قد يكون مصطلحاً معروفاً وهو أيضاً استراتيجية قديمة أساسية لكنها أثبتت جدارتها في أوقات الأزمات وغيرها وهو: التنويع. لا أعرف حقيقةً لماذا يصر الكثير من المتداولين والمضاربين على متابعة سلعة واحدة بأداء قد يكون ضعيفاً، في وقت تبدو فيه الكثير من السلع منطلقة الى مستويات تاريخية، تحقق ما يسمى Super Cycle بسبب انقطاع سلاسل الإمداد للمنتجات الزراعية والصناعية والحيوانية، إعادة فتح الاقتصاد العالمي والطلب القوي من أكبر مستهلك للسلع في كل شيء، الصين التي تشتري وتستهلك وتصدر أحياناً كل شيء في هذا الكوكب.
نظرةً واحد للأرقام تجعلنا ندرك أن الذهب مثلاً لم يتغير تقريباً منذ بداية العام، فقط -0.04%، الفضة مرتفعة 5.5%، لكن السلع الزراعية تقول كلاماً آخر: الخشب مرتفع 50% منذ بداية 2021, الحليب 20%, القهوة 21% والأرز 8.6% في أسعار العقود الآجلة. ولو تمعنا بأرقام السلع الصناعية لوجدناه أقوى كذلك، الليثيوم الذي يدخل في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية مرتفع 91%، النحاس 32% وأخيراً الحديد 15%. هذه أرقام واقعية تحدث أمامنا منذ بداية العام وهي أكبر برهان على أن السلع المتعددة فيها قيمة حقيقية أكثر من المعادن الثمينة أحياناً، أو لنكن أكثر تحديداً: فيها قيمة تعويضية عندما يكون الذهب ضعيفاً.
مؤشر بلومبيرغ للسلع مرتفع 18% منذ بداية العام وهو يتشكل من 30% سلع الطاقة (النفط والغاز) 22% للبقوليات (فول الصويا، القمح وغيرها) 17% للمعادن الصناعية , 17% للمعادن الثمينة وكذلك 7% للمنتجات الزراعية كالسكر والقطن والقهوة.
قد يتساءل أحد ما وكيف نستفيد من ذلك وماذا يفيدني كمتداول؟ إذا كنت تاجراً يمكنك عزيزي القارئ أن تتحوط بشراء عقود السلع الآجلة مع التسليم بنهاية العقد، فلو كنت مثلاً تاجر قمح وتتوقع ارتفاع الأسعار، يمكنك أن تشتري القمح بعقد آجل لشهرين، إذا تراجع السعر سيكون بإمكانك تعديل العقد أو تبيع العقود الآجلة بينما مستودعاتك مليئة بالحبوب، تربح من البيع ومخزونك بأمان تبيعه بسعر السوق. لا تحتاج الى الكثير من المال كما يعتقد البعض، بمعنى لست بحاجة الى حساب بمليون دولار$ حتى تقوم بذلك، المهم أن تعرف تكلفة كل عقد وهذا واضح تماماً أثناء الشراء. ما بين السلع الزراعية والصناعية والمعادن الثمينة، يستحيل ألا تحدث فرصة مهمة في هذا السوق، وبالمناسبة قد تكون عقود السلع الآجلة أقل مخاطرةً من التداول المباشر Spot، المهم أن تكون الرسوم والأسعار واضحة عند البنك أو المؤسسة الاستثمارية التي تتعامل معها، ركزوا على السلع الاستراتيجية التي يحتاجها العالم فهذه سلع لا تنضب.
