أحمد إبراهيم
بعض الشخصيات جعل الله لها من اسمها نصيباً منها د. فرحة الشناوى، أستاذ المناعة والبصمة الوراثية بجامعة المنصورة، فهى دائماً تنشر الفرحة والخير على المحيطين بها، إنها سيدة وطبيبة من الزمن الجميل، قلبها مملوء بالحب لا يعرف الحقد أو الحسد والكراهية، عفيفة اللسان، صادقة، تتمتع بأدب جم وتواضع رفيع، وتعامل مرضاها بالرحمة.
فرحة الشناوى، التى ندعو الله لها بالسلامة والنجاة من الفيروس اللعين، حيث تعيش أياماً عصيبة، كانت أول امرأة تتولى منصب وكيل وعميد طب المنصورة، ثم أول امرأة تصبح نائباً لرئيس الجامعة، وهى مؤسس المركز الثقافى الفرنسى والمجلس القومى للمرأة بالدقهلية، وكانت عضو اللجنة العليا لزراعة الأعضاء، تلك هى المناصب الإدارية والأكاديمية التى تولتها، وهى الأقل فى مسيرتها العلمية والعملية وعطائها لبلدها.
تقول إن تربيتها كانت مزيجاً من الحنان مع الانضباط والحزم مع العطاء، ولم تسمع إطلاقاً والديها يتحدثان عن أحد أو فى أى شىء سوى مصلحة أولادهما، ولذلك حاولت تربية أولادها وأحفادها على هذه القيم.
الدكتورة فرحة الشناوى من أوائل الحاصلين على دكتوراه فى علم المناعة من فرنسا، وأسست معمل المناعة والبصمة الوراثية فى مركز المسالك البولية والكلى بجامعة المنصورة، والذى أسهم فى نجاح برنامج زراعة الكلى فى هذا المركز العالمى المتميز، كما ساهمت فى تأسيس برنامج زراعة الكبد بالجامعة الذى أصبح اليوم الأول محلياً والثالث عالمياً فى زراعة الكبد بين الأحياء.
وخلال عمادتها لكلية الطب انطلق أول برنامج تعليم طبى بشراكة كاملة بين جامعة مصرية وأخرى أجنبية، من خلال التعاون مع جامعة مانشستر الإنجليزية، والذى أصبح اليوم أيضاً من أهم البرامج فى الجامعات المصرية ومصدراً للدخل من العملة الصعبة لخزينة الدولة، حيث يفضله الطلاب الوافدون من الدول العربية والأفريقية وشرق آسيا.
«د. فرحة» كرّمها الرئيس السيسى مرتين؛ الأولى عام 2018 فى عيد الأم باعتبارها «امرأة متميزة»، والثانية هذا العام باختيارها من ضمن الأعضاء المعينين فى مجلس النواب، رغم تجاوزها السبعين عاماً، ولكنها ما زالت تعطى مع فريقها البحثى فى المناعة الطبية، وهو مجال مهم وجديد يساعد فى معرفة أسباب الأمراض وطرق علاجها.
فرحة الشناوى أول سيدة تحصل على وسام «ضابط عظيم» من الرئيس الفرنسى السابق «فرانسوا أولاند»، و«وسام فارس» من الرئيس الفرنسى الراحل «جاك شيراك»، كما حصلت على جائزتى الدولة التشجيعية والتقديرية، وهى واجهة مشرفة لبلدها فى الداخل والخارج، عملت وأنجزت فى صمت دون صخب أو ضجيج إعلامى.
ورغم أعبائها الوظيفية والعلمية لم تنس دورها كامرأة وأم مصرية توفى زوجها، وترك لها ثلاثة أولاد صغاراً تحملت مسئوليتهم وأحسنت تربيتهم حتى أصبحوا نافعين لبلدهم من خلال وظائفهم العلمية المتميزة.
وبجانب نجاحها فى المناصب التى تولتها، وتميزها العلمى والمهنى والأخلاقى، فإنها مثال للمرأة المصرية القدوة والنموذج، ورحلة حياتها مليئة بقصص النجاح والكفاح المشرفة مثل الملايين من أمهاتنا اللائى يعطين دون انتظار لأى مقابل.