما في ذلك الحشرات والأسماك والبرمائيات والزواحف والطيور والثدييات.
من أجل تخزين الحيوانات المنوية ، تمتلك الإناث بنى متخصصة في مسالكها التناسلية ، مثل مستودعات الحيوانات المنوية في أنواع الثدييات أو أكياس تخزين الحيوانات المنوية في البرمائيات أو أكياس وأوعية التخزين المنوية في الحشرات .
وهذه البنى تحتفظ بالحيوانات المنوية حتى وقت الإباضة أو وقت نقل البويضات إلى موقع الإخصاب. بالإضافة إلى وظيفتها للمساعدة في نجاح الإخصاب ، ويعتقد أيضا أن أجهزة تخزين الحيوانات المنوية تعمل على اختيار الحيوانات المنوية في الجهاز التناسلي للأنثى.
وهذا الاختيار للحيوانات المنوية من قبل الأنثى ربما يزيد من الجودة الوراثية للأحفاد وعدد النسل عن طريق اختيار الحيوانات المنوية التي تودعها الذكورالمختلفة في قناة البيض في فترات مختلفة (الاختيار الخفي من قبل الإناث).
مما ذكر سابقاً يمكننا القول أن تعمل القناة التناسلية الأنثوية لا تعمل فقط كمسلك لترحيل الحيوانات المنوية إلى موقع الإخصاب ، ولكنها توفر أيضًا آليات طبيعية تضمن إخصاب البويضات بالحيوانات المنوية المفضلة في الوقت والمكان المناسبين.
في أنواع الطيور توجد أنواع معينة من الإنغلافات الأنبوبية البسيطة والمتخصصة والمشار إليها باسم قنوات تخزين النطاف sperm storage tubules واختصاراً (SSTs) الموجودة في قناة البيض عند الأنثى (الصورة2).
وبسبب وجود هذه البنى فبمجرد دخول النطاف إلى القناة التناسلية الأنثوية فإنها سوف تستطيع البقاء على قيد الحياة 2_15 أسبوعاً في الطيور الداجنة بما في ذلك الدجاج والديك الرومي والسمان والبط وذلك اعتماداً على الأنواع بعكس مدة حياة الحيوانات المنوية القصيرة نسبياً عند الثديات (عدة أيام).
استمراراَ بالكلام الفيزيولوجي التناسلي
وبالتحديد عن دور الأنثى في الإخصاب بعد كل ما ذكرناه
هل فعلاً أن الأنثى هي من تقوم بتفعيل النطاف وجعلها متحركة أو ابقائها في وضع السكون داخل قنوات تخزين النطاف الأنبوبية الموجودة في منطقة تقاطع (الرحم_المهبل)
في دراسة نشرت في ديسمبر 2015 في موقع المركز الوطني لمعلومات التقانة الحيوية National center for biotechnology information واختصاراً (NCBI) توضح تأثير حمض اللاكتيك على سكون النطاف
تزداد يوماً بعد يوم ثقتي الكبيرة في الدور الهام جداً لإناث الطيور في عملية الإخصاب وأنه فعلاً القنوات الأنبوبية لتخزين النطاف(SSTS) هي التي تقوم بتفعيل النطاف لتتحرك و تقوم بالالتقاء بالبويضة أو إبقائها ساكنة لحين موعد التقائها بالبويضة.
نقلت لكم ما يلي:
على الرغم من أن التخصيب الناجح يعتمد على المواجهات في الوقت المناسب بين الحيوانات المنوية والبويضة ، فإن فصل التزاوج والتخصيب غالباً ما يمنح المزايا الإنجابية للحيوانات المخصبة داخليا
في الطيور ، يمكن تخزين الحيوانات المنوية المقذوفة في قناة البيض في حالة ساكنة أو هامدة داخل أنابيب تخزين الحيوانات المنوية (SSTs) الموجودة ضمن قناة البيض، وبالتالي الاحتفاظ بالخصوبة لمدة تصل إلى 15 أسبوعًا عند درجة حرارة الجسم (41 درجة مئوية) .
ومع ذلك ، فإن الآلية التي تصبح بها الحيوانات المنوية المتحركة ساكنة في (SSTs) غير معروفة.
هنا نظهر أن تركيزات منخفضة من الأوكسجين وتركيزات عالية من حمض اللاكتيك يتم تكوينها في قنوات تخزين النطاف الأنبوبية الموجودة ضمن قناة البيض (SSTs) وبالتالي فإن الهدوء السوطي الناجم عن تركيز معين(وهذا مهم جداً لأن حمض اللاكتيك بالتراكيز الكبيرة يعتبر قاتلاً للحيوانات المنوية ويستخدم في موانع الحمل) من حمض اللاكتيك أسيد الموجود في (SSTs) يحدث من خلال تعطيل ذراع الداينين dynein بعد التحمض السيتوبلاسمي ph<6.0)).
(لا بد من الإشارة ان ذيل النطفة هو عبارة عن سوط طويل له محور مركزي axoneme ينشأ من بنية تقع خلف النواة تسمى الجسيم القاعديbasal body يتكون المحور المركزي من أشفاع محيطية من النبيبات الدقيقة عددها9 عند الثديات وشفع مركزي ولكل شفع من هذه النبيبات ذراع يسمى ذراع الداينين dynein وهو بروتين محرك motor protein يستخدم طاقة الأدينوزين ثلاثي الفوسفات ATP لزلق النبيبات مع بعضها.)
واقترحت النتائج التي توصلت إليها هذه الدراسة دورًا فسيولوجيًا جديدًا لحمض اللاكتيك في تعزيز السكون المنوي في القنوات الأنبوبية لتخزين النطاف(SSTs) وفتحت فرصة جديدة للتحسين التكنولوجي في إطالة عمر الحيوانات المنوية عند درجة حرارة الجو المحيط أو الجسم.
طبعاً ذكرنا ان حمض اللاكتيك يجب ان يتواجد بتراكيز محدودة في اماكن تخزين النطاف لأن حمض اللاكتيك يُعتبر قاتلاً للحيوانات المنوية، لذلك يُستعمل كمانع للحمل على شكل تحاميل مهبلية عند النساء “قاتل للنطاف”
